وجهة نظر

الرجواني يكتب..”موازين اللي فيك” .. إيقاعات المفارقات !!

يقول الشاذلي بن جديد رحمه الله “ضربنا الاستعمار لرأسه حرك ذنبه”، فمن مدلولات هذا الكلام هو أن للاستعمار بنية عضوية متكاملة، تعمل في انسجام تام، فبعد خروج الاستعمار المباشر من بلداننا، عاد هذا الأخير عبر نافذة الثقافة والقيم والأفكار، حتى صار للاستعمار أذنابا تتحرك في شتى المجالات؛ في السياسة والاقتصاد والإعلام والثقافة والفن.

هم عبارة عن جماعات وظيفية تحمل ألوية الاستعمار الجديد موصولة بأجنداته وأولوياته ومخططاته، ترفع المظلات كلما هطلت الأمطار في عواصم القوى الاستعمارية، لا يحدها انتماء للوطن ولا ولاء لقضايا الأمة، على استعداد دائم لتقمص أدوار قذرة في اللحظات الحساسة من تاريخ بلداننا عند أدنى إشعار من مراكز التوجيه الاستعمارية.

وقد لجأت هذه القوى الاستعمارية إلى القوة الناعمة بعدما فشلت في كسر إرادة الأمة بقوة الحديد والنار، وبعدما منيت بهزائم عظمى على يد طلائع المجاهدين الأحرار، الذين كانوا أكثر تنبها للمخططات الاستعمارية بحسهم الاستراتيجي النادر، حتى قال عبد الحميد بن باديس “والله لو طلبت مني فرنسا أن أنطق بالشهادتين لامتنعت”.

اليوم وفي سياق تفاعلات سياقنا المعاصر، وفي ظل ديناميات الصراع بين إرادة التحرر الوطني وافتكاك السيادة الوطنية، وإرادة التبعية والتحكم، تجري فصول حرب دامية عنوانها استعمار بالوكالة، وتفجير داخلي لمقدرات الأمة المعنوية ومخزونها الثقافي الباعث لروح الانتماء الحضاري المشدود بأفق النهضة والتحرر، وتشويش على آمالنا في الاستقلال والسيادة، وإرباك جهود المصلحين في هذا الاتجاه.

ومهرجان موازين أحد الفعاليات التي تأتي في هذا السياق، والذي تقف وراءه عصابة هي عنوان لزواج باطل بين المال والسياسة واستغلال النفوذ، تريد اختطاف الثقافة المغربية، وقتل كل مساحات الإبداع والتعددية في المشهد الثقافي بالمغرب، وتعمل على ابتزاز المؤسسات العمومية والخاصة لاستدامة حالة العبث هذه، بالإضافة إلى السطو على قنوات القطب العمومي التي تمول من أموال دافعي الضرائب، والتي صار أغلبها شاشة تفاعلية ملحقة بمهرجان التحكم هذا، دون رقيب ولا حسيب.

ورفضنا لهذا المهرجان المشبوه، ليس أبدا دعوة رجعية ضد دور الفن في تفجير الطاقات الإبداعية والثورية للأمم، وإنما نرفضه لأنه تجلي عملي لمخطط مزدوج يستهدف المغرب دولة وشعبا، يستهدف استقلاله السياسي والاقتصادي ووحدته القيمية والثقافية.

نرفض موازين لأنه أحد فصول المهانة التي صارت شكلا للحكم ونمطا في التدبير بتعبير المهدي المنجرة رحمه الله، وآلية من آليات الإذلال العمومي الرضائي في سياق المفارقات الفاقعة التي تهتز على إيقاعات الفقر والأمية والبطالة وغياب شروط العيش الكريم.

موازين عنوان انعدام الموازين، ومؤشر على المسافة التي تفصلنا عن تحقق شعارات العهد الجديد.

#موازين_الفساد_والاستبداد