خارج الحدود

تقرير: أكثر من 4600 حالة عنف جنسي بمناطق النزاعات.. والإفلات من العقاب هو القاعدة

كشف تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السنوي حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات عن استمرار استخدام العنف الجنسي كأحد أساليب الحرب والإرهاب والتعذيب والقمع السياسي على نطاق واسع في مناطق النزاع حول العالم خلال عام 2024. ووثق التقرير الذي يغطي الفترة من يناير إلى ديسمبر 2024 وقوع ما يزيد على 4,600 حالة من العنف الجنسي المتصل بالنزاع تحققت منها الأمم المتحدة، مؤكدا أن الإفلات من العقاب لا يزال هو القاعدة السائدة وليس الاستثناء.

يسلط التقرير الضوء على أن النزاعات المستشرية والمتصاعدة شهدت انتشارا واسعا للعنف الجنسي، الذي يؤثر بشكل أساسي على النساء والفتيات ولكنه يطال أيضا الرجال والفتيان. ويشير المصطلح المستخدم في التقرير إلى جرائم الاغتصاب والاستعباد الجنسي والإكراه على البغاء والحمل والإجهاض القسري وغيرها من الأشكال الوحشية التي ترتكبها جهات حكومية وغير حكومية على حد سواء، بما في ذلك الجماعات التي يصنفها مجلس الأمن في فئة الجماعات الإرهابية.

يقدم التقرير صورة قاتمة للوضع في 18 دولة، حيث استمرت الجماعات المسلحة في استخدام العنف الجنسي لترسيخ سيطرتها على الأراضي والموارد الطبيعية. وسجلت جمهورية الكونغو الديمقراطية مستويات غير مسبوقة، حيث عولجت أكثر من 17 ألف ضحية في كيفو الشمالية وحدها في الأشهر الخمسة الأولى من العام.

وفي السودان، استهدفت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها النساء والفتيات من غير العرب، ولا سيما المساليت، على أساس هويتهن الإثنية. وفي هايتي، ارتكبت الجماعات الإجرامية المنظمة عنفا جنسيا ممنهجا لإحكام سيطرتها، بينما وثقت بعثة الرصد في أوكرانيا 209 حالات ارتكبتها القوات الروسية ضد مدنيين وأسرى حرب.

وأكد المصدر ذاته على أن الناجين والناجيات يواجهون تحديات هائلة، بدءا من الصدمات الجسدية والنفسية طويلة الأمد، ووصولا إلى الوصم الاجتماعي والإقصاء الاقتصادي. وتتفاقم معاناتهم بسبب محدودية الوصول إلى الخدمات الطبية والنفسية والقانونية، خاصة في المناطق النائية. وأشار التقرير إلى أن انسحاب عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من بلدان مثل مالي والسودان أدى إلى ظهور فراغات أمنية وتراجع القدرة على دعم الضحايا ورصد الانتهاكات، مما يعرض المكاسب التي تحققت بشق الأنفس للخطر.

وشددت الوثيقة على أن مستوى امتثال أطراف النزاع للقانون الدولي لا يزال منخفضا، على الرغم من الإطار القوي الذي وضعه مجلس الأمن. ودعا الأمين العام في توصياته إلى الوقف الفوري لجميع أشكال العنف الجنسي، وطالب بفرض جزاءات على الجناة المتمادين الذين تتكرر أسماؤهم في تقاريره. كما حث الدول الأعضاء على اعتماد تشريعات وطنية لتعزيز المساءلة وتوفير الدعم الشامل للناجين، بما في ذلك ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وتمويل الصندوق الاستئماني المخصص لمكافحة هذه الجرائم.

ودعا التقرير أيضا إلى إدماج أحكام تنفيذية مكرسة للتصدي للعنف الجنسي في جميع اتفاقات السلام ووقف إطلاق النار، مع ضمان المشاركة الكاملة والفاعلة للنساء في هذه العمليات. وفيما يتعلق ببعض التقدم المحرز، أشار التقرير إلى إدانة مسؤولين رفيعي المستوى في غينيا وإصدار تعويضات للناجيات الأيزيديات في العراق، لكنه اعتبر هذه الخطوات غير كافية لمواجهة حجم الجرائم المرتكبة عالميا، مؤكدا على ضرورة استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية والقانونية لكسر حلقة العنف والإفلات من العقاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *