اقتصاد

شركات عملاقة تهدد العشرات من مقاولي الصحراء بالإفلاس

رغم التثمين الكبير الذي عبر عنه أهالي الأقاليم الجنوبية، لإطلاق عدد من المشاريع التنموية ضمن مخطط تنموي للنهوض بجهات الصحراء الثلاث، إلا أن عددا من رجال الأعمال والشركات المتوسطة والصغرى المحلية بمدينة العيون عبرت عن تخوفها الشديد من تعرضها للركود أو الإفلاس، بسبب احتكار شركات “متغولة” لعدد من القطاعات الحيوية.

جمعية “الفاعلين الاقتصاديين في الصحراء”، والتي تضم العشرات من رجال الأعمال والشركات المحلية المشتغلة بمختلف القطاعات والتي حظي بعض أعضائها بالتوسيم الملكي مؤخرا، عبرت لـ “العمق المغربي” على رفضها لاحتكار جهات معينة للمشاريع التنموية دون أخرى، وتمتيع شركات عملاقة من تسهيلات وامتيازات مع استثناء الشركات المحلية من ذلك، فضلا عن تغييب قانون المنافسة ومبدأ تكافؤ الفرص من هذه العمليات، وهو ما سيجعل العشرات من الشركات المحلية تواجه خطر الركود ثم الإفلاس على حد تعبيرهم.

فعلى سبيل المثال، حوالي 70 تاجرا في حبوب الشاي بمدينة العيون منذ أربعين سنة، أصبح يرى الإفلاس وشيكا، بسبب عزم إحدى الشركات الكبرى المنتمية للاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي ترأسه مريم بن صالح، (عزمها) إنشاء مصنع لتعليب الشاي بالعيون، طبقا للبرنامج الذي التزم به الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ضمن الإستراتيجية التي عرضت بين يدي الملك محمد السادس يوم السبت الماضي بالعيون، مما يجعلهم أمام منافسة غير متكافئة ويهددهم في معيشهم الرئيسي  -تجارة الشاي- والذي تعرف العيون بكون 70 عائلة كبيرة تجعل منه تجارتها الأساسية.

من جهة أخرى، سبق لثلاث شركات محلية أن تقدمت بطلب استغلال منبع مائي صالح للشرب بمنطقة “كليبات الفولة” بجهة الداخلة وادي الذهب، من أجل تعليب المياه وبيعها في الأسواق، غير أن الطلبات الثلاث لم تلق أية استجابة من طرف المسؤولين، فيما تم إسناد الصفقة لشركة في ملكية رئيسة الباطرونا مريم بنصالح في إطار استراتيجية تنمية الأقاليم الجنوبية، مع الإشارة إلى أن هذه الأخيرة تستفيد من تدبير مجموعة من منابع الماء بمناطق مختلف بالمغرب.

وفي الوقت الذي يقتني المقاولون المتوسطون المشتغلون في مجال العقار الأرض بثمن يصل إلى 600 درهم للمتر مربع، تم تمتيع شركة الضحى لمالكها أنس الصفريوي، بحوالي 100 هكتار مجانا، لتشييد إقامات سكنية نواحي “مدينة/حي 25 مارس” شرق العيون.

إسناد هذه الصفقات لشركات عملاقة في السوق الوطنية والإفريقية، دون إعلان للعروض، حسب المتضررين، يتعارض مع التوصيات الملكية في خطابي ذكرى المسيرة لهذه السنة والسنة الماضية، حيث شدد الخطابان على القطع مع اقتصاد الريع والامتيازات التي تحظى بها جهة دون أخرى، كما أنه إقصاء وتهميش للمقاولات المحلية التي ترى أنها أحق بهذه الصفقات من الشركات “المتغولة”.

وقال ممثلون عن جمعية “الفاعلين الاقتصاديين في الصحراء” أن هذه المشاريع تجعل المقاولات المحلية تجد نفسها في مواجهة غير متكافئة مع “شركات ذات مؤهلات ضخمة يسيطر عليها منطق الاحتكار”، مما قد يتسبب حسب بيان للجمعية تتوفر عليه جريدة “العمق المغربي” في “ركود وإفلاس رأسمال المقاولة المحلية”.

وتضيف الجمعية، أنه كان من المفترض أن تتم تقوية المقاولات العاملة في مجالات إنتاج مواد البناء، والتبليط والإسمنت، وتعبيد الطرق، والتكوين وتعليب الشاي، وتعبئة المياه المعدنية، من خلال برامج تطويرية “لا أن تمحى من الوجود” حسب تعبير البيان.

وحسب تصريحات عدد من أعضاء الفاعلين الاقتصاديين في الصحراء لـ “العمق المغربي” حول ما إذا كان تعريضهم للإفلاس هو الثمن الذي تجازي به الدولة المغربية هذه الشركات التي ضحى أصحابها وآباؤهم وأجدادهم بالغالي والنفيس من أجل أن تحرر تلك الثغور من الاستعمار الإسباني ولتطل الوحدة الترابية والوطنية كاملة غير منقوصة، متسائلين في حديثهم ل “العمق المغربي” بالقول “أين كان أرباب تلك الشركات الكبرى حينما كانت المنطقة تحت الحرب والتوتر، أم أنه حتى استقرت الأوضاع في العيون (عاد بانت ليهم)”.

الاقتصاديون في مدينة العيون أكدوا ل “العمق المغربي” أنهم ليسوا ضد المشاريع الكبرى التي أطلقت، لكنهم ضد تعريض مقاولاتهم للإفلاس، وضد منطق الريع والامتيازات التي جاء الخطاب الملكي للقطع معها.

رجال الأعمال المحليون قالوا للجريدة أن منطق الإشراك ينبغي أن يطبق قولا وفعلا، معتبرين أن هناك مجالات أخرى ذات أهمية قصوى في الاستثمار لكن شركات “لباطرونا” لم تقترب منها، معبرين في هذا الصدد عن حاجة العيون لمصانع إنتاج (الكارطون والبلاستيك، واللوازم الكهربائية والصناعات الغذائية).