خارج الحدود

أم بلجيكية تروي لحظات سلب “داعش” لابنها من يديها

محمد بحسي / بروكسل

روت أم بلجيكية شهادة “مؤثرة” عن فقدانها لابنها في سوريا، وذلك في ندوة حول التطرف الديني والإرهاب، نُظمت مساء أمس الجمعة بحي مولامبيك ببروكسل.

وحكت “جيرالدين هينغين” الأم بلجيكية التي تبلغ خمسة وخمسين عاما من العمر، بعدما اعتنقت الإسلام منذ خمسة وعشرين عاما، كيف تغير ابنها بشكل إيجابي في البداية، بعد تخليه عن عاداته السيئة وأدائه لواجباته الدينية، وتعاطفه مع أمور المسلمين حول العالم، خاصة الفلسطينيين والعراقيين والسوريين.

غير أن قصة الابن ستبدأ في التحول بعد حديثه عن رغبته في مساعدة ضحايا الظلم والاستبداد، كمتطوع في إحدى المنظمات الإنسانية، وتضيف الأم أنها بدأت تلاحظ تحولا في سلوك ابنها بعدما بدأ ينزلق نحو التطرف وتشكيكه في تدين والديه، وإساءة الأدب معهما، وهو ما لم يكن يجرؤ على فعله من قبل.

وتقول الأم، أنه عندما بلغ سن الثامنة عشر (سن الرشد ببلجيكا)، قرر الاستقلال عن والديه والسكن وحده، ولثنيه عن هذا القرار، قررت جيرالدين طمس عاطفة الأمومة والتبليغ عن ابنها لدى شرطة بروكسل وكشف نوايا ابنها بعد سقوطه في التطرف.

ولكن مفاجأتها كانت كبيرة عندما أجابها الضابط أن ابنها راشد ويحق له الاستقلال بحياته، لتحمل هنا جيرالدين المسؤولية للسلطات البلجيكية “التي لم تقم بالواجب لثني الشباب عن الإلتحاق بداعش وأن سياستها بهذا الخصوص تميزت بالكثير من القصور واللامبالاة” حسب قولها.

جيرالدين بكت مرارا وهي تدلي بشهادتها، خاصة عندما تحدثت عن نظرة الناس إلى الأمهات اللائي فقدن أبناءهن في سوريا، وكيف وجدت نفسها وحيدة في مواجهة المجهول بعد تلقيها تلك الرسالة القصيرة خلال أحد أيام فبراير من هذه السنة، والتي تهنئها بسقوط ابنها “شهيدا” بعد قتال كان فيه “كالأسد حتى سقط صريعا في قصف القوات الأمريكية لمطار دير الزور”.

اليوم وجدت هينغين حولها أمهات أخريات عرفن نفس القدر وتسطيع على الأقل الحديث عن مصابها لأشخاص ينصتون إليها ويفهمونها في إطارجمعية تتكون من الأمهات المكلومات بسبب “داعش”.

الأم البلجيكية عبرت عن أن أقصى أمنياتها أن ينتهي القتال وتستطيع الذهاب إلى سوريا لرؤية قبر فلة كبدها الذي غادرها وغادر الدنيا وهو لم يتجاوز الثمانية عشر سنة ونصف، وأمنيتها الأخرى أن تعمل سلطات بلادها بجد على استعادة الشباب الذين يريدون ذلك وخصوصا إيجاد بنية اجتماعية لاستقبالهم وإعادة ادماجهم في النسيج الاجتماعي، وتوفير ظروف عيش كريم لشباب الأحياء المهمشة لثنيهم عن التفكير في مغامرات تعود بالندم عليهم وعلى عائلاتهم.

يُذكر أن الندوة التي نظمتها جمعية “المواطن تيفي” بشراكة مع هيئات أخرى بحي مولامبيك ببروكسل، أطرها كل من ابراهيم ليتوس رئيس أكاديمية الدراسات الاستراتيجية، ومحمد رحال مستشار السلطات للشؤون العربية والإسلامية بالسويد.