وجهة نظر

الرياض و البحث عن أحلاف

أربع عواصم تختزل تحالفا ممكنا و بديلا عن جامعة صارت منسية، و عاصمتان تتحركان للوقوف ضد هيمنة و طموحات المملكة، و الآخرون بين ذاك وذياك، النأي بالنفس عن صراع الطواحين، أو الركض مقابل شيء ما.

لم تستسغ الكبرى جبن واشنطن، و خيانتها حين مدت يد الإتفاق لطهران و حين امتنعت عن خوض حرب إسقاط الأسد، فحملت مالها و وعودها و هداياها تطرق الأبواب و تستضيف الضيوف، البحث عن حليف بديل، تفتش عن الممكن في أربع جهات، تحت عناوين براقة، مرة صوب تركيا و باكستان و ماليزيا تحت لواء الهبة الإسلامية و مرة صوب المغرب و الأردن و أخرى صوب مصر بعنوان تحالف عربي لدول مستقرة تحاك ضدها المؤمرات باسم ربيع بات أخرف من الخريف.

ما الذي فعلته الرياض حتى تغرق في متاهة البحث عن عون؟ النفط و الحرب ومغامرات الفتيان، العجوز المتكأة على عصا الـتأني، تجري وراء غزية لا تعرف أين تغمد فيها السيوف، في اليمن أم سوريا؟

ربما العنتريات و الأحلام و العناوين البراقة لعزم و حزم و أمل و رعد لم تمنع أخيرا سلمان و صغيره العظيم من الجلوس و لو القرفصاء على بساط المباحثات و المهادنات في اليمن و سوريا للخروج من المأزقين، لهذا امتنع أوباما، الحرب ليست غزوة فرسان يغدون خماصا و يروحون بطانا…

حراك الرياض نحو الرباط و الأردن ليس بالجديد، كان أن ظهر للسطح مع بدايات الربيع، تنسيق و تعاون مشترك و آلية للدعم المالي و الإستثماري مقابل خدمات قد تكون أمنية على الغالب، غير أن الأمر طوي و لم يكتب له النجاح و الإستمرار بالقدر الذي تحدث عنه أول برهة، تدحرجت كرة التداعيات، سقط مرسي، و اتجه الخليج نحو العسكر من أجل البقاء و الثبات، لهذا تناسى المجلس حليفيه، صمد الأسد و تدخلت روسيا و حزب الله و إيران نحو سوريا، و لملمت ملف العقوبات باتفاق أرعب الخليج، دخلت السعودية حرب اليمن، أصبحت حربا طائفية من السعيد إلى الشام، هي في حاجة للقوة البشرية، للحنكة و للتجربة و لليد الرخيصة، ربما لهذا سارعت دول كالسودان و موريتانيا و السنغال و المغرب و آخرون لدعم الرياض، البعض أخذته الحماسة فقطع العلاقات مع طهران و حاربها دون أن تحاربه كما فعل البشير، هكذا استجمعت الرياض حلفائها، بالنسبة للمغرب، كان ملف الصحراء و صراعه مع الأمم المتحدة في شخص بان كي مون و تحركات أمريكا المزعجة، دافعا كبيرا للعودة إلى مجلس التعاون من أجل المقايضة، ادعمونا ندعمكم، مؤخرا، و ربما في السنة الماضية، تدخلت الرياض لثني الولايات المتحدة عن تقديم تقرير ليس في صالح الرباط، هل تفعلها هذه المرة؟ الرباط تستبق التقرير باتهام واشنطن و مهاجمتها و البحث عن حليف بديل من بين أعضاء مجلس الأمن.

قصة الأحلاف، قد تتداعى إلى حيث من الصعب التكهن أين المستقر؟ ما يبدو الأن، أن تحالف الرياض بات جليا، الجزائر تتموقع على مسافة قريبة من دمشق، لم تستجب لطلب الرياض حين زارها المبعوث السعودي، الأخيرة دعمت المغرب في قضيته دعما مطلقا، ردت الجزائر بالذهاب نحو دمشق و من ثم روسيا، بما معناه أن دولا تقف على صف واحد رفضا للتمدد السعودي، الجزائر و العراق و سوريا، تونس على حياد فهي بالكاد تضمن استقرارها، عمان تلك الدولة الإباضية القابعة على إرث تاريخي مشترك مع إيران يمنعها من التموقع في تحالف بنكهة طائفية، هي شعرة الوصل بين فرقاء العرب.