مجتمع، منوعات

حجز مئات الآلاف من الحقائب المدرسية.. التجار: “الخسائر بالملايين ولا حلول تلوح في الأفق”

لا تزال أزمة حجز مئات الآلاف من الحقائب المدرسية بميناء الدار البيضاء تراوح مكانها، وسط استياء واسع في صفوف تجار درب عمر الذين يعيشون على وقع الخسائر اليومية منذ أكثر من أربعة أشهر، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر انفراج.

وتعيش مدينة الدار البيضاء، منذ أشهر، على وقع أزمة خانقة داخل مينائها التجاري، بعد أن تم حجز مئات الآلاف من الحقائب المدرسية المستوردة، وهو ما تسبب في شلل شبه تام في نشاط تجار الجملة، خاصة بسوق درب عمر الذي يعتبر القلب النابض للتجارة الوطنية.

القضية، التي امتدت لأكثر من أربعة أشهر، تحولت إلى ملف اقتصادي واجتماعي معقد، بعدما تكبد التجار خسائر مالية ضخمة بسبب استمرار حجز الحاويات التي تحتوي على الحقائب الموجهة للبيع في موسم الدخول المدرسي.

وأكد متتبعون أن هذه الأزمة لم تضر فقط بالتجار، بل أثرت بشكل مباشر على السوق الوطنية، حيث شهدت أسعار الحقائب ارتفاعا ملحوظا، في ظل ندرة السلع وغياب البدائل المحلية القادرة على تغطية الطلب الكبير.

وينتظر التجار المتضررين الإفراج عن بضائعهم، حيث تتضاعف يوميا تكاليف التخزين والخدمات داخل الميناء، إذ تؤدى رسوم مرتفعة عن كل حاوية عالقة، ما جعل كثيرين يجدون أنفسهم أمام نزيف مالي مستمر يهدد استقرار أنشطتهم التجارية.

وتشير التقديرات إلى أن الخسائر الإجمالية تجاوزت ملايين الدراهم، وهو رقم مرشح للارتفاع في حال استمرار الوضع الراهن.

وتعكس هذه الأزمة إشكالية أعمق في منظومة التسيير المينائي والجمركي بالمغرب، إذ يشتكي المهنيون منذ سنوات من طول مدة المراقبة، وتعقيد الإجراءات الإدارية، وارتفاع كلفة الخدمات، خاصة تلك المتعلقة بـ”أرضية التخزين”، التي تعد من الأعلى على مستوى المنطقة المغاربية.

وقال سعيد فرح، الكاتب العام لجمعية اتحاد تجار ومهنيي درب عمر، إن أزمة حجز مئات الآلاف من الحقائب المدرسية داخل ميناء الدار البيضاء ما تزال تراوح مكانها، رغم مرور عدة أشهر على بدايتها، مؤكدا أن جميع الاجتماعات واللقاءات التي جمعت التجار بالمسؤولين المعنيين لم تسفر عن أي حلول عملية أو نتائج إيجابية.

وأوضح فرح، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن التجار المتضررين عقدوا خلال الأيام الأخيرة سلسلة من الاجتماعات مع عدد من المسؤولين، من بينهم مندوب وزارة التجارة والصناعة، وعامل عمالة المنطقة، إضافة إلى رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الدار البيضاء–سطات، غير أن جميع هذه اللقاءات “ظلت دون جدوى”، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن عملية الحجز المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر أثرت بشكل مباشر على النشاط التجاري لعدد كبير من تجار درب عمر، الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن تسويق بضاعتهم في موسم الدخول المدرسي، وهو ما تسبب في خسائر مالية تقدر بملايين الدراهم، خصوصا أن هؤلاء التجار يتحملون يوميا تكاليف إضافية مرتفعة مقابل الخدمات داخل الميناء.

وأضاف الكاتب العام أن التجار يؤدون ما يقارب 1500 درهم يوميا عن كل حاوية محتجزة داخل الميناء، وهو ما يشكل عبئا ماليا ثقيلا على كاهلهم، لاسيما أن مدة الانتظار تجاوزت أربعة أشهر دون أي مبرر واضح أو توضيحات رسمية دقيقة حول سبب التأخير.

وأبرز المتحدث أن المشكل لا يقتصر على الحجز فقط، بل يتعداه إلى غلاء رسوم التخزين في الموانئ المغربية، إذ اعتبر أن المغرب يعد من أغلى الدول من حيث كلفة أرضية التخزين (أرضية الموانئ)، وهو ما يضاعف معاناة التجار المستوردين ويؤثر على تنافسيتهم في السوق الوطنية.

وختم سعيد فرح تصريحه بالتأكيد على أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يهدد العديد من التجار بالإفلاس، داعيا السلطات الحكومية إلى التدخل العاجل لإيجاد حل جذري يضمن انسيابية الإجراءات الجمركية داخل الميناء، ويعيد الثقة إلى المهنيين الذين يعتمدون على التجارة الخارجية كمصدر رزق أساسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *