منوعات

لماذا يقدم لك غوغل وفيسبوك الخدمة مجانا ؟

هل خطر ببالك يومًا أن تتساءل لماذا لا يرسل لك غوغل فاتورة؟ اسأل شخصًا عاديًا لماذا تتوفر خدمات غوغل وفيسبوك وتويتر ويوتيوب ولينكدإن مجانًا، وستجد أنه سيرتبك حين يدخل في التفاصيل؟

إذ يعتقد الكثيرون أن تمويل كل ذلك يتم عن طريق الإعلان، والمقصود هنا تلك اللوحات الإعلانية المزعجة أو الشاشات المنبثقة التي لا تنفك تظهر أمام وجهنا، ربما كان ذلك بالفعل هو السبب، لكنه ليس سوى جزء صغير من الحقيقة.

عندما قمت لأول مرة باستخدام غوغل للبحث في شبكة الويب، فبينما تبحث، يقوم غوغل بتتبع العملية وتسجيل كافة كلمات البحث، ناهيك عن تسجيل كل رابط تضغط عليه، يتم الاكتساب المنسق بعناية لمعلوماتك الشخصية وبدقة بارعة.

عندما يقدم لك غوغل برامج الخرائط الخاصة به ويزودك مجانًا بنظام تحديد الموقع وإرشادات القيادة، فإنه بإمكانه الآن تتبع الأمكنة التي تذهب إليها. وتوخيًا لمزيد من الدقة أنشأ غوغل نظام تشغيل أندرويد وقدمه مجانًا. في المقابل، يستطيع غوغل الآن أن يقتفي أثرك أينما ذهبت وأخذت معك هاتفك الذكي.

بداية القصة

عندما اختُرع غوغل، صور نفسه بأنه الضحية المظلومة وأنه الشخص الذي يقاتل مايكروسوفت الشرير. أراد غوغل أن يخبر مستخدميه أنه يهدف للخير، ولهذا قرر جعل عبارة “لا تكن شريرًا” شعارًا رسميًا لشركته.

ولكي يخفف من الشكوك الدائمة، أنشأ غوغل أيقوناته ورسومه، مثل الشعار البريئ المتعدد الألوان، وصبي الأندرويد البديع الأخضر، لتكون فاتنة ومسالمة، وبالتالي يمكن الوثوق بها.

رسوم غوغل العبثية ولوحاته التي تحتفل بالجميع، بدء من «مارتن لوثر كينغ» وحتى «غاندي»، تجعل بدورها العامة يطمئنون إلى أنهم يتعاملون مع الأخيار.

نظارات غوغل

هل تمنح الشركة حق الاستيلاء علي كافة اللحظات الحية في حياتك اليومية، أي كل شيء تسمعه وتراه، وتمكنها من بيع هذه البيانات للمعلنين؟

علي سبيل المثال، قد يلاحظ نظام نظارات غوغل، أثناء ارتدائك للنظارة، وأنت تحضر قهوة الصباح بـ بُرنُس «شبشب» الحمام ، جسمًا ضمن نطاق رؤيتك كرغوة القهوة «وهذا أمر محتمل جدًا»، هل من الممكن أن ترى قسائم ستاربكس من خلال شاشات نظارتك؟!

فايسبوك .. الشبكة الاجتماعية ومخزونها، أنت

يعرف المُعلنون أدق التفاصيل عن حياة مستخدم فايسبوك، ولذلك يمكنهم التسويق له بدقة متناهية. الميولات الجنسية، الوضع العائلي، قوائم الأصدقاء، العمر، والجنس ومكان الولادة والأخبار المفضلة والتاريخ المهني وقوائم الأشياء المفضلة والديانة والانتماءات السياسية والصور والفيديوهات، كلها تجعل الفايسبوك حلم المسوِّقين.

تسريب المعلومات، كيف يفعلونها

في كل مرة تزور موقعًا أليكترونيًا جديدًا، يقوم هذا الموقع بوضع ملفات رقمية مخفية مميَّزة تُعرف باسم: كوكيز، على حاسبك أو هاتفك. من خلال هذه الملفات الصغيرة يصبح من السهل تعقبك وتعقب نشاطاتك عبر الإنترنت.

الأحكام والشروط مطبقة «ضدك»

“قرأت شروط الخدمة ووافقت عليها” هي أكبر كذبة على الإنترنت
جميعنا رأى تلك الشروط، المكونة من خمسين صفحة مكتوبة بخط صغير جدًا، دون ترك فراغات بين الأسطر وبهوامش 1/8 إنش. لقد صُممت بهذا الشكل لتستحيل قراءتها، لذا فإننا لا نقرأها ولا نفهمها، الأمر الذي يكلفنا ثمناً باهظًا.

توضح هذه الشروط كيفية إمكانية انتزاع البيانات الشخصية منك واستخدامها بطرق لا يمكن تخيلها.

كيف يجنون المال مع أن أغلبية التطبيقات مجانية؟

حسنٌ، كما رأينا من قبل، المنتَج المجاني هو نموذج تجاري عظيم، طالما أنك تجني المال من الناس عن طريق الاستيلاء على بياناتهم الشخصية بالجملة. وقد اتضح أن التطبيقات بيئة ممتازة لتحقيق ذلك، الأمر الذي يفسر ربما تحوُّل شركات عديدة، مثل شركة «روفيو» منتجة اللعبة الأشهر «الطيور الغاضبة»، من شركة مغمورة إلى شركة تُقدّر قيمتها بـ 9 مليارات دولار في سنوات قليلة فقط.

لابد أن الشك قد بدأ يساورك؛ فألعاب شركة زينغا الواسعة الانتشار على فايسبوك، مثل Farmville &Texas Hold Em Poker & Mafia Wars هي مجانية أيضًا؛ لأنها توضع للتنصت على معلوماتك الشخصية.

من يشتري هذا الكم الهائل من البيانات؟

أكسيوم، إبسيلون، دتالوجيكس، رابليف، ريد إلسيفيَر، بلو كاي، سبوكيو وفلاري، معظمنا لم يسمع في حياته عن هذه الشركات، لكنها مع شركات أخرى مسؤولة عن صناعة مراقبة البيانات.

من المهم أن نشير إلى أن العوائد السنوية البالغة 156 مليار دولار التي تحققها صناعة سمسرة البيانات، توازي ضعفي ميزانية الاستخبارات في الحكومة الأمريكية.

مثال لتوضيح الفكرة

عرض إعلان بامبرز على طالب جامعة في التاسعة عشرة سيكون على الأغلب مَضيع لميزانية التسويق التنفيذية، لكن عرض المعلومات نفسها على ربة منزل حامل في الثانية والثلاثين قد يقود إلى مئات الدولارات من المبيعات!

يعني ذلك – إذا ما أردنا التبسيط – محاولة فهمك بدقة، تسمح لسماسرة البيانات ببيع المعلومات التي يجمعونها بأعلى سعر ممكن للمعلنين والمسوِّقين والشركات الأخرى التي تحتاج هذه البيانات في عمليات صنع القرار.

ــــــــ

“ساسة بوست”