مجتمع

المعاريف تغرق في الفوضى المرورية.. وغياب التشوير يلاحق رئيس المقاطعة

تشهد مجموعة من الأحياء التابعة لمقاطعة المعاريف بمدينة الدار البيضاء وضعا مقلقا، نتيجة غياب التشوير الطرقي وضعف تنظيم حركة السير، ما جعل هذه المناطق بؤرا محتملة لحوادث مرورية متكررة، فيما تزداد خطورة الوضع بشكل خاص بالقرب من المؤسسات التعليمية التي يفترض أن تحاط بإشارات تنبيهية لحماية الأطفال والتلاميذ من أخطار الدهس والحوادث.

وحسب معطيات توصلت بها جريدة “العمق”، فإن أبرز الأحياء المتضررة من هذه الوضعية تشمل قطع ولد عيشة، العائلة الفرنسية، امتداد بئر أنزران، ڤال فلوري، وفرونس ڤيل، وهي مناطق تعرف كثافة سكانية مرتفعة وحركية يومية متزايدة، سواء بفعل التنقلات نحو أماكن العمل أو المدارس أو المرافق التجارية، مما يجعل غياب إشارات المرور وتنظيم السير من تنقل السكان تحديا يوميا محفوفا بالمخاطر.

وسبق لعدد من الفاعلين الجمعويين والمنتخبين المحليين أن دقوا ناقوس الخطر بشأن الوضع، بل إن بعض السياسيين بالمنطقة تقدموا بطلبات رسمية لوضع إشارات مرورية وتنظيم السير، غير أن هذه المطالب، حسب المتتبعين، لم تلق التجاوب المطلوب من طرف رئيس المقاطعة عبد الصادق مرشد، الذي يواجه اليوم انتقادات واسعة بسبب ما اعتبره السكان “إهمالا يمس سلامتهم بشكل مباشر”.

ويؤكد مواطنون من المنطقة أن غياب التشوير لا يقتصر على الشوارع الرئيسية، بل يطال أيضا محيط المؤسسات التعليمية التي تعرف حركة يومية مكثفة لتلاميذ صغار، حيث يقول هؤلاء إن أبناءهم مهددون يوميا بخطر الدهس، بسبب غياب ممرات الراجلين أو علامات تنبيه السائقين قرب المدارس.

وفي تصريحات متطابقة للجريدة، عبر عدد من سكان الأحياء المتضررة عن استيائهم مما وصفوه بـ”الاستخفاف بأرواح الناس”، معتبرين أن حياتهم مهددة في كل لحظة بسبب عشوائية السير وغياب أدنى مقومات السلامة المرورية، لافتين الانتباه إلى أن غياب علامات تحديد السرعة، إشارات التوقف، أو حتى الممرات المرسومة للراجلين، جعل الشوارع تتحول إلى فضاء مفتوح للفوضى المرورية.

واعتبر متتبعون أن غياب إشارات بسيطة بالقرب من المدارس أو في التقاطعات الرئيسية يعكس ضعفا واضحا في الحكامة وتدبير الشأن المحلي، قائلين إن سلامة المواطنين، ولاسيما الأطفال، لا ينبغي أن تكون موضوعا ثانويا أو مؤجلا، بل أولوية قصوى ضمن الخدمات الأساسية للجماعات الترابية.

في هذا السياق، أوضح سعيد عاتيق، الفاعل السياسي والحقوقي بمدينة الدار البيضاء، أن “إشارات المرور ليست مجرد تفاصيل تقنية، بل هي ركيزة أساسية في تنظيم السير وضمان النظام داخل المدن. فهي تسهم في تسهيل تنقل المركبات والراجلين، والحد من الحوادث المرورية والاختناقات، خاصة في المناطق التي تعرف كثافة سكانية وحركية عالية”.

وأضاف المتحدث في تصريح لجريدة “العمق” أن “المفارقة أن بعض شوارع حي المعاريف، رغم كونه من الأحياء الراقية وسط العاصمة الاقتصادية، تفتقر بشكل واضح للإشارات الطرقية. من بين هذه الشوارع نجد شارع قطع ولد عيشة، امتداد بئر أنزران، شارع ڤال فلوري، وشارع فرونس ڤيل”.

وأشار إلى أن غياب التشوير يؤدي يوميا إلى ازدحام خانق خلال أوقات الذروة، ما ينعكس سلبا على راحة مستعملي الطريق ويعرقل السلاسة المرورية، مؤكدا أن الأمر يرقى إلى تقصير في أداء دور المجلس الجماعي.

واستشهد عاتيق بالمادة 83 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، التي تنص على أن تنظيم السير والجولان وتشوير الطرق من الاختصاصات الذاتية للمجالس الجماعية، بما يشمل وضع وصيانة الإشارات والعلامات الطرقية، وتنظيم وقوف العربات، وتنسيق هذه العملية مع السلطات الأمنية المختصة.

وتساءل المتحدث: “إذا كان القانون واضحا في تحميل الجماعة مسؤولية تنظيم المرور وضمان سلامة مستعملي الطريق، فلماذا تعيش بعض شوارع المعاريف غيابا شبه تام لهذا الالتزام؟ أليس من واجب المجلس التدخل بشكل عاجل لتدارك هذا الوضع؟”.

وختم عاتيق تصريحه بالتأكيد على أن “سكان المعاريف لا يطالبون بالكماليات، بل بأبسط مقومات السلامة، من قبيل إشارات ضوئية، لافتات توجيهية، علامات مرسومة على الطرق، وتنظيم وقوف السيارات”، مشددا على أن الاستجابة لهذه المطالب تمثل “أولوية قصوى لحماية الأرواح، وضمان الحد الأدنى من شروط السلامة والتنظيم المروري داخل الحي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *