أخبار الساعة، الأسرة

ما أسباب النرجسية لدى الطفل؟

نادرًا ما نسمع أبًا أو أمًا يعترفان بأن أطفالهما يعتدون عليهما جسديًا أو لفظيًا، فهو موضوع من التابوهات الاجتماعية، ولذلك يظل وجهُ العنف في الظل، بعيدًا عن ضوء العامة، ويختفي وراء المقولة “ثيابنا الوسخة نحن أولى بغسلها”.

وتلخص هذه الجملة الشائعة عادة ظاهرة العنف، وعدم احترام الذات، أو عدم لجوء الوالدين إلى الأساليب التربوية، وكذلك النرجسية النامية لدى الأطفال. إلا أن الباحثين في العلوم التربوية يؤكدون أن الدراسات حول هذا الموضوع تكشف عن واقع مدمّر ومخيف.

استنتاجات واضحة

وحسب تقرير الموقع التربوي nospensees.fr، يرى الباحثون أن الاستنتاجات واضحة: عنف الأطفال تجاه أهلهم أصبح أكثر تواترًا، ومكثفًا، وفي وقت مبكر. ولكن يتساءل هؤلاء الباحثون أيضًا، من أين جاء تصاعد العنف هذا لدى المراهقين تجاه آبائهم ؟

وفي هذا الشأن أجريت دراسة على مراهقين إسبانيين لتحليل العوامل التي تساعد على ظهور هذا النوع من العنف المنزلي، وكشفت المعلومات التي تم جمعها وتحليلها أن التعرض للعنف داخل المنزل، وعدم التواصل، والتربية المتساهلة تخلق مراهقين نرجسيين يعتدون على آبائهم جسديًا أو لفظيًا.

بذرة العنف تنمو في المنزل

يقول الباحثون إن معظم المراهقين الذين يعتدون على آبائهم يكونون هم أنفسهم قد تعرضوا للعنف من قبل آبائهم عندما كانوا صغارًا. ومن ثم يبدو أن التعرض للعنف داخل الأسرة هو واحد من العناصر الحاسمة التي تؤيد هذا اللجوء كأداة تربوية جيدة.

ومع ذلك، ففي مناسبات أخرى، فإن عدم التواصل العاطفي والإيجابي بين الآباء والأبناء أو عدم وجود الوقت الجيد المخصص للأطفال، هو ما يؤدي إلى المواقف العنيفة.

تساهل الأباء وعنف الأطفال

ويؤكد الباحثون أن الموقف المتساهل من جانب الآباء والمتمثل في عدم فرض أي حد من الحدود على أطفالهم، هو موقف يمكن أن يختفي وراء ردود فعل الشباب العنيفة.

وتظهر النتائج أن التعرض للعنف في السنة الأولى من الدراسة قد تزامن مع العدوان الموجه نحو الآباء والأمهات خلال السنة الثالثة.

وبالمثل، فإن العلاقة الفاترة ما بين الآباء والأطفال خلال السنة الأولى من الدراسة هي علاقة مرتبطة بموقف نرجسيّ لدى المراهقين خلال السنة الثانية، ومرتبطة كذلك بعدوانية هؤلاء المراهقين ضد الأبوين.

التربية الأسرية، مفتاح منع العنف والنرجسية

ووفقًا للباحثين، فإن ممارسات التعليم والتربية هي مفتاح منع نرجسية المراهقين والمواقف العنيفة.

وفي رأيهم أنه إذا لم يلقن الآباء أبناءهم الشعور بالمسؤولية والاحترام، فالمرجح أنه في غياب نموذج أفضل، سوف يكتسب هؤلاء الأطفال نموذج المجتمع الحديث، النموذج الذي لا وجود للإحباط أو النقص فيه.

ولذلك فإن كل مراهق يحس أنه يجب أن يفعل كل شيء ليهرب من الإحباط والنقص بأقصى ما يستطيع.

ويقول الباحثون إن السلوك الذي يلقنه الآباء والأمهات لأطفالهما، مع ذلك، ليس هو التفسير الوحيد. لأن مزاج الطفل يُعتبر عنصرًا آخرَ من العناصر الهامة في شخصيته.

فبعض الأطفال يكونون أكثر اندفاعًا من غيرهم، ويُدمِجون بسهولة أكبر السلوكَ العنيف، لأنه يمثل مخرجًا أماميًا سهلًا أمام الإحباط الذي يمكن أن يتسبب فيه الآباء أو الحياة نفسها.

الكراهية غير المنضبطة “غرفة انتظار العنف”

يرى الباحثون أن المراهقين النرجسيين يميلون إلى الشعور بالإحباط والرفض. وعندما يحدث هذا، تأتي أوّلًا الصيحات والشتائم، يرافقها، قبل أو أثناء، أو بعدُ، العدوانُ الجسدي.

ضرورة الحوار التربوي

ويوضح الباحثون أنه لهذا السبب يتعين على الآباء عندما يرون طفلهم وقد تجاوز في عدوانيته كل الحدود التي يكونون هم أنفسهم قد حددوها له، وأنه قد أصبح لا يحترم أحدًا، أن يُنشئوا معه حوارًا تربويًا، قائمًا على الإصلاح المطلوب الذي يقطع ويحسم السلوك العنيف من جذوره.

ووفقًا للباحثين، فإن الفئة العمرية بين 13 و 15 عامًا فئة حساسة في ما يتعلق بموقع المراهق، أو ما قبل المراهق، أمام العدوانية، الموجهة سواء نحو الآباء، أو الآخرين، أو الأشياء.

تطور العدوانية عند الفتيات

من ناحية أخرى، يؤكد الباحثون أيضًا على فكرة أنه حتى وإن كانت ظاهرة هذه العدوانية لا تفسَّر عمومًا على ضوء الجنس تحديدًا (الذكر أو الأنثى)، فإن الملاحظ أن هذه العدوانية تشهد تطورًا ملحوظًا لدى الفتيات.

الحد من النرجسية

وينصح الباحثون بأنه عندما يطفو السلوك العدواني لدى المراهقين، يجب أن يتوجه العلاج المقترح نحو الحد من النرجسية.

ولهذا السبب، يقترح فريق الباحثين أن الحل يكمن في تنشئة قائمة على أساس الاحترام والتسامح تجاه الإحباط، وكذلك من خلال عدم تعريض الأطفال للعنف.