أرشيف مدريد يقترب من كشف أسرار خطة الحسن الثاني لتحرير الصحراء

أقرت الحكومة الإسبانية برئاسة بيدرو سانشيز في نهاية يوليوز الماضي، مشروع قانون تاريخي يهدف إلى رفع السرية تدريجيا عن الوثائق المصنفة التي يزيد عمرها عن ستين عاما، وتعود بالتالي إلى حقبة نظام فرانكو. ويتوقع أن يدخل هذا التشريع، في حال اعتماده برلمانيا، حيز التنفيذ أواخر عام 2026، فاتحا الباب أمام كشف حقائق قد تؤثر بشكل مباشر على قضية الصحراء المغربية.
ويترقب المغرب باهتمام بالغ ما ستكشفه هذه الوثائق من تفاصيل حول إنشاء ما كان يعرف بـ”الصحراء الإسبانية”، والظروف التي أحاطت بتنظيم المسيرة الخضراء عام 1975، وصولا إلى ملابسات الانسحاب الإسباني من المنطقة. وتمثل هذه المعلومات المرتقبة أهمية كبرى ليس فقط للتاريخ الدبلوماسي الحديث لإسبانيا، بل أيضا للذاكرة الجماعية التي تربط المملكتين المغربية والإسبانية.
وأشارت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إلى أن خصوصية الحماية الإسبانية مقارنة بنظيرتها الفرنسية تمثلت في امتدادها على منطقتين متقابلتين جغرافيا: منطقة الشمال ومنطقة الجنوب التي شكلت الصحراء بمساحة 226 ألف كيلومتر مربع. والتي تتألف من الساقية الحمراء شمالا ووادي الذهب جنوبا.
ويعود الاهتمام الإسباني بالمنطقة إلى نهاية القرن الخامس عشر، لكن الوجود الفعلي لم يبدأ إلا بالتدريج، حيث لم تحتل مدريد إفني بشكل كامل إلا عام 1934. وفي 12 يناير 1958، تم إنشاء ما أسماه الاستعمار الاسباني بـ”الصحراء الإسبانية”، وهو ما اعتبره المغرب آنذاك، الذي كان قد نال استقلاله قبل عامين، ضربة قاسية.
وتصاعدت المطالب المغربية بإنهاء الاستعمار مع تولي الملك الحسن الثاني الحكم عام 1962، حيث تم نقل الملف إلى لجنة تصفية الاستعمار بالأمم المتحدة. وبموجب القرار الأممي رقم 2072، أعيدت مدينة سيدي إفني إلى المغرب عام 1969. وحين قررت مدريد من جانب واحد تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء عام 1974، عارض الملك الحسن الثاني بشدة ولجأ إلى محكمة العدل الدولية التي أصدرت رأيها الاستشاري في 16 أكتوبر 1975، مؤكدة أن الصحراء لم تكن “أرضا خلاء” عند استعمارها من قبل إسبانيا. وردا على ذلك، أعلن الملك الراحل عن تنظيم المسيرة الخضراء السلمية في 6 نوفمبر 1975، والتي أفضت إلى توقيع اتفاق مدريد وانسحاب الجيش الإسباني.
وقالت “جون أفريك” إنه من المنتظر أن تسلط الوثائق التي سترفع عنها السرية الضوء على العملية السياسية والدبلوماسية بين عامي 1966 و1975، بالإضافة إلى كشف أحداث أخرى بقيت طي الكتمان.
ومن أبرز هذه الأحداث، تضيف المجلة، اكتشاف إسبانيا حقول فوسفاط ضخمة عام 1963 ومحاولتها إقامة كيان صوري لضمان استغلالها. كما قد تكشف الأرشيفات عن محاولات نظام فرانكو إنشاء حركات انفصالية موجهة من مدريد، مثل “حزب الاتحاد الوطني الصحراوي”، والخلافات داخل الحكومة الإسبانية بين المؤيدين لـ “استقلال تحت حماية إسبانيا” وأنصار التوصل إلى تفاهم مع الملك الحسن الثاني.
اترك تعليقاً