وجهة نظر

جدلية الإصلاح والتغيير والحاجة الى الخيار الثالث

الإصلاح والتغيير: رؤى مختلف في معالجة التخلف

هناك حاجة ماسة لتفكيك مفاهيم عدة كانت ولازالت تشغل بال الباحثين والتيارات الفكرية والسياسية التي تشتغل في ميدان الثقافة والسياسة والاقتصاد والفن…، من بين هذه المفاهيم تلك التي أسالت الكثير من المداد وساهمت في تشكيل الوعي لدى النخبة والمجتمع في العالم الاسلامي، ونقصد مفهومي “الإصلاح” و”التغيير”.

فقد سيطرت على ذهنية المفكرين العرب، وعلى الخطاب العربي الحديث، مسألتي التغيير والإصلاح في تجلياتها الاشكالية وأسئلتها وبقضاياها المعرفية والاجتماعية، حيث بلور العقل العربي هذه المفاهيم في سياق تراكمه النظري والمعرفي خصوصا مع بداية النهضة العربية بسبب الصدام العسكري والثقافي مع الغرب سواء في شقيه الامبريالي أو الحداثي.

فغالبا ما فهم من الاصلاح كونه ” تصويب ما اعوج في مسار، او تآكل في قوام، وتجديد له يطابق الأصل الذي منه انحدر، أو إعادة ترميم المجتمع أو الثقافة أو سوى ذلك مما يمكن أن يدخل في دائرته” وهو فهم يطابق ما ذهبت إليه أغلب التوجهات السلفية، التي لم تكن قضيتها سوى تحقيق الماضي في المستقبل على اعتبار أن المستقبل الأمثل ليس إلا ذلك النفي الحازم للحاضر في صورة استعادة لماض انزوى في زاوية النسيان.

في مقابل الإصلاح كان الند والغريم التقليدي له “أي الثورة” مناقضا لما ذهب اليه رواد الإصلاح فالثورة لا تقوم إلا بتدمير النظام القائم ونفي مرجعيته التي استند إليها، بذلك يهدف إلى هدم والهجوم على هدف الاصلاح ( = النظام الأصل).

بعد تبيان الفرق بين المتضادين، لابد من التذكير بوجود لحظات صدام بين التيار الليبرالي والتيار الاصلاحي إن شئنا التعبير عنه بالتيار المحافظ الذي يؤمن بضرورة احياء التراث وإصلاح الأوضاع بما يجعلها تتصالح مع الماضي، هذه اللحظا