وجهة نظر

فيروسات حزبية‎

بدأ يومه كالمعتاد بالسلام الحار على الجميع وعزيمتهم على الزبادي وشوارمة و”بابا غنوج”، وهو متأكد أن هذا ما سيعزز شعبيته داخل عمله أولا وداخل الحزب الذي ينتمي إليه ثانيا. ثم أخذ يسأل عن أبناء هذا وبنات ذاك، وصحة الآخر وسبب عبوس الجار وكأنه سفير النوايا الحسنة.

صاحبنا هذا يتغير مزاجه بتغير الطقس، أقصد بتغير المصالح والأشخاص الواقفين أمامه، فهو قليل الضحك كثير الأوامر للحارس مثلا، مبدع في الانحناءات والبروتوكولات مع رفاقه في الحزب وأبناء الحي، فهؤلاء من سيضمن له التسلق من منصب لآخر.

للعلم الانتخابات لاتزال بعيدة ولكنها في عمر بناء شعبيته قصيرة، لذلك فعليه تعزيز الشراكات والعزومات والابتعاد عن المكدرات وكل أنواع الحزازات واستبدالها بالمحفزات اللذيدات، أو اللامعات، تلك التي تصنف من صنف الهدايا والمجاملات، للقلوب مقربات، أو النقديات، وحبذا لو كانت من تلك الحسناوات الزرقاوات، ناعمات الملمس، النادرات، القليلات، العزيزات المعزات إن كثرت، والمذلات إن قلت وجحفت. وعليه فكل ما قد يخلق له عداوات أو يضعه موضع شبهات، أصبح من المحرمات.

صاحبنا لا يقدم رشاوي ولا إكراميات ولكنها هدايا على طول السنة، وخدمات أخرى جليلات من قبيل، رخص لبنايات شاهقات، في عنان السماء سابحات، حتى وإن كانت أعمدتها لا تتحمل تبعات الارتفاعات والطبقات المتتاليات.

لا أدري إن كان يصح أن أسميه سياسي محنك، يعرف من أين تؤكل الكتف، أو وصولي وانتهازي في شكل قديس مزيف، الغريب في الأمر أن البعض يعلم بحقيقة شخصه المنحرف المحرف، الشغوف بالحضور في احتفالات البلديات أو كبريات المناسبات، التي تكون فيها الصور بارزات منتشرات على المواقع والتلفزات، هو يعلم أنه يصنع اسما له، عليه بالكثير من التضحيات، حتى على حساب أسرته، وفضلا عليها كل أنواع التجمعات واللقاءات تحت مسمى نضالات لأنها من الضروريات، …

ولازال صاحبنا رغم تقدم سنه وشيب رأسه ووهن عظمه، يجد طاقة غريبة في الحركة والتنقل والحديث لساعات طوال في المنتديات والتظاهرات، قد يظن القارئ أني أقصد شخصا معين، ولكن صدقوني هي سمة غالبة يتقاسمها من أصيب بفيروس المنصب دون نية الإصلاح، يصيب من يريد أن يجني الثمار دون أن يزرع ويحصد، فالسياسة عنده باب يفتح على مصراعيه للاغتناء والتطاول على أملاك الغير، مستغلا بساطة تفكير من نصبوه ولأصواتهم عن حسن نية منحوه.

كلامي ليس قاسيا ولا غريبا، بل إنه من المسلمات حتى أن السياسيين سليمي النية يكاد يعدون على رؤوس الأصابع، فهم يتعرضون لصراعات مع الإعلام وبارونات الانتخابات والصفقات وما جاورهم، وقد أحلت أعراضهم وسمعتهم وشكك في ذممهم، وفي هذا لم يبخلوا ولم يتوانو أو للأخلاق استحضروا، لهذا ياشعب المغرب العزيز، إن رأيت سياسيا ليس للصحافة عزيزا، ولا في القنوات متاحا، ولا على حب الظهور حريصا وإن تكلم على قلبهم ليس خفيفا ولا ظريفا، فاعلم أنه هو من يستحق تصويتك، وثقتك بل ومساندتك ولا تقبل على نفسك أن تكون مجرد أداة لوصول من هم على شاكلة هؤلاء الوصوليين، مجرد فايروسات حزبية.