مجتمع

باحثون يطورون نموذجا للتنبؤ بتغيرات المناخ بواحات المغرب قبل 3 أشهر من وقوعها

تمكّن فريق مكوّن من باحثين في تخصصات الجغرافيا وعلوم الحاسوب بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إضافة إلى باحث من جامعة هندية، من إنجاز بحث علمي رائد في مجال علوم المناخ من أجل التنبؤ بمناخ المناطق الصحراوية بالمغرب، وهو البحث المنشور حديثا في مجلة علمية نمساوية تعتبر من أقدم وأهم الدوريات الدولية المتخصصة في علوم المناخ.

ويضم الفريق البحثي كلا من عبد الصمد المتوكل، عادل مومن، عبد الخالق صديقي، آسيا زاهي، جمال الكركوري، محسن بطشي، ونورالدين النية، إضافة إلى سوراج كومار بهاݣت من كلية الهندسة المدنية والتكنولوجيا بجامعة Marwardi الهندية.

وأوضح الفريق البحثي أن هذه الدراسة اعتمدت على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدم، خاصة أسلوب التعلم العميق، من أجل التنبؤ بمناخ المناطق الصحراوية بالمملكة المغربية.

وأشار الباحثون إلى أن الدراسة مكّنت من التنبؤ بالمناخ قبل ثلاثة أشهر من حدوثه، حيث توقعت إمكانية حدوث تساقطات مطرية خلال شهر غشت الجاري بمناطق الواحات قرب ورزازات وزاكورة، وهو ما يتم تسجيله فعليا في الوقت الراهن.

وأضافوا أن هذه الدراسة من شأنها أن تساهم في استغلال هذه التوقعات في القطاع الفلاحي، خصوصا فيما يخص برمجة طلقات السدود بالمناطق المذكورة.

وأبرز الباحثون في ملخص دراستهم، أن واحات المغرب، التي تُعد أنظمة زراعية-بيئية حيوية في المناطق الجافة، تواجه أزمة متفاقمة في ندرة المياه نتيجة لتقلبات المناخ، واستنزاف المياه الجوفية، والانخفاض التاريخي في أعداد أشجار النخيل من 15 مليون شجرة إلى 4 ملايين خلال القرن الماضي.

وفي هذا الإطار، أوضحت الدراسة أنها تقترح إطارا للتنبؤ بالأمطار بالاعتماد على تقنيات التعلم الآلي (ML)، بهدف تعزيز إدارة الموارد المائية في أربع مناطق شبه جافة بالمغرب، وهي: الرشيدية، فجيج، طاطا، وزاكورة.

وأضاف الفريق أن التحليل اعتمد على بيانات الأمطار العشرية للفترة الممتدة بين 1981 و2025، مستخرجة من قاعدة بيانات مجموعة مخاطر المناخ للبيانات المدمجة من الأقمار الصناعية والمحطات (CHIRPS v2)، وتم من خلالها تطوير ومقارنة أربعة نماذج تعلم آلي متقدمة، هي: XGBoost، CatBoost، الشبكة طويلة الذاكرة القصيرة (LSTM)، والشبكة الالتفافية الزمنية (TCN).

وأبرزت نتائج الدراسة أن نموذج CatBoost أظهر تفوقا واضحا، حيث حقق في مرحلة الاختبار متوسط خطأ تربيعي (MSE) قدره 0.5430 ملم ومعامل ارتباط (R) بلغ 0.9818. كما قدّم تنبؤا دقيقا لمدة 90 يوما (من 5 مارس إلى 3 يونيو 2025)، بمتوسط R يساوي ±0 0.985 وخطأ تربيعي متوسط بلغ 0.3364 ملم.

وشدد الباحثون على أن الاتجاهات المناخية التاريخية تظهر تراجعا ملحوظا في معدلات الأمطار بعد سنة 2015، مما يبرز الحاجة الملحّة إلى أدوات تنبؤية دقيقة وفعالة.

وتؤكد هذه النتائج، وفقا للفريق، أن نموذج CatBoost قادر على التقاط الديناميكيات غير الخطية لسلوك الأمطار، مما يجعله حلا قابلا للتوسيع من أجل إدارة المياه بطرق متكيفة مع تحديات التغير المناخي، خاصة في المناطق المتضررة من شح الموارد المائية.

في المقابل، حذّرت الدراسة من بعض التحديات التي ما تزال قائمة، وعلى رأسها ندرة البيانات وصعوبة تفسير بعض النماذج المعتمدة، ما يفرض ضرورة تطوير شبكات الرصد المناخي والاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير، من أجل تسهيل تطبيق هذه الأدوات في السياسات المائية المستقبلية بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *