خارج الحدود

انفلات أمني بتندوف.. ميليشيات مسلحة تهاجم عمالا صينيين وسط صمت جزائري مريب (وثيقة)

أطفال البوليساريو

في تطور أمني خطير يعكس حجم الفوضى والانفلات الذي بات يطبع الحياة في محيط مخيمات تندوف، كشفت مصادر من منتدى “فورساتين” عن وقوع هجوم مسلح استهدف عمالا تابعين للشركة الصينية “CRCC”، المنفذة لمشروع السكة الحديدية التي تربط تندوف بغار جبيلات، وهو المشروع الذي تراهن عليه الجزائر كـ”واجهة استثمارية استراتيجية” في الجنوب الغربي من البلاد.

وبحسب المنتدى، فقد نفذت عصابة مسلحة الهجوم عند الطريق الرابطة بين مخيم الداخلة والرابوني، حيث استولت بالقوة على سيارة من نوع “تويوطا هيلكس” سوداء اللون تابعة للشركة، وذلك حوالي الساعة الثانية بعد زوال يوم أمس.

ووفق المصدر ذاته، فقد تم رصد السيارة المعنية وهي تتجه نحو مخيم السمارة، حيث سُمح بدخولها رغم مرورها من نقاط تفتيش أمنية وعسكرية جزائرية، ما يثير تساؤلات عميقة حول درجة التواطؤ أو الإهمال من جانب سلطات الجزائر والميليشيات التابعة لـ”البوليساريو”.

الواقعة، وفق منتدى فورساتين، أثارت استياء واسعا داخل الدوائر الجزائرية، واعتُبرت “صفعة محرجة” للنظام الذي يحاول الترويج لمشروع السكة الحديدية باعتباره “رمزًا للنهضة التنموية في الجنوب”.

غير أن حادثة السطو المسلح كشفت هشاشة الوضع الأمني، وأعادت إلى الأذهان وقائع اختطاف سابقة لأجانب من محيط المخيمات، وارتباط بعض قيادات البوليساريو بعصابات التهريب والتنظيمات الإرهابية الناشطة في المنطقة، يقول منتدى “فورساتين”.

وحسب المصادر ذاتها، فإن السلطات الجزائرية تحاول التكتم على الحادثة خشية انتشارها داخل الرأي العام المحلي، وما قد يترتب عن ذلك من غضب شعبي ومطالب بمعاقبة قيادة البوليساريو التي باتت عبئا أمنيا على الجزائر نفسها.

غير أن استمرار الانفلات الأمني في منطقة حساسة كـ”تندوف” أصبح تهديدا حقيقيا للأمن الإقليمي، يضيف المنتدى، خاصة في ظل انتشار الأسلحة والعلاقات المريبة بين شبكات الجريمة والميليشيات الانفصالية.

وتأتي هذه الحادثة بعد أسابيع قليلة من اندلاع اشتباكات مباشرة بين قوات الأمن الجزائرية و”الشرطة العسكرية” التابعة للبوليساريو، حين حاولت الأخيرة إقامة حاجز أمني على الطريق بين الرابوني وتندوف، ما أدى إلى مواجهة علنية ومهينة لعناصر الجبهة أمام الجنود الجزائريين.

واعتبر منتدى “فورساتين”، حينها، أن الواقعة “تجسد نهاية وهم الدولة المزعومة”، وتؤكد أن الجزائر لم تعد تكترث حتى لمظاهر دعمها للبوليساريو، التي فقدت كل سلطة فعلية حتى داخل المخيمات.

وفي الوقت نفسه، يعيش سكان المخيمات أزمة إنسانية خانقة غير مسبوقة منذ أكثر من عقد، حيث كشفت تقارير أممية عن نسب قياسية من سوء التغذية والتقزم وفقر الدم بين النساء والأطفال، فيما تواصل قيادة البوليساريو تبديد المساعدات الدولية في مشاريع وهمية ورفاه شخصي.

وأفاد بلاغ مشترك صادر عن وكالات الأمم المتحدة بالجزائر، في وقت سابق، بأن نسبة سوء التغذية الحاد في المخيمات بلغت 13.6%، متجاوزة عتبة الطوارئ العالمية، فيما قالت منسقة الأمم المتحدة بالجزائر، سافينا أماساري، إن هذا الوضع يمثل “أسوأ أزمة تغذية خلال أكثر من عقد”.

ووفق منتدى “فورساتين”، فإن زعيم الجبهة إبراهيم غالي شيد قصرا فخما في الرابوني بتمويل من شبكات تهريب ورجال أعمال جزائريين، بينما يعيش آلاف المحتجزين في أوضاع أقرب إلى المأساة الإنسانية.

ويرى متتبعون أن تزامن الانهيار الأمني مع الانهيار الإنساني والسياسي داخل المخيمات، يؤكد فشل النظام الجزائري في إدارة الملف، بعدما تحولت “البوليساريو” من ورقة ضغط إلى عبء أمني وإنساني يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

* الصورة من الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *