المغرب العميق، مجتمع

مركز صحي مجهز بلا طبيب يترك ساكنة “إزناكن” نواحي ورزازات في مواجهة المعاناة

على الرغم من الجهود المعلنة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية في تطوير البنية التحتية الصحية، يعيش سكان جماعة إزناكن بإقليم ورزازات واقعا مؤلما، حيث يعاني المركز الصحي القروي من المستوى الثاني “أصديف” من غياب تام للطبيب، ما حوّل بنايته الحديثة وتجهيزاته المتطورة إلى مجرد هيكل فارغ لا يخدم الغاية التي أُنشئ من أجلها.

ويقتصر نشاط المركز على خدمات محدودة تقدمها ممرضات، في حين تظل الحالات المستعجلة، خاصة المتعلقة بالأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، بلا رعاية طبية كافية. هذا الوضع يضطر الأهالي إلى قطع عشرات الكيلومترات نحو أقرب مؤسسة صحية مجهزة، في رحلة شاقة تثقل كاهلهم ماديا وجسديا.

ويصف سكان المنطقة غياب الطبيب بأنه “إهدار للمال العام ومعاناة إضافية” للمواطنين في منطقة تعاني أصلا من التهميش. وفي شهادات لجريدة “العمق المغربي”، أكد المواطنين عمر طالب وخديجة أيت علي الحسن أن المركز، رغم توفره على تجهيزات حديثة، لم يحقق هدفه الأساسي في تقريب الخدمات الصحية من المواطنين.

وأشار طالب إلى أن الخطر الأكبر يكمن في الغياب التام للأطر الطبية، ما يترك السكان عرضة للموت في حالات الطوارئ، مثل لدغات العقارب والأفاعي المنتشرة بالمنطقة. من جهتها، شددت خديجة أيت علي الحسن على ضرورة إرساء خدمة الحراسة الطبية (permanence) وتوفير سيارة إسعاف لإنقاذ الأرواح في الوقت المناسب.

المعاناة ذاتها تتكرر في المركز الصحي الأول بسوق الخميس، الكائن بمقر الجماعة، والذي يقدم خدمات أساسية لساكنة المركز وتلاميذ المدارس والمستفيدين من دار الإيواء، لكنه يعاني بدوره من ضعف التجهيزات ونقص الأطر، ما يجعل خدماته محدودة جداً ولا ترقى إلى حجم الطلب المتزايد.

وتكشف شهادات الأهالي أن الفئات الأكثر هشاشة هي الأكثر تضررا من هذا الوضع. فنساء المنطقة، مثلا، يضطررن لقطع مسافات طويلة طلباً للعلاج. وتقول إحدى المريضات بالسكري إنها تقطع خمسة كيلومترات على قدميها بحثا عن دواء أو فحص طبي، لكنها غالبا ما تعود خالية الوفاض، ما يضطرها للتنقل إلى مدينة تازناخت البعيدة.

أما رشيدة طالب، فأكدت أن النساء الحوامل يعانين الأمرّين بسبب غياب طبيبة مختصة في التوليد، رغم توفر الأجهزة اللازمة في المركز. هذا النقص يدفعهن للتوجه مباشرة إلى المستشفى الإقليمي في ورزازات، وسط معاناة مالية وصحية كبيرة.

أمام هذا الواقع، وجه سكان جماعة إزناكن نداء عاجلا إلى وزارة الصحة والسلطات الإقليمية من أجل التدخل السريع، مطالبين بتعيين طبيب قار، خاصة طبيبة مختصة في التوليد، وتوفير الأدوية الأساسية، حتى لا يبقى المركز الصحي “بناية جميلة بلا روح”، وليتحقق حقهم الدستوري في الرعاية الصحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *