سياسة

الاتحادي طليمات يطرح خطة لبناء “وحدة اليسار” من جديد

طرح القيادي اليساري، جليل طليمات، خطة جديد أسماها “مداخل لتجاوز ما نعاينه اليوم من بؤس السياسة وانحطاط العمل الحزبي”، في سياق أجوبة قدمها على سؤال: ما العمل لبناء وحدة اليسار؟ وذلك عبر تدوينتين متتاليتين خطهما على حسابه بموقع “فايسبوك”.

وبعد تشخيصية للمشهد السياسي المغربي الراهن، قدم طليملت ما يشبه الوصفة التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح مشروع وحدة اليسار.

البوصلة المفقودة

وفي ملاحظاته لمختلف معطيات المشهد السياسي الراهن، خاصة منها تلك المتعلقة بالخطابات والأداء، وسلوكات الفاعلين الرئيسيين، نبه إلى أن “هناك تضييعا للبوصلة: بوصلة استكمال البناء الديمقراطي وإنجاز مهمات الانتقال إلى الديمقراطية بتفعيل فعلي لروح الدستور، واستثمار ما يتضمنه من إمكانيات التقدم نحو بناء دولة المؤسسات القوية ودولة الحق والقانون وفصل السلط والمساواة”.

واعتبر طليمات، بأن هذه “البوصلة سقطت من يد من المفروض فيهم العض عليها بالنواجد، وتم استبدالها بأخرى عمياء أو مصابة بالحول، لا تضيء طريقا، ولا ترشد إلى الأفق المطلوب”.

وأوضح كاتبا: “لم يعد طموح جل الأطراف المؤثثة للحقل السياسي يتجاوز حدود، إما تكريس الموقع الذي يحتله في العملية السياسية الجارية، أو تحسينه بزيادة مقاعد هنا وحقائب هناك، ولو على حساب التاريخ والمرجعية والهوية، وإما تجنب الانهيار الكلي أو الإنمحاء من المشهد، وإما الحصول على تمثيلية بالمؤسسة التشريعية، ولو أدى ذلك إلى مزيد من البلقنة للحقل الحزبي”.

وأكد على أن “نحن الآن في وضعية غياب المشاريع، وموت الإيديولوجيا كتعبير عن هويات وتيارات فكرية كبرى؛ فلا مشروع، اليوم، لدى أحزاب اليسار، وأحزاب اليمين المحافظ، واليمين المدعو زورا بالحداثي”.

واعتبر أنه في ظل مثل هذه الوضعية، “تحتضر السياسة، وتختلط الأوراق، فيتحول جزء من اليسار إلى حليف وفي اليمين محافظ، وجزء آخر منه إلى ملحقة ليمين معاصر حداثي، وبينهما قوة متحكمة يسميها البعض حزبا سريا، والبعض الآخر يدعوها دولة عميقة، وفي البوليميك عفاريت وتماسيح”، مشيرا إلى أن هذه “تعبيرات عن إفلاس وعجز وقصر نظر”، مانحا إياها “صورة سوداوية، وهي ما نشاهد ونقرأ تفاصيلها في الصحافة الوطنية، وفي خطب الزعماء وفي جل البرامج الحوارية”، يشير طليمات.

ما العمل؟

يرى طليمات، بأنه آن الأوان للانكباب على إنجاز، وبشكل متزامن، مهمات مترابطة، “يتداخل فيها الإيديولوجي بالسياسي بالتنظيمي وبالثقافي التنويري”، وذلك ضمن “خطة العمل المطلوبة” والتي يجب أن تراعي ثلاثة أهداف، كما قال.

من أولى أهداف خطة طليمات، هي ما أسماها ب”إعادة الاعتبار للإيديولوجيا في العمل السياسي الحزبي”، مشددا في هذا السياق، على أدوارها الإيجابية “في تشكيل ثقافة سياسية، وتشكيل منظومات قيمية مؤطرة للفعل السياسي، وموحدة للإرادات، ومعبئة من أجل تحقيق مطالب وبرامج تستجيب لحاجات التقدم والتنمية والدمقرطة”.

وشدد على أنه “لايجوز اختزال الإيديولوجيا في تعريف أحادي، أي باعتبارها وعيا زائفا”، وأضاف موضحا، “لأنها هي التي تصوغ اتجاهات ودوافع وأهداف ومصالح محددة، وتضفي بالتالي، على الممارسة السياسية معنى وقيمة”.

اليسار مطالب بتجديد ارتباطه بالاشتراكية

وفي هذا السياق، أكد طليمات، على أن اليسار بتجديد ارتباطه بالاشتراكية، خاصة في زمن تغول “النيوليبيرالية” المتوحشة وسياساتها المدمرة على كافة الأصعدة”.

وعلل كاتبا: “إن الانتظام داخل التراث الاشتراكي، فكرا وتجارب، أمسى مسألة هوياتية شديدة الحيوية والحساسية في وضعية اليسار اليوم هنا.. وهناك، ولا يمكن لأية دعوة لإعادة بناء أو توحيد قوى اليسار، المتفرقة والمنتشرة في مناحي المجتمع، أن تكون ذات فعالية وجاذبية، خارج الاجتهاد النظري الجماعي من أجل إعادة صياغة الاختيار الاشتراكي لليسار في ضوء المعطيات الجديدة والمعقدة لعالم اليوم”.

وأشار إلى أنه من بين أهداف هذه الخطة، هي إعادة مد الجسور بين الفعل السياسي الحزبي وبين الفعل الثقافي التنويري في مختلف فضاءات المجتمع، “وذلك إنقاذا للسياسة من مختلف النزعات التي تخلع عنها نبل مقاصدها: من براغماتية فجة، وانتهازية لا أخلاقية، وشعبوية فقيرة المعنى وقصيرة النظر”.

وأضاف “هذا الأمر من أجل بناء وعي سياسي جماعي مؤطر بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، قيم الحق والعدل والاعتدال واحترام الاختلاف مع الآخر، والاعتراف به وبحقه في حرية التفكير والاعتقاد والاجتهاد، فذلك هو ما سيقيم أمام كل نزعة لاعقلانية وأمام مختلف “الظلاميات” سدا منيعا تتحطم عليه أوهامها”.

ألف مدرسة.. وألف وردة

كما اعتبر أن من بين الأهداف إياها، مسألة ما أسماه ب”إنضاج ثقافة تنظيمية حزبية جديدة، تستلهم انكسارات مسار تاريخي طويل، تفرقت فيه السبل بين الإخوان والرفاق بسبب هيمنة نزعات الإقصاء والهيمنة وسوء التدبير للاختلافات”.

وأوضح في هذا الصدد: “أن الغاية من تجديد الثقافة التنظيمية، هي جعل الحزب اليساري الكبير المنشود، إطارا تنتظم داخله مختلف الفعاليات والشرائح الاجتماعية، من مثقفين وأطر مختصة وشباب ونساء وعمال وفلاحين ومهنيين من مختلف القطاعات، إطارا يشكل تجسيدا للديمقراطية التي ننشد إرساءها في المجتمع، وعلى أساس هذه الثقافة التنظيمية، هو القبول بالتعدد المتنوع بالتيارات، بألف مدرسة.. وألف وردة، تتبارى في مناخ لا تلوثه النزعات المرضية للزعامة وما ينتج عنها من نتائج سلبية، لطالما عشنا وما زلنا، مضاعفاتها الكارثية على الصف الديمقراطي التقدمي عموما”، وفق تعبيره.