وجهة نظر

العثماني يكتب عن العنف الجامعي بعد مقتل الطالب “عمر خالق”

شهدت الجامعة المغربية في المرحلة الأخيرة ازديادا في استعمال العنف، مما أدى إلى مقتل شابين بكل من أكادير ومراكش. وإذ نتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى أسرتي الشابين وأصدقائهما والحركة الطلابية عموما، فإننا ندعو الله تعالى أن يتغمدهما برحمته الواسعة وأن يرزق ذويهما الصبر والسلوان. ونذكر بأن ذلك يرفع عدد الشباب الذين تعرضوا للقتل في سياق العنف الجامعي إلى ثلاثة في أقل من سنة إذا أضفنا اغتيال الطالب عبد الرحيم الحسناوي في شهر أبريل 2015 بجامعة فاس.

إن هذه الأحداث تذكر بتاريخ العنف داخل الجامعة المغربية منذ ستينيات القرن الماضي. وهو عنف يرتبط بعوامل عدة ومتنوعة. وبقي هذا العنف يتجدد في الجامعة المغربية فترة بعد فترة، وبمجرد ما يظن أنه اختفى ينفجر من جديد.

إن العنف السياسي بمختلف أنواعه مرفوض ولا يمكن أن يؤدي إلا إلى تأزيم العلاقات ويسيء إلى جميع الأطراف المتورطة فيه، ولابد من اتفاق الجميع على إدانته ورفضه، ورفض أي استثمار له للوصول إلى حسابات سياسية ضيقة.
والموضوع يستدعي التأكيد مرة أخرى على الأمور التالية:

أولا – إن الجامعة فضاء لتخريج النخب، ومن مهامها فتح آفاق ورؤى المستقبل، وتوفير شروط النهوض المعرفي والاقتصادي والتنموي. ولا يكون ذلك بدون سيادة حزمة من القيم الحضارية الناظمة. وعلى رأسها قيم الحوار وقبول الآخر والتواصل الفعال بين مختلف الآراء والتوجهات، وقيم التنافس السلمي الشريف ونبذ العنف ورفضه أيا كان مصدره وأيا كانت الجهة التي تتبناه أو تمارسه.

ثانيا – العنف الجامعي يشكل تهديدا لوظيفة الجامعة وأدوارها ومستقبلها. أما وقد تطور قسوة حتى وصل إلى حد القتل، فهذه كارثة بكل المقاييس، إنسانيا وحقوقيا ودينيا ووطنيا. وأضحى يهدد أيضا العلاقات بين أطراف في المجتمع بمزيد من التوتر والعنف. وهو ما بات معه من الضروري استعادة النقاش حول الجامعة ومكانتها ضمن مسار تقدم المغرب ومسيرة الانتقال الديمقراطي بالوطن.

ثالثا – إنه من الضروري التصدي لهذه الانزلاقات الخطيرة، وإدانتها من طرف مختلف مكونات المجتمع، وكذا إدانة العنف بمختلف أنواعه وتحت أي مبرر، ووضع الجامعة على رأس أولويات الفاعل السياسي والمدني وأولويات الإدارات الوصية.

رابعا – من الضروري التعامل مع هذه الظاهرة بمقاربة شمولية تستدعي مختلف الجوانب الثقافية/ التربوية، والسياسية، والأمنية المطبقة للقانون. وفي مقدمتها إعادة الحياة للحرية النقابية في الجامعة وإعادة السماح بعودة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بوصفه إطارا جامعا وفضاء للحوار والتفاعل البناء بين جميع الأطراف الطلابية. فالتشجيع على إعادة تنظيم الحياة الطلابية على أسس سليمة قد يكون أكبر مدخل لإرساء علاقات جديدة داخل الجامعة، واستعادة هذه الأخيرة فضاء للحوار والتحصيل العلمي والمساهمة الفاعلة في التنمية في جو من الانضباط والمواطنة واحترام الآخر.