مجتمع

نقابة الاستقلال تنقسم و”شعرة معاوية” بين شباط وولد الرشيد تنقطع

في تطورات جديدة للأحداث التي عرفها المؤتمر الاستثنائي لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، صباح اليوم الأحد، أصدر التيارين المتصارعين حول السيطرة على نقابة حزب الاستقلال، بلاغين متضادين يعبران عن موقفين مختلفين حول الاقتحام الأمني لمنع انعقاد المؤتمر الاستثنائي، وذلك في مشهد يعكس مدى الانقسام الذي وصلت إليه النقابة، وفشل اتفاق “الصلح الهش” الذي وُقع بين شباط وولد الرشيد قبل أشهر لرأب صدع بيت علال الفاسي.

فقد هاجمت الكتابة العامة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التي تتبع لتيار ولد الرشيد، عقد المؤتمر الاستثنائي، معلنة تأييدها للتدخل الأمني لمنع أشغال المؤتمر، ومتهمة شباط بأنه خارج القانون، في حين اعتبر البيان الختامي للمؤتمر الاستثنائي للاتحاد الذي حضره حميد شباط، أن المركزية النقابية تتعرض للاستهداف، وذلك ضمن “مخطط شامل يسعى إلى مصادرة استقلالية القرار داخل المنظمات والأحزاب الوطنية”، واصفا الاقتحام الأمني صباح اليوم، بأنه “إساءة بليغة لدولة الحق والقانون ومسا عميقا بصورة المغرب على المستوى الدولي”.

التدخل الأمني لمنع انعقاد المؤتمر الاستثنائي لنقابة الاستقلال، صباح اليوم الأحد، جاء بعد حكم قضائي استعجالي يوم الجمعة الماضي، يقضي بمنع انعقاد المؤتمر في سلا، بناء على دعوى استعجالية رفعها النعم ميارة، الذي تم انتخابه كاتبا وطنيا للاتحاد في مؤتمر اعتبره أنصار شباط بأنه غير شرعي.

تدخل الأمن.. “تحريض ضد العمل النقابي”

تيار حميد شباط داخل النقابة، اعتبر في البيان الختامي للمؤتمر الاستثنائي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي انعقد اليوم الأحد، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن المركزية النقابية تتعرض للاستهداف، وذلك ضمن “مخطط شامل يسعى إلى مصادرة استقلالية القرار داخل المنظمات والأحزاب الوطنية”، واصفا الاقتحام الأمني صباح اليوم، بأنه “إساءة بليغة لدولة الحق والقانون ومسا عميقا بصورة المغرب على المستوى الدولي”.

البيان الختامي للمؤتمر الاستثنائي، وصف تدخل الأمن بالقوة لقاعة المؤتمر و”تعنيف المناضلات والمناضلين”، بأنه “تحريض غير مسئول على العمل النضالي النقابي القانوني والمسؤول والذي يشتغل منذ 60 سنة في ظل قوانين البلاد”، مشيرا إلى أن قوات الأمن “تفتقد لأي سند لذلك التدخل الاستعراضي المستفز والذي لا يستند على أي مبرر”.

واعتبرت نقابة الاستقلال، أن الأحداث التي عرفها المؤتمر الاستثنائي “تنتمي لما قبل سنوات الرصاص التي عرفتها بلادنا طيلة عقود”، مشيرة إلى أن “المؤتمر ينعقد في ظل محاولات تدجين الأحزاب السياسية الوطنية والنقابات العمالية والمجتمع المدني مستقل الإرادة، وهي محاولات تؤشر على الأزمة العميقة للمشروع الديمقراطي ببلادنا واستنزاف لديمقراطية الواجهة وإهدار لمجهود جماعي من تراكم البناء الديمقراطي”.

النقابة المذكورة، أوضحت أن “أشغال المؤتمر قانونية وكل من ينازع في ذلك عليه اللجوء إلى القضاء، كما أن المؤتمر لا ينعقد في الشارع العام ولا يشكل خطرا على المرافق العمومية، لهذا فإن رسالة الأمن اليوم كانت هي تخويف المناضلات والمناضلين، لكنها تعبر في ذات الوقت عن مستوى المسؤولين عن هذه المهزلة، في تقدير كلفة ذلك الاستعراض على صورة بلادنا على المستوى الدولي”.

