احتجاجات “جيل زد” تهز سهم “أكديطال”.. تقلبات حادة في البورصة وسط مخاوف المستثمرين
تزامن هبوط السهم مع مطالب بتحسين الخدمات الصحية

شهد سهم مجموعة “أكديطال” (CBSE:AKT)، الرائدة في قطاع الصحة الخاص بالمغرب، فترة من التقلبات الحادة في بورصة الدار البيضاء خلال الأسابيع الأخيرة، متأثرا بزخم احتجاجات شبابية واسعة ومخاوف المستثمرين من تغيرات محتملة في السياسات الحكومية الداعمة للقطاع.
وبدأت رحلة التقلبات في أداء السهم مطلع شهر شتنبر 2025، حيث أغلق عند 1,561 درهما في 8 شتنبر، ليبدأ بعدها مسارا متذبذبا عكس حالة من عدم اليقين في السوق. ورغم محاولات الارتداد الصعودي التي شهدها السهم في الأيام التالية، إلا أن الضغوط البيعية سرعان ما فرضت نفسها.
ومع منتصف الشهر، دخل السهم في موجة تصحيح هابطة واضحة، حيث انخفض بشكل تدريجي من 1,520 درهما (15 شتنبر) إلى أن وصل إلى أدنى إغلاق أسبوعي له عند 1,500 درهم (17 شتنبر).
لكن نقطة التحول الأكثر دراماتيكية جاءت في الأسبوع الأخير من شتنبر، حيث تسارعت وتيرة الهبوط بشكل حاد. هوى السهم من 1,517 درهما (23 شتنبر) إلى قاع جديد عند 1,480 درهما (26 شتنبر)، قبل أن يسجل هبوطا قويا إلى 1,406 دراهم (29 شتنبر).
وبلغت ذروة التراجع مع نهاية الشهر، حيث اقترب من أدنى مستوياته عند 1,387 درهما (30 شتنبر)، ليغلق عند أدنى مستوى شهري له في اليوم الأول من أكتوبر عند 1,319 درهما، بالتزامن المباشر مع انطلاق احتجاجات “جيل زد”.
ورغم ارتداد طفيف في الجلسات الأخيرة، حيث أغلق عند 1,373 درهما (03 أكتوبر)، يبقى الوضع الفني للسهم حرجا. فبينما قد يمنح اختراق مستوى 1,400 درهم زخما صاعدا مؤقتا، فإن كسر قاع 1,319 درهما قد يفتح الباب أمام موجة هبوط جديدة، خاصة في ظل استمرار الضبابية المحيطة بالقطاع.
ضغط الشارع ومخاوف المستثمرين
في تصريح لجريدة “العمق”، أرجع الدكتور ياسين عليا، أستاذ الاقتصاد والباحث في السياسات العمومية، هذا التراجع إلى عاملين أساسيين مترابطين.
وأوضح عليا أن العامل الأول يتمثل في المظاهرات التي دعت إليها مجموعة “جيل زد 212″، والتي انطلقت احتجاجا على ضعف الخدمات في قطاع الصحة العمومي، خاصة بعد حادثة وفاة 8 نساء بمستشفى الولادة في أكادير.
وأضاف أن “هذا الزخم أثر بشكل كبير على الصحة والعافية للسهم، مما يؤشر إلى أن المستثمرين يخافون في هذا القطاع من انعكاسات الاحتجاجات”.
وأشار الدكتور عليا إلى أن مطالب المحتجين، التي تمحورت حول تعميم قطاع الصحة بشكل كامل، ورغم وصفه لها بـ”غير الموضوعية أو غير الواقعية”، أثارت مخاوف المستثمرين من احتمالية فرض قيود أو تغييرات تشريعية على القطاع الخاص، مما أدى إلى موجة بيع وتراجع في قيمة السهم.
أما العامل الثاني، بحسب الباحث، فيتعلق بتصريحات وزير الصحة حول تراجع الدعم الحكومي الموجه للاستثمار في المصحات الخاصة، مؤكدا أن “هذا العامل، بالإضافة إلى عدم الاستقرار العام في البورصة المغربية، ساهم في تعميق موجة النزول لسهم أكديطال”.
وعلى الرغم من هذه الضغوط، يرى الدكتور ياسين عليا أن التراجعات الحالية تبقى “ظرفية”، مشددا على أن مجموعة أكديطال تمتلك أسسا قوية، حيث “حققت نتائج إيجابية وقفزة نوعية كبيرة بعد دخولها للبورصة”.
وأشار إلى أن التوسع الكبير للمجموعة خارج المغرب، وتوجهها نحو الاستثمار في دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية، يدل على متانة نموذجها الاقتصادي وقدرتها على النمو، مما يعني أن الأزمة الحالية مرتبطة بلحظة محددة وليست انعكاسا لضعف هيكلي.
وتوقع عليا أن يستعيد السهم زخمه وثقة المستثمرين قريبا، معتبرا أن قطاع الصحة “يشكل أحد أهم الأولويات للمغرب، ويملك عوامل مرجعية قوية تدعم استمراره”، خاصة مع التحديات الكبرى القادمة مثل تنظيم كأس العالم 2030، والذي يتطلب بنية تحتية صحية قوية.
وختم الباحث قرائته للمشهد بنظرة متفائلة، مؤكدا أن مشروع تعميم التغطية الصحية سيفتح في النهاية المجال أمام القطاع الخاص للاستحواذ على حصة أكبر من السوق، مما سيضمن استمرار تحسن أداء أسهم أكديطال على المدى الطويل، ويجعل من هذا القطاع ركيزة أساسية للاستثمار المستدام في المغرب.
اترك تعليقاً