وجهة نظر

بنكيران.. نجاة عتابو والآخرون

كثيرا ما يفوتنا الانتباه الى عدد من الأحداث والتصريحات، دون أن نعطيها حقها في المتابعة والبحث في خلفياتها وامتداداتها، وفهم ما وراء ردود الفعل التي تواكبها.

من هذه التصريحات ما يُدلي به بعض الفنانين المشهورين، لمنابر إعلامية تلفزية وإذاعية على وجه التحديد، كلما طُلب منهم الرأي في عبد الإله بنكيران أو في حزبه أو في الحكومة التي يرأسها.

إجابات الفنانين ومنهم الممثلة فاطمة وشاي والكوميدي عبد الخالق فهيد والمغني المطرب نعمان لحلو والمغني عادل الميلودي وقبلهم فتح الله المغاري، وآخرهم نجاة عتابو، كلها كانت إشادة بشخصية بنكيران وسمعة وإنجازات حكومته، بل منهم من ذهب بعيدا في تحليل مرجعية حزب العدالة والتنمية وانعكاسها على مواقف الحزب وسلوك وزرائه.

طبعا هؤلاء الفنانون لديهم جمهور مُعجَب بأعمالهم وبشخصياتهم، ولهم تأثير حتى على ميولات من يتابعهم، وقد يكون متفهما حرص بعض أطراف المعارضة السياسية، على التقليل من وقع هذه التصريحات، بمقاييس التنافس المعقول على الشعبية وعلى انتشار صورة ايجابية عن رئيس الحكومة وحزبه، لكن في تفاصيل مواقف بعض الأطراف المُعارضة لحزب العدالة والتنمية في وجوده لا في أطروحته وبرنامجه، تنكشف أمور أخرى تتجاوز حدود التنافس المعقول، إلى أبعاد مرتبطة بأهداف غير ديمقراطية، استئصالية في عمقها، ظل الاشتغال عليها لصيقا بالعدالة والتنمية منذ بدايات التحاقه بالمؤسسات المنتخبة.

هذه الأهداف يتطلب تحقيقها، تسويق وتصوير العدالة والتنمية وعموم التيار الإسلامي المعتدل، مكونا معزولا عن المجتمع، ودخيلا عليه، ومنزوٍ على هامشه، لدرجة التشكيك في انتمائه للوطن والتعسف في استمرار اتهامه بالولاء لثقافة وفكر وسلوك غريب على المغاربة، وجعل حواجز أغلبها نفسية بينه وبين النخب السياسية والاقتصادية والفنية كذلك.

وربما كانت تسهل المهمة على من يشتغل لهذه الأهداف، والحزب في موقع المعارضة، بحيث لم تكن أمامه إلا فضاءات معدودة لابراز حقيقة رؤيته للفن أمام أهل الفن، رغم اجتهاده في كسر كل أنواع التعتيم التي مورست عليه في هذا الباب، فنجح إلى حد ما في كسب ثقة محترفين في المجال، تُوّجت بترشيحه في انتخابات 2011 لنجم من نجوم السينما والتلفزيون، ويتعلق الأمر بالفنان ياسين أحجام.

لكن توليه لرئاسة الحكومة، بما فتحته أمامه من فضاءات مؤسساتية وإعلامية، كشفت زيف ادعاءات من حاولوا عزله عن النخب المغربية ومنها الفنية، وجعلت الكثيرين من الفنانين يجدون أنفسهم سواء كفنانين أو كمواطنين أمام حزب يستحق أن يكون أملا وحاملا لهمومهم، لذلك نجح فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، نجاحا لافتا في تنظيم لقاء دراسي سنة 2013 حول قانون الفنان، حضره أزيد من مائة فنان وفنانة من كل التخصصات إذا جاز التعبير، وشارك في تأطيره ممثلون ومسرحيون ومطربون وموسيقيون، منهم من يختلف ايديولوجيا مع الحزب.

إن محاولات التضييق على الفنانين المغاربة الذين “يقولون خيرا” في رئيس الحكومة وحزبه، والنيل منهم عن طريق الإقصاء أو التشهير كما حدث في الأونة الأخيرة مع الفنانة نجاة عتابو، التي اعتبرت في برنامج أذيع على قناة “سليم وسميرة”، أن أحسن حكومة عرفها المغرب هي حكومة بنكيران، يدخل في إطار “ممنوع الاقتراب”، التي ترفعها جهات استئصالية في وجه من يقترب من حزب العدالة والتنمية، إمعانا في تنفيذ المخطط الفاشل لعزله، ولا أدل على فشله من نتائج الحزب في انتخابات 4 شتنبر، وكذا الانتشار الذي تحظى به مقاطع الفيديو الموثقة لتصريحات الفنانين المغاربة حول رئيس حكومتهم عبد الاله بنكيران، المتحررة من تعقيدات التحليل السياسي أو ما يسميه صديقي “التكوثر المفرز لانبثاق الفكرة المغادرة لعنق الزجاجة المتعددة الاتجاهات والمخالفة للسياق الدولي المقر بالانهزام أمام مشاهد العجز اللا ارادي كرد فعل على التحولات التي يشهدها العالم”!!

يقولها الفنانون بلغة بسيطة ومباشرة “بنكيران أحسن رئيس حكومة”، “حكومة بنكيران أحسن حكومة في تاريخ المغرب”، “لي ضد بنكيران غير الشفارة”، “هداك السيد كايعجبني والوزراء ديالو كايعجبوني”، “بنكيران كايبسّط الامور”، لغة يفهمها جميع المغاربة ويتداولونها فيما بينهم، لتتكسر معها كل أسوار التعتيم والحصار الممنهجين والظالمين ضد رئيس الحكومة وضد العدالة والتنمية … وفي المحصلة ينقلب السحر على الساحر فيصبح العازل هامشيا معزولا على الرغم من نفوذه وقُربه من نقطة المركز!