منوعات

العلام يكتب: على أي أساس يبني النظام السياسي قرارته؟

الانطباع المتولّد اليوم هو أن النظام السياسي المغربي يعيش في نوع من “العزلة”، فالأحزاب السياسية التي كانت تدافع عن اختياراته قبل خمس سنوات هي إما ضعيفة أو منسحبة. هكذا نجد أن حزب العدالة والتنمية الذي كان زعيمه رأس حربة ضد حركة 20 فبراير هو اليوم إما غير متحمس لمباركة أعمال السلطة أو أن قواعده منخرطة في دعم الحراك الاجتماعي سواء لأسباب مبدئية أو تحت تأثير الاهانة التي تعرض لها ابن كيران يوم 25 مارس 2017، ولم يبق مع النظام من هذا الحزب إلا أشخاص باهتين من شدة تلوّنهم.

ونفس الأمر بالنسبة لرفاق ابن عبد الله فغالبا ما تصادف بعضهم في الوقفات التي تساند الحراك كما لديهم مواقف مؤيدة على مواقع التواصل الاجتماعي. أما حزب الاستقلال فقد تحول من حليف استراتيجي إلى أحد أكبر المنبوذين من دائرة السلطة إلى درجة أن زعيمه تعرض لإهانة غير مسبوقة في تاريخ المغرب عندما تم اقتحام مؤتمر نقابته من طرف البوليس. وحتى حزب الأصالة والمعاصرة الذي عرف بأنه “صنيعة الإدارة” يحاول مع إلياس العماري أن يضع مسافة بينه وبين تصرفات السلطة إلى درجة أنه ليس لديه أي موقف ضد حراك الريف، وكل ما يكرره إلياس هو الدعوة للحوار.

أما الفئات المثقة والنخبة، فهي رغم أنها في أغلبها لم تعلن عن مواقفها بخصوص ما يقع، إلا أن أغلبيتها الساحقة لم تتحمس لانتقاد الحراك، بل إن فئات كانت محسوبة على خط النظام بدأت تراجع حساباتها وتتحدث بلغة متوازنة، يمكن في هذا السياق الاستماع إلى تصريحات نور الدين عيوش وحسن أوريد وزيان وبعض مدراء تحرير المواقع الالكتورنية والجرائد وغيرهم…

لم يبق مع النظام إلا أخنوش والعنصر ولشكر (رغم أن معظم قواعد الاتحاد الاشتراكي تؤيد الحراك) وساجيد، و”البواخر” الذين يساندون البوليس في فض الوقفات، ويصرخون: “موت يا لعدو الملييك عندو شعبو”.

ويبقى السؤال: من هؤلاء النبغاء الذين حاصروا النظام بتصرفاتهم، وخاصموه مع أقرب مقربيه؟ من هم هؤلاء الذين أقنعوا النظام بأن ما قدمه يوم 9 مارس من تنازلات لم يكن ضروريا وأنه ينبغي التراجع عن المسار الذي رسمه الشخص الذي ترأس لجنة آلية الدستور؟ ومن أقنع النظام بمحو كل ما تم بعد 2011 وإرجاع عقارب الساعة إلى الخلف؟

رب قائل: وهل أصلا كان قد تحقق أي تقدم بعد 2011. إلى صاحب هذا الرأي أقول: نعم لم يتحقق الشيء الكثير لكن النظام السياسي كان قد استطاع تسويق صورة المستجيب للاحتجاجات والممتص للضربات، بل سوّق عن نفسه لدى العديد من العواصم الغربية بأنه حالة استثنائية. غير أنه اليوم وكما يقول المثل المغربي “لِحرْثُ الجمل يدكُّ برجليه” (والمثل يُضرب ولا يقال)، فالتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية والرسائل القادمة من أكثر من عاصمة غربية تفيد بأن الصورة القديمة بدأت تتغير، وهذا طبيعي ما دامت وكالات الأنباء الدولية أصبحت تغطي الحراك المغربي كما لو أنها تغطي شأنها الداخلي، وكل ذلك بسبب الأخطاء التي راكمتها السلطوية في التعاطي مع الاحتجاجات.