مجتمع

متخصصون: الاكتئاب مرض شائع ويدخل ضمن أهم مسببات الانتحار

في ندوة علمية احتضنها مستشفى ابن نفيس بمدينة مراكش، اليوم الجمعة، أكد متخصصون في الطب النفسي أن مرض الاكتئاب يعد من الأمراض الشائعة في العالم، ويهدد عددا كبيرا من الناس، كما أن عدد من المصابين به لا يستطعون إدراك ذلك إلا بعد التعرض لفحص طبيب مختص، وأن هذا المرض يعد من أهم أسباب إقدام العديد من الناس على محاولات الانتحار ووضع حد للحياة.

وأوضح المتدخلون في الندوة التي همت موضوع “مرض الاكتئاب لدى الأطفال”، وحضرها متخصصون وعدد من أسر وعائلات المصابين، أن مرض الاكتئاب يصيب بشكل أكبر الأشخاص البالغين، فيما تبقى نسبته لدى الأطفال أقل من عشر سنوات ضئيلة جدا، وتبدأ في الارتفاع مع دخول سن المراهقة التي تستمر من 10 إلى 18 سنة حسب تعريف منظمة الصحة العالمية.

وأكدت الندوة التي أطرها أطباء مستشفى ابن نفيس التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، أن احتمال الإصابة بالمرض يرتفع أكثر لدى البنات مقارنة مع الأولاد الذكور، وأن من بين أهم أسبابه حصول انقطاع مفاجئ بين الطفل وأحد الأبوين، سواء كان انقطاعا دائما بسبب الموت مثلا، أو انقطاعا لحظيا مع تكرره باستمرار، دون إقدام الوالدين على إعداد الطفل على تقبل الوضع الجديد والتأقلم معه.

الطبيبة فاطمة الزهراء اليزيدي أكدت في مداخلة لها في الندوة المذكورة، أن من بين أهم أسباب الإصابة بالاكتئاب دخول الشخص في حالة من الحزن الشديد لمدة طويلة، أو بسبب تفاقم حالة الخوف المرضي عند إصابته بمرض آخر، كما يتسبب فيه عدم القدرة على التأقلم في وضع جديد، مبرزة أنه في هذه الحالة الأخيرة يمكن التغلب عليه في غضون أسبوعين اثنين.

وأضافت المتخصصة في الطب النفسي ذاتها، بأن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن الاكتئاب يسبب للمصابين به انخفاضا حادا في عدد من المواد العضوية المسؤولية انتقال المعلومات في الدماغ، وكذا حدوث جروح على مستوى المادة البيضاء في الدماغ.

وشددت المتحدثة على أن الاكتئاب يعد من أهم مسببات محاولات الانتحار، مبرزة أن هذه المحاولات على وضع حد للحياة تتزايد بشكل كبير عند المراهقين وصغار السن مقارنة مع الكبار، غير أن النجاح في الإقدام على الانتحار تتزايد نسبته عند الأشخاص الأكبر سنا.

من جهتها، أوضحت الطبيبة النفسية سناء أقمار أن مرض الاكتئاب قابل للعلاج، وتوجد عدة طرق لذلك، إما عن طريق الأدوية المضادة للاكتئاب أو عن طريق العلاج المعرفي والسلوكي الذي أثبت فعاليته في حالات عدة بشكل يساوي مفعول مضادات الاكتئاب، مشددة على أن هذا النوع من الأمراض يعرف انتشارا كبيرا وتزايد مع مرور السنوات، وأنه يكلف الاتحاد الأوروبي ميزانية ضخمة تتجاوز 170 مليار أورو سنويا.

أقمار أكدت في عرضها على أهمية معرفة المرض وقبول المريض ومحيطه أخذ العلاج من أجل تحقيق نتائج جيدة والتخلص منه في أقل وقت ممكن، كما أكدت على أنه في العديد من الحالات يجب أن يتجاوز الطبيب العلاج الفردي للمريض، إلى تخصيص حصص علاج للمريض رفقة زوجه، أو مع عدد من أفراد عائلته في حالات أخرى، كما توجد حالات تحتاج للعلاج ضمن مجموعة من المصابين بحالة مشابهة.

وأوضحت المتحدثة أن أهم التحديات التي يعانيها الطبيب خلال معالجته للمصابين بالاكتئاب تكمن ضمن عدم قدرة المريض لفهم مرضه، أو عدم تقبله لذلك، وكذا انقطاعه عن العلاج بمجرد الإحساس بتحسن، كما أن أثمنة الأدوية الباهضة تشكل تحديا كبيرا أمام العديد من المرضى لمواصلة العلاج، تقول أقمار.

وشددت على ضرورة مواصلة العلاج من 9 إلى 12 شهرا بعد حصول التشافي التام من المرض، كما حذرت من الانقطاع عن تناول الأدوية المضادة للاكتئاب بطريقة مفاجئة، مشددة على أن هذا الأمر يجب أن يتم بشكل متدرج وتحت مراقبة طبية مستمرة.