وأضاف البيان أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب “عازم على رفع هذه السابقة إلى المنظمات الدولية ذات الصلة بحرية العمل النقابي وحقوق الإنسان”.

وقال البلاغ إن “محاولة المنع بتعليمات شفوية، يعتبر تحقيرا للمقررات القضائية القطعية التي صدرت برفض كل المقالات الاستعجالية الرامية إلى تأجيل المؤتمر الاستثنائي بالمحكمة الابتدائية بالرباط، من خلال حكميها بتاريخ 19 ماي 2017 في الملفين: عدد632 /1101/2017 و633/1101/2017، في ظل جلستين عرفتا مرافعات المدعي والمدعى عليه، وهو ما يجعل قرار المجلس العام الشرعي بعقد مؤتمر استثنائي قرارا سياديا وقانونيا طبقا للنظام الأساسي للنقابة ولحكم المحكمة الابتدائية بالرباط”، حسب البلاغ ذاته.

“شباط خارج القانون”

بالمقابل، أعلن النعم ميارة المقرب من ولد الرشيد، والذي تم انتخابه كاتبا وطنيا للاتحاد في مؤتمر اعتبره أنصار شباط بأنه غير شرعي، (أعلن) تأييد النقابة للتدخل الأمني لمنع انعقاد المؤتمر الاستثنائي للنقابة، مشيرا في بلاغ عاجل باسم الكتابة العامة للنقابة، إلى أن الأمن “طبق الحكم القضائي بإيقاف أشغال ما يسمى بالمؤتمر الاستثنائي الذي حاول شباط ومن معه عقده بقاعة زينيت، اليوم الأحد”.

واعتبر البلاغ الذي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أنه “لا يمكن لأحد تحقير مقرر قضائي إلا إذا اعتبر نفسه وفق القانون”، متهمة شباط بأنه “يضع نفسه خارج القانون المغربي بما فعله اليوم”، وذلك على الرغم من كونه لا ينتمي للاتحاد العام للشغالين ولا يحق له أن يكون في موقع المسؤولية، وفق تعبير البلاغ.

وجدد البلاغ الموقع من طرف النعم ميارة، دعوته لكافة مناضلي النقابة على أنه يتسع لجميع مناضليه الذين راكموا تجربة في دواليبه، وفق البلاغ ذاته.

هكذا اقتحم الأمن المؤتمر

ففي سابقة من نوعها، اقتحمت عناصر الأمن قاعة المؤتمرات “زينيت” بحي الرياض بالرباط، صباح اليوم الأحد، لمنع عقد المؤتمر الإستثنائي لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التابعة لحزب الاستقلال.

المؤتمر الذي انعقد في ظل حصار أمني لقاعة “زينيت”، عرف مشادات بين أعضاء النقابة وأفراد الأمن الذين اقتحموا المنصة وحاولوا إنزال من عليها، غير أن الأمين العام لحزب الاستقلال تشبت بالبقاء في المنصة وطالب من الجميع عدم الخروج من القاعة، وسط هتافات أنصاره تدين الاقتحام الأمني.

المؤتمرون حاولوا منع قوات الأمن من الوصول إلى شباط على المنصة، مرددين هتافات من قبيل: “يا شباط ارتاح ارتاح.. سنواصل الكفاح”، “بالروح بالدم.. نفديك يا شباط”، “هذا عيب هذا عار.. النقابة تحاصر.. والمغرب في خطر”.

وبمجرد اقتحام أفراد الأمن للمنصة، صاح شباط بالقول: “الله أكبر.. الله أكبر”، طالبا من كل أعضاء النقابة عدم مغادرة القاعة، قائلا: “نموت ونظل في هذه القاعة، ورغم قطع الكهرباء، أقسم بالله سنموت شهداء من أجل النقابة ومن أجل الحزب”، معتبرا أن ما حدث اليوم “لم نعشه حتى مع أوفقير”، وفق تعبيره.

مفاجأة.. شباط يعود ليرأس النقابة

وعلمت جريدة “العمق” من مصدر مطلع باللجنة التنفيذية لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن اللجنة انتخبت اليوم الأحد حميد شباط كاتبا عاما جديدا للنقابة التاعبة لحزب الاستقلال.

وأورد المصدر ذاته، أن اجتماع المكتب التنفيذي المشكل بعد المؤتمر الاستثنائي انتخب أيضا الكاتب العام السابق للنقابة محمد كافي الشراط نائبا لشباط، الذي استقال من مهمة الكتابة العامة بعد فوزه برئاسة الأمانة العامة لحزب الاستقلال سنة 2012.

وكشف مصدر جريدة “العمق”، أن عودة شباط لرئاسة النقابة التابعة لحزب الاستقلال، قد تكون خطوة ممهدة لانسحاب شباط من السباق نحو رئاسة الأمانة العامة لحزب الاستقلال التي ينافسه فيها القيادي نزار بركة.

شباط يتهم الداخلية

الأمين العام لحزب الاستقلال، حمل وزارة الداخلية مسؤولية أي وفايات محتملة قد تقع في هذا التدخل الأمني، قائلا في كلمته أثناء الاقتحام الأمني: “إذا كان شي موت لا قدر الله، فهي على يد الأجهزة الأمنية ديال المغرب، والذي يتحكم في الأحزب والنقابات هي الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية”.

واتهم شباط وزارة لفتيت بالمسؤولية المباشرة عن احتمال وفاته وأبنائه، حيث قال: “إذا متنا حنا أو وليداتنا، فالأجهزة القمعية وراء ذلك، وأتهمها مباشرة وأنا أعي ما أقول”، مردفا بالقول: “نحن ملكيون ولسنا قمعيون، عاش الملك.. عاش الملك”.

شباط الذي كان يتحدث في ظل تدافع كبير من حوله، أكد أن المؤتمر سينتخب هياكله ولا يمكن الهجوم عليه، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال “لا يمكنه أن يدخل في جوقة ضد إرادة ومطالب الشعب المغربي، ولهذا موقفنا كان واضحا بعدم المشاركة مع الأحزاب الإدارية في انقلاب 8 و9 أكتوبر المنصرم، ورفضنا ذلك”، على حد قوله.

بنحمزة.. بداية سقوط الأنظمة السياسية

وقال الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال عادل بنحمزة، إن ما حدث اليوم بالمؤتمر الاستثنائي لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، هو بداية لبداية سقوط الأنظمة السياسية التي تستفز النقابات والأحزاب القانونية.

وقال بنحمزة في تصريح صحفي على هامش أشغال مؤتمر النقابة المقربة من حزب الاستقلال، والذي قامت قوات الأمن بمنع استكمال أشغاله، “إننا اليوم عشنا لحظات لم تكن حتى في عهد سنوات الرصاص”.

وشدد على أن ما حدث اليوم “لم يكن حتى في سنوات ماقبل سنوات الرصاص”، مبرزا أن “ما حدث لم يعشه المغرب نهائيا”، مشيرا أن هذا السلوك الذي وقع اليوم بسببه انهارت دول، متهما جهات لم يسمها بأنها تريد اشعال الفتنة في البلاد.

الزهري.. شباط عاد للنقابة حتى لا يفقد كل شيء

إلى ذلك، اعتبر المحلل السياسي، حفيظ الزهري، أن “الطريقة التي تم بها تدبير مؤتمر نقابة الاتحاد العام للشغالين اليوم وإخراج شباط زعيما يطلب الشهادة في سبيل حزب الاستقلال ونقابته، لا يمكن تفسيرها إلا بعدم وجود الثقة بين الأطراف المتصارعة داخل حزب الاستقلال خصوصا وأن اتفاقا قد وقع بين الطرفين لتلطيف الأجواء “.

وأكد الزهري في تصريح لجريدة “العمق”، أن “شباط أحس بنوع من الغدر وهو الذي سمح بتعديل المادة 54 التي ستسمح لغريمه نزار البركة بالترشح وبالتالي فقد حاول السيطرة على النقابة من أجل فرض شروطه في التفاوض حيث لا يمكن أخذ كل شيء منه؛ زعامة الحزب والنقابة”.

وأضاف المتحدث ذاته، أن “خصوم شباط يحاولون تضييق الخناق عليه من أجل تقديم المزيد من التنازلات في أفق المؤتمر الوطني المقبل للحزب، لكن إعلان انتخاب شباط كاتبا عاما لنقابة الاتحاد العام للشغالين من خلال مؤتمر استثنائي مطعون فيه وصدر فيه حكم استعجالي بعدم شرعيته من المحكمة الادارية يبشر بانقسام كبير قد يشهده الحزب ونقابته إذا لم تقدم تنازلات بين الطرفين”.