مجتمع

الريسوني: تكويني علمي لكني اخترت الصحافة لأنها تمنحني السعادة

نقرأ لهم دون أن نعرف تقاسيم وجوههم ولا ملامحهم، يكتبون لنا وعنا وقائع وملاحم، يخوضون “في عمق” المجتمع، في ثنايا الذات وفي قعر الذاكرة، يرسمون واقعنا ووعينا ولاوعينا بأقلامهم، بالألم حينًا وