مجتمع

معتقلون إسلاميون يشتكون “انتكاسة حقوقية” على “الطريقة الأمريكية”

اشتكى معتقلون إسلاميون يتابعون في ملفات متعقلة بـ “الإرهاب”، “انتكاسة حقوقية خطيرة” في حقهم، حيث أفادوا في تقارير متعددة حصلت “العمق المغربي” عليها، تعرضهم للمضايقات والتعذيب النفسي بطرق شتى، وفق “نموذج أمريكي استوردته المندوبية العامة للسجون” على حد زعمهم.

واختلفت حالات “الخروقات الحقوقية” في حق معتقلي ما يسمى “السلفية الجهادية”، وفق التقارير التي أصدرتها اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، حيث اتهمت إحدى إدارات السجون بتعمد عرض أفلام إباحية على بعض المعتقلين الإسلاميين، ووضع المعتقلين المذكورين مع معتقلي الحق العام، و”التعسف” في قرارات وضع إسلاميين بالزنزانة المنفردة.

أفلام إباحية وشذوذ ومخدرات

وفق تقرير للجنة المذكورة توصلت “العمق المغربي” بنسخة منه، أقدمت إدارة سجن تولال 2 بمكناس على تنقيل أحد المعتقلين المتابعين في ملف “الإرهاب”، من زنزانته التي كان بها رفقة معتقلين آخرين في نفس الملف، إلى زنزانة مخصصة لسجناء الحق العام، “تعج بشتى أنواع الممنوعات من ترويج للمخدرات وممارسة للشذوذ الجنسي ومشاهدة للأفلام الإباحية وسب لله على مرأى ومسمع من إدارة السجن التي لا تحرك ساكنا”، وفق نص التقرير.

وأضافت اللجنة في تقرير آخر، أن معتقلي “السلفية الجهادية” بسجن القنيطرة والذين يزيد عددهم عن 30 معتقلا، يشتكون من “استفزازهم ومضايقتهم من طرف الإدارة و”بعض السجناء المدفوعين منها”، وأنه يتم “تشغيل الأفلام الإباحية على مرأى منهم”.

واتهم التقرير ذاته، إدارة السجن بالعمل على عزل المعتقلين المذكورين عن المحيط “الخارجي وتعريضهم لإجراءات استفزازية تخصُّهم بها”، وذلك من خلال ممارسة حراسة لصيقة حتى على مستوى الزيارة فلا يسمح للمعتقل بأن يتحدث مع أسرته بأريحية حيث يتعرضون للمراقبة والتنصّت من طرف حارس يشاركهم الجلسة.

النموذج الأمريكي يرهب نفسية السجناء

وفق بيانات المعتقلين الإسلاميين من مختلف السجون، توصلت بها “العمق المغربي” عن طريق لجنة الدفاع نفسها، استوردت الإدارة العامة للسجون “نموذجا أمريكيا” خاصا يتم تطبيقه على المعتقلين المتابعين في قضايا متعلقة بتهم “الإرهاب”، ويقوم هذا النموذج على تصنيف السجناء وتقسيمهم إلى أنواع يُعامل كل صنف منهم حسب التهمة التي اعتقل من أجلها.

ويضيف المصدر، “هذا التّصنيف يقسّم السجناء إلى ثلاث فئات، والفئة الأولى «أ» التي وصفت بالخطيرة جدا تضم المعتقلين في إطار قانون “الإرهاب” والقتل العمد والتسميم، وهذه الفئة لها حصّة الأسد من التّضييق ومصادرة الحقوق بموجب هذا القانون المزمع تطبيقه حيث جاء فيه أن هذه الفئة تفرض عليها إجراءات حراسة مشدّدة ولصيقة، وعند خروجهم من الحي يصفّدون ويكونوا رفقة موظف أو أكثر حسب درجة الخطورة، والزيارة لا تتجاوز فردين من العائلة ولمدة 20 دقيقة، الفسحة لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم، ولا يسمح لهم بالاختلاط مع باقي المعتقلين، ويتم قطع التيار الكهربائي عنهم بداية من العاشرة ليلا، ولا يسمح لهم بالعمل إلا في نظافة الحي الذي يتواجدون به”.

وانتقدت اللجنة المشتركة هذا النموذج معتبرة إياه “إجراءً عقابيا بامتياز بعيدا كل البعد عن كل روح للأنسنة والتهذيب التي ترفعها مندوبية السجون كشعارات بّراقة، بل هو عقوبة ثانية تنضاف للعقوبة الحبسية”.

من جهته، انتقد الناشط الحقوقي والمحامي عبد المالك زعزاع، تصنيف السجناء باعتبار “درجة الخطورة”، معتبرا إياه خارج القانون، حيث ينص القانون على أربع درجات فقط وهي الجنايات والجنح الضبطية والجنح التأدبية والمخالفات، داعيا مندوب السجون إلى “مراجعة أوراقه”.

وأكدت بيانات صادرة عن معتقلين إسلاميين أن عددا من السجناء أصبحوا يعيشون حالات نفسية “رهيبة وصعبة” بسبب تطبيق هذا النموذج عليهم، وجعلهم في الدرجة «أ» الموصوفة بالخطيرة.

وأكدت اللجنة ذاتها، أن معتقلين بسجن “مول البركي” بمدينة آسفي، بات معظمهم يعيش “حالة نفسية رهيبة جراء التعذيب والقمع الممارس وتخويف السجناء وتهديدهم بإرسالهم إلى المصحة بمجرد كتابة إشعار الإضراب أو شكاية”، إضافة إلى الغياب المتكرر لطبيب الأسنان في ظل معاناة عدد من المعتقليم من آلام حادة على مستوى الأسنان.

واتهمت السجناء إدارة السجن المذكور بممارسة التعذيب في حق عائلاتهم ومن يرغب في زيارتهم، دفعت عددا من زوجات المعتقلين إلى التوقف عن الزيارة، بسبب تعرضهن “للتفتيش المهين والاستفزاز والتضييق إضافة إلى تركهن أمام باب السجن ساعات طويلة منتظرات”.

وتابعت، “أما مكان تواجد هذا السجن فهو في أرض فلاة لا بشر ولا حجر ولا نقل ينقل الزوار كأنه قاعدة عسكرية بكل المقاييس”، مشددة أن زوجات المعتقلين بعد خروجهن من السجن “لا يجدن من ينقلهن إلى مدينة آسفي التي تبعد عنه أكثر من 40 كيلومتر فلا يسمعن إلا نباح الكلاب ونقيق الضفادع، و في وقت متأخر يضطر حراس السجن إلى إبعاد العائلات عن باب الزوار الخاص بالسجن، حتى وإن كانت امرأة مسنة ولا تجد المسكينة من ينقلها من هذا المكان الخالي من أي بشر وقد تتعرض للسرقة أو الاعتداء الجسدي”.

ضرب وحلق شعر ولحية معتقل إجباريا

وفي بيان صدر الأسبوع الماضي، اتهم المعتقلون الإسلاميون بالسجن نفسه بمدينة آسفي، إقدام الإدارة على حلق شعر ولحية أحد المعتقلين بشكل إجباري، بعد أن تم تعريضه للضرب المبرح تحت إشراف نائب المدير رئيس المعقل، على حد نص البيان.

ورغم تفتيش غرفته وحاجاته الخاصة، لم يتم إيجاد أي شيء ممنوع، ولم يتم ضبطه مرتكبا أية مخالفة، حسب ما أفاده المصدر نفسه.

وأضاف البيان أن معتقلا آخر بالسجن ذاته، تعرض هو الآخر للاعتداء بالضّرب و السب والإهانة بسبب تساؤله عن سبب “تفتيش زوجته بشكل مهين ومستفز”، كما تم إيداع المعتقلين معا بعد ذلك في زنزانة العقاب الانفرادية “الكاشو”.

مندوبية السجون تنفي استيراد أي نموذج من الخارج

من جهتها، نفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج استيراد أي نموذج خارجي وتطبيقه تجريبيا على السجناء المغاربة، وأوضحت في بلاغ لها توصلت “العمق المغربي” بنسخة منه، أن يتعلق بتنزيلها لدليل مساطر لتصنيف السجناء حسب مجموعة من المعايير الموضوعية، مشددة أنها يتطابق مع المقتضيات القانونية المتعلقة بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية.

وأكدت مندوبية السجون في بلاغها، أن الدليل المذكور أتى “انسجاما مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في قاعدتها الثامنة التي تنص على ما يلي : توضع فئات السجناء المختلفة في مؤسسات مختلفة أو أجزاء مختلفة من المؤسسات مع مراعاة جنسهم وعمرهم وسجل سوابقهم وأسباب احتجازهم ومتطلبات معاملتهم”.

وأضافت، أنه يهدف إلى التخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن الاكتظاظ وخاصة منها اختلاط جميع فئات السجناء مع بعضهم البعض، وكذا حماية السجناء أنفسهم من اعتداءاتهم على بعضهم البعض وحماية حقوقهم الأساسية، كما أنه ينطوي على أبعاد إنسانية وإدماجية وأمنية في نفس الوقت.

وتابعت، أن الدليل يعتمد معايير السن والتهمة ومدة العقوبة والحالة الصحية الجسدية والنفسية، إضافة إلى السوابق الإجرامية والحالة الاجتماعية، والمستوى الدراسي والانخراط في البرامج الإصلاحية…إلخ، كما يعمل على تحديد احتياجات المعتقلين وخصائصهم النفسية والاجتماعية، والعمل على تفريد المعاملة العقابية ووضع برامج خاصة لكل فئة على حدة مع تهيئ الظروف الملائمة لتطبيق هذه البرامج.

وشددت المندوبية، أن نظام التصنيف الذي تم اعتماده لتطوير وتوحيد تدبير المؤسسات السجنية، جاء استجابة لضرورة تنظيمية ملحة أملتها اعتبارات موضوعية، وأنه من إنتاج ذاتي خالص، ولم يتم استيراده من أي نموذج أجنبي.