منوعات

التحالف العسكري المغربي السعودي

وقع عبد اللطيف لوديي، الوزير المغربي المنتدب بإدارة الدفاع الوطني، ومحمد بن عبد الله العايش، مساعد وزير الدفاع السعودي، بتاريخ 11- 12-2015، اتفاقية تهم التعاون العسكري والتقني بين القوات المسلحة الملكية والقوات المسلحة بالمملكة العربية السعودية.

وتهم الاتفاقية الموقعة بين المغرب والسعودية مجالات “التكوين وصناعة الدفاع والدعم اللوجستيكي ونقل الخبرة العسكرية والخدمات الطبية العسكرية وتبادل الزيارات. وذكر بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المباحثات التي أجريت بين مساعد وزير الدفاع السعودي، في زيارته الأخيرة، مع بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية قائد المنطقة الجنوبية، تروم “تعزيز التعاون العسكري بين القوات المسلحة للمملكتين، وأشاد المسؤولان بالحصيلة الإيجابية للتعاون العسكري بين البلدين، الذي يشمل الدعم المتبادل والتكوين وتبادل الزيارات”.

وبالرجوع للسياق الزمني لهذا الحدث التاريخي، نسجل أنه يأتي قبل يوم واحد من إعلان عن تشكيل “تحالف عسكري إسلامي” يضم حوالي 34 دولة لمحاربة الإرهاب؛ وهذه المبادرة التي تقودها المملكة العربية السعودية، تأتي في خضم صراع إقليمي ودولي عنيف بالشرق الأوسط يمس بشكل مباشر بأمن دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة السعودية التي أصبحت دولة مهددة، من جنوبها وشرقها وفي مياها الإقليمية.

هذا الواقع الجديد دفع السعودية للبحث عن حلفاء عسكريين خلّص، تجمعهم مصالح مشتركة لا تخضع لتقلبات الصراع الدولي وتحالفاته البركماتية؛ ولا تخضع لابتزاز السعودية ماديا أو طاقيا. في هذا الإطار يمكن فهم التوجه الجديد لتعاون العسكري المغربي الخليجي عامة وخاصة مع السعودية.

تسعى دول الخليج إلى إشراك المغرب في تكوين قوات مشتركة تابعة لمجلس التعاون الخليجي. ووفق تقارير معهد الدراسات الإستراتيجية العسكرية البريطاني 2014م يحتل المغرب المرتبة الثانية عربيا بعد القوات المسلحة المصرية من حيث عدد الجنود والضباط؛ وتبوؤ قدراته التكنولوجية المرتبة الثالثة إفريقيا بعد جنوب إفريقيا ومصر، وتتفوق وحداته الخاصة على نظيرتها المصرية، ولا تنافسها عربيا إلا الوحدات الخاصة الأردنية.

ويعود التعاون المغربي الخليجي لعقود ماضية، ساهمت فيه القوات المسلحة المغربية على تكوين وتدريب دول خليجية عديدة خاصة، السعودية والإماراتية، والبحرينية، وقوات سلطنة عمان. وتربط المغرب مع هذه الدول اتفاقيات تعاون عسكرية؛ وآخرها وقعها المغرب سنة 2014م مع قطر.

وساهم طيارون مغاربة في منتصف تسعينيات القرن الماضي في تدريب طيارين خليجيين والإشراف على تكوين صقور وحدات القوات الجوية لثلاثة بلدان خليجية.

وحسب معهد واشنطن للدراسات الشرق الأدنى، “ما يزال عدد من الضباط السامين المغاربة يشرفون على التكوين في كليات حربية خليجية، كما أن ضباطا وتقنيين من سلاح الجو المغربي أعيروا خلال السنوات الأخيرة لبعض بلدان الخليج العربي في إطار اتفاقيات تعاون عسكري وتبادل الخبراء مع قيادة الجيش المغربي”.

كما أرسل المغرب سنة 2014م فريقا عسكريا يتكون من نخبة عسكرية متخصصة وذا خبرة معترف بها دوليا إلى المملكة العربية السعودية. وحسب تصريحات رسمية مغربية فالكومندو المغربي يضم حوالي 100 فرد لتدريب وحدات عسكرية سعودية على مواجهة خطر “داعش”؛ وكانت العربية السعودية قد استفادت من خدمات الجيش المغربي، بعد هجوم مليشيات الحوثيين عليها سنة 2009؛ حيث شكل دخول وحدات خاصة من القوات المسلحة الملكية على خط المواجهات بمنطقة جزان وضواحيها، نهاية لتوسع مليشيات الحوثي بالمنطقة الحدودية بين السعودية واليمن، كما تمكن التدخل العسكري المغربي من هزم جماعة الحوثي وعقد اتفاق تم بموجبه إنهاء الحرب بين تنظيم عبد المالك الحوثي والمملكة السعودية.

وفي هذا الإطار قرر المغرب إرسال وحدات عسكرية إلى الإمارات العربية المتحدة، من أجل دعمها في مواجهة الإرهاب. “وقال مصدر مغربي رسمي عالي المستوى لـجريدة «الشرق الأوسط» إن المبادرة المغربية تدخل ضمن إستراتيجية شمولية وإستباقية ضد التهديدات العالمية والمباشرة المتكررة التي تستهدف المغرب علنا”. من جهة أخرى وسع المغرب من عدد قواته المشاركة في عملية” الحزم” سنة 2015، لتشمل القوات البحرية كذلك، إلى جانب القوات الجوية والبرية.

بكلمة، يمكن القول إن التطورات الأخيرة بين المملكة العربية السعودية والمغرب، تأتي في سياق تاريخي يحتم على الجانبين الانتقال بالتعاون والتحالف القائم سياسيا واقتصاديا، إلى مرحلة جديدة، يكون فيها التحالف الأمني العسكري الثنائي في مقدمة الأجندة المشترك. وهو ما يخدم المصالح العليا للدولتين، على المستوى الإقليمي والدولي، كما يخلق نواة حقيقية لخلق قوة عسكرية خليجية مغربية، يمكن أن تنضم إليه كل من السودان والسينيغال.