منتدى العمق

بنصالح: بؤس أمني ومقاربة مغامرة

الذي تَفضّل باقتراح سيناريو مواجهة وقفة تطوان الليلة، ومَن نَـفَّذ التعليمات في تعامٍ وجَهل مُطبِق بالمآلات؛ غَبيٌّ ومُفلِس من درجة فارِس!

إن إقدام السلطات الأمنية بالمدينة، وبعض أجهزتها التنفيذية، وبالأخص (المقدميين والشيوخ) على تَحشيد المُجرمين والبلاطِجة والألتراس لمُجابَهة كُمشَة من المناضلين المسالِمين الذين حجّوا لساحة مولاي المهدي؛ قد غامَروا مغامَرة رهيبة ونَزعوا مَنزعا غير مضمون العواقِب، كان أقَّلها سقوط ضحايا أو إعطاب أفراد اعتباريين _ وقد حَدث _ ذلك.

إني كمواطن مشارِك في الوقفة التضامنية؛ قد شاهدت المكان المعلوم وقد غاص بُقطّاع الطُّرق وتُجار المخدرات ومُهرِّبي السِّلع بباب سبتة وباقي المعطّلين الـمُسَّمَّنين واللصوص الذي كانت مَهمّتهم خَطف هواتف الساكنة، وعناصِر مُغرّر بهم من مُشجّعي البطولة الوطنية؛ ورأيتُ رأي العين “باشا” المدينة وعددا لا يُحصى من المسؤولين الأمنين يتبادَلون أطراف الحديث مع البلاطجة، ويُشرِفون على إنزال بَعضهم من سيارات خُصِّصت لنقلِهم إلى مكان الوقفة، وأَمَّــرت على المجموعات أفراداً مُعيَّنين؛ كان المسؤولون يُنادون عليهم لإعطاءهم التعليمات، وتارةً يُلمِّحون إليهم بأيديهم من سياراتهم المركونة في الشارع.. وقد بدا الانشراح على مُحيّا قوات الأمن وبعض العساكِر وهم يَرَون الجيش العرمرم من (الشبيحة) قَدْ تهيَّئوا لإعمال مُختلِف أنواع الجرائم في حَقّ شباب عُزَّل هَمّوا بتنظيم وقفة سلمية لا غير.

حاصَروا المكان ما عدا موضِع تنظيم الوقفة، تركوها فارغة، وبقِيت القوات العمومية في سياراتها، إيهاماً للمناضلين بأنَّ الفضاء مُتاح للاحتشاد والاحتجاج؛ حتّى إذا ما ادّارَكَ المتظاهِرون في عين المكان؛ انقضّ عليهم البلاطِجة عُنفاً وشَتماً وإرهاباً.. ثم تلا ذلكَ تدخُّل ممجوج للقوات العمومية، مُفرِّقةً المُحتجين، وعامِلةً فينا ما لا نَستحقه ولا حول ولا قوة إلا بالله.

نُحمِّل المسؤولية القانونية والسياسية فيما حَدث من اعتداءات وسرقات وكَيْل السباب للمتظاهرين، ووجود عُصبة من المُجرمين والعرابِدة وتَحريضهم ضدّ المواطنين العُزَّل، وإتاحة الفُرصة لكثير منهم لاستعراض عضلات العُنف (حتى أن بعض الأفراد في لقطة من لقطات التدافع بين السلطة ومتظاهرين؛ أتوا يقودهم شابٌّ جَهير الصوت غليظ الخِلقة جاهلٌ حِسَّاً ومَعنى، فطلب من الأمن الابتعاد، وتوسَّط الساحة، جاعِلا الأمن وراءهُ والمتظاهرين أمامه وصاح في المُحتجّينَ حمايةً للشرطة: “مَن كان منكم رجُلا فليقتَرب، أو ليَحتج، والله لأ….. وبالرّب حتّى…”)، وما كانت ستُسفِر عنه مغامَرة الليلة؛ للمسؤولين الأميين بالمدينة، ولباشا المدينة، ولمَن فَوقه، وصولاً إلى وزير الداخلية.. ولَوْمِي الكبير لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، فإن حدث _ لا قدّر الله _ وتنامى الأمر إلى فِتنة كُبرى؛ فإني أحمّله المسؤولية الدينية والدنيوية والأخروية، وسأحاججه بين يدي الله، لأنه كانَ بمثابة الزّيت الذي صُبَّ على النار.. وأصْل الحكاية تَعرفونه من يوم الجمعة الماضي.

يا سادة؛ لقد أسأتم لأنفسكم، وللمؤسسات التي تُمثِّلونها، وإنكم لتَضربون عَرض الحائط النِّقاط الإيجابية التي سُجِّلت للمغرب في ملف حقوق الإنسان في الأعوام القليلة الماضية.. وبمقارباتكم غير الحكيمة يؤجّجون النضالات، وتُسهِرون المـدُن وتُحمّلون أنفسكم عناء إخماد التجمّعات التي ستتصاعد وتائرها ما اشتدّت قَبضَتكم.

يا سادة.. أنتم أنضج من أن تُظّفوا إستراتيجيات “حُسني مبارَك” في قَمع الوقفات السلمية.. ولا تُكرّروها مرّة أخرى من فضلكم، لأنَّه من الراجِح أن تكون العواقِب وخيمة، فَضلاً عن أنه أسلوب سيِّء أن تُوظِّف أبناء نفس المدينة وبؤساءها في الاعتداء على أبناء نفس المدينة وبؤساءها.

حُرية، كرامة عدالة اجتماعية
أطلِقوا سراح شباب الحراك الاجتماعي؛
أطلِقوا سَراح “ناصر الزفزافي”، فهو مواطِن مغربي وقائد حِراك سلمي حضاري، ورجلٌ حُرّ، أصابه الضُّر وغلَبه الزَّمن المُـرّ.. وليس مُجرِماً.