منوعات

العلام يكتب: طلب المعرفة وطلب السياحة

أثارت انتباهي مسألة غاية في الأهمية، على هامش البرنامج التكويني الذي يعقده “مركز تكامل للدراسات والأبحاث” بشراكة مع “الجمعية الدولية لطلبة العلوم السياسية” الكائن مقرها بهولندا. إذ لاحظت كيف أن الطلبة القادمين من مختلف دول العالم (أمريكا، تركيا، فرنسا، بريطانيا، الصين، ألمانيا، هولندا…) قد تحمّلوا نفقات تنقلهم ذهابا وإيابا، كما تكفلوا بمصاريف إيوائهم وتغذيتهم طيلة مدة التكوين التي تستمر حوالي 10 أيام، إضافة إلى مساهمتهم بقدر مالي محدد في 2000 درهم، مقابل أن يستمعوا إلى محاضرات في مواضيع تتعلق بالشرق الأوسط وتحديات الدمقرطة.

في البداية اعتقدت أن هؤلاء يتلقون دعما من طرف الدول التي قدِموا منها، لكن بعد مناقشات جانبية لاحظت أن أغلبيتهم “حوّشوا” المصاريف من منحهم الجامعية، وادخروا من بعض مخصّصاتهم الأسرية من أجل المشاركة والاستفادة.
الملاحظة هذه، نبّهتني إلى قضيتين:

الأولى: أن طلبة العالم لديهم منحا يمكن أن يدخروا منهم بعض القروش للمشاركة في ندوات خارجية. (هل أقارن بمنح طلبة المغرب التي لا تكفي حتى في أداء واجب الكراء؟).

الثاني: غالبا ما أحضر بعض الندوات الدولية التي يشارك فيها العرب، ويستفزني كيف أن البعض من الحضور الذين تتكفل لهم الجهات المنظِّمة بكل شيء، بل تخصّص لهم من ينقلهم من المطار أو محطة القطار إلى الفندق، وتهيئ لهم كل السبل الضرورية لإنجاح مهمتهم، إلا أنهم لا يشاركون إلا في الجزء اليسير من أشغال المؤتمر، وغالبا ما تجدهم يتجولون في أروقة مكان المؤتمر أو يغادرون المكان صوب اكتشاف المناطق السياحية.

للأسف أن هذا الأمر ينطبق بشكل كبير على الأجيال الشابة، وإلا فإن “قدماء” المعرفة والبحث العلمي يحيرونك بصمودهم وانتباهم، في إحدى المناسبات العلمية التي دامت حوالي 3 أيام، لاحظت كيف أن مفكرا من طينة د. حسن حنفي، يكون أول الحاضرين بين الجمهور، ولا يغادر إلا بعد انقضاء كل المداخلات، رغم أنه لا يتنقل إلا عبر كرسي متحرك، وفي المقابل استغربت كيف أن شبابا ليس لديهم ممّا لحسن حنفي ولو عُشر معشار من المعرفة والإنتاج العلمي، يتصايحون في أروقة المؤتمر وغير مبالين بالمداخلات، رغم أن الجهة المنظمة تكلفت لهم بكل شيء.

فرق كبير بين طلب المعرفة وطلب السياحة.