سياسة

وزير الدفاع الجزائري السابق يروي تفاصيل لقائه مع الحسن الثاني

عاد وزير الدفاع الجزائري الأسبق، الجنرال المتقاعد خالد نزار، لإثارة قضية زعيم الجماعة المسلحة الإسلامية (GIA)، عبد الحق لعيادة، الذي فر إلى المغرب في أوج اندلاع الحرب الأهلية في الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي، والمفاوضات بشأنه التي تمت داخل القصر الملكي مع الملك الراحل الحسن الثاني ووزير الداخلية آنذاك إدريس البصري في العام 1993.

ويتعلق الأمر، بعبد الحق العيادة الذي كان مطلوبا من قبل الأمن الجزائري، بعد أن اختفى عن أنظاره لمدة أسبوعين داخل التراب الجزائري، قبل أن يتم اكتشاف تواجده بأحد الفنادق بمدينة وجدة الحدودية مع الجزائر.

إلى ذلك، قال خالد نزار في إحدى حلقات الحوار الذي تجريه معه جريدة “الشروق اليومي” الجزائرية، إنه بعد هذا الاختفاء، “تم تعقبه، وتوصلت المصالح المختصة إلى أنه يقيم في فندق في وجدة بالمغرب، فضلا عن بعض أماكن تخزين الأسلحة”.

وأشار إلى أن الأمنيين الجزائريين كانوا أمام احتمالين: إما “المجيء به من المغرب دون علم السلطات المغربية ودون إحداث أزمة بين البلدين”، أو “أن نتبع الطرق المشروعة”، قبل أن يؤكد اتصاله بإدريس البصري، مبلغا إياه إرسال الجنرال السابق الجنرال إسماعيل العماري لبحث “مشكل أمني يخص الجزائر والمغرب معا”.

وأضاف، “وبعد نحو ساعة، كلمني (البصري)، وأعلن استعداد المغرب لاستقبال العماري”، قبل أن يحل الجنرال الجزائري العماري بالرباط في اليوم الموالي.

وأشار الجنرال المتقاعد، بأن الأمن المغربي تمكن من القبض على لعيادة من الفندق الذي كان يتواجد به في وجدة، كما أنه تمكن من وضع يده على مخازن الأسلحة، بالإضافة إلى أنه تم وضع نقاط مراقبة على الحدود، “حتى إذا دخل لعيادة برا، تم القبض عليه”. ثم عاد الجنرال إسماعيل العماري إلى الجزائر.

وحول لقائه مع الملك الراحل الحسن الثاني، خلال زيارته التي أعقبت الزيارة الأولى للعماري، أوضح نزار: “التقيت الملك لوحدي، لما وصلت المطار، وجدت إدريس البصري ينتظرني…، دخلنا مكتب الملك، وكان صغيرا، الأثاث كله مغربي”، قبل أن يعلق “وقلتها من قبل، السلطنة (يقصد المملكة) عندنا وليس عندهم. حقيقة، لأن المكتب كان بسيطا. وبجانب مكتب الملك كانت قاعة صغيرة بها إدريس البصري ومحمد السادس الذي كان وليا للعهد، وبعض أعضاء الديوان الملكي”.

وقال عن هذه المقابلة، التي دامت قرابة الساعتين، “في البداية أخذ (الملك) عني المعلومات الكافية، وعلم بأنني أدخن، فأهداني ثلاث علب مصفاة السجائر، مصدرها الولايات المتحدة الأمريكية. ووصلنا بعدها إلى بيت القصيد، إنها قضية الصحراء، ومما قاله لي، إن الأمن جزء لا يتجزأ .. وقلت له إن هذه القضية على مستوى الأمم المتحدة”.

بعدها، “طلبت من الملك تسليم لعيادة، وكان معنا البصري، ثم التفت الملك إلى وزير داخليته وطلب منه حل المشكل مع الرجل. عندها قال لي البصري، لقد عثرنا على مخازن سلاح، لقد عثرنا على مخازن سلاح… وأنا كنت على علم بأن إسماعيل العماري هو الذي أعطاه المعلومات الخاصة بمخازن الأسلحة أيضا”، ثم أشار إلى تكرار الطلب إلى البصري الذي رد علي بصعوبة الأمر.

بعد هذا اللقاء، أشار نزار إلى أنه خلال اجتماعه برئيس مجلس الدولة الراحل علي كافي، وبطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة حينها، تم إخباره بأن “الملك المغربي يقول لك إن الأمانة جاهزة…، وبالفعل تسلمناه في غضون ثلاثة أشهر”، مشيرا، إلى أن الملك كان يرغب في ألا يكون أمر تسليم زعيم الجماعة سريا بين الدولتين، بعد أن سبق وقال للملك خلال لقائه معه: “لو تسلمونا إياه فلن يسمع أحد”، قبل أن يرد عليه الراحل الحسن الثاني ضاحكا: “لو يتسرب الخبر سنعلن بأنهم خطفوه من المغرب”.

وكان إدريس البصري، وزير الداخلية الراحل، قد قدم شهادته بهذا الخصوص مضمنة في حوارات أجرتها معه جريدة “الحياة” اللندنية في العام 2004، مؤكدا خلالها من أن رصد العيادة، خلال وجوده في المغرب تم بشكل سريع من مصالح الأمن في البلدين، فيما لم ينف الطلب الجزائري بخصوص تسليمه لها. مشيرا إلى الرد المغربي الذي اعتبر أن “هذا الطلب حكومي رسمي جزائري، وأن المغرب لا يمكنه أن يلبي الطلب، إلا بحكم قضائي، وبطلب رسمي جزائري لطرده وتسليمه.