وجهة نظر

حزب الله يقتل مضايا جوعا

في هذه الأوقات التي ينظر لها بحياد بارد تافه – أخلاقيا وفكريا – للثورة السورية؛ هناك كلمة لا بد منها:

يجري الآن، إعلاميا وسياسيا، ربط حصار #مضايا والتجويع الذي يقوم به حزب الله، بحصار الثوار وجبهة النصرة للفوعة وكفريا، والنظر لما يجري على أنه نتيجة لـ “أزمة يشترك بها طرفا صراع”، وتوزع المسؤولية بالتساوي على الطرفين ..

والحقيقة أن هذا، عدا عن كونه أزمة أخلاقية، يمثل أزمة فكرية وواقعية؛ فالمقارنة بين مجموعة من المرتزقة، بقضايا الأمة ومقدساتها وتاريخها والمال والفساد والاختراق، الفاشيين الساديين – الذين خلق الله لأجلهم الجحيم، رغم اعتبار البعض لهم مناضلين وشهداء -، المستمتعين بجوع الأطفال، وبين أهل هؤلاء الأطفال الذين يقبضون على وجعهم ليطعموا مدنيي كفريا والفوعة، الذين لم يمت ولن يموت منهم أحد من الجوع ولا القصف، رغم القدرة على ذلك، هي فساد روحي وفكري ..

لو خرج مدنيو حمص المحاصرة على أحياء العلوية بالسكاكين لأبادوهم، ولو قرر سكان الزبداني توجيه صواريخهم وحرفها لاستطاعوا، لكنهم فضلوا الإنسان بداخلهم على أرواح أبناءهم، وفضلوا أن يذكرهم التاريخ كمحاصرين ماتوا جوعا، على أن يذكرهم كمرتزقة باسمه واسم الإنسان ..
هذه هي الثورة، وذاك هو النظام وحلفاؤه ..

هذا هو الإسلام ووصية “لا تقتلوا طفلا، لا تقطعوا شجرة”، وذاك هو الكفر به وابتذاله والارتزاق باسمه ..
هذا هو الإنسان، وذاك هو الجحيم، ومن يساوي بينهما هو إبليس، وإن قاسمنا “إنه لمن الناصحين”، و”أنه يخاف الله” ..
الثورة السورية لم تعد ترفا اخترناه أو قضية تبحث عن داعمين أخلاقيين، الثورة السورية هي خيارنا الوحيد ومعنى وجودنا الأخير وثأرنا الأزلي..

وقبل كل ذلك؛ انتسابنا أو دعمنا – أو سوانا – للثورة ليس تشريفا أو تزكية لها، بل هي التي تشرف من أعلن وقوفه وانتسابه لأنبل القضايا بالتاريخ الحديث ..

نحن الذين تشرفنا بأن كنا جزءا من هذه الملحمة، نحن هؤلاء، الآخَرون الآخِرون، ولو متنا وحدنا – لكن واقفين -، ولو انهار العالم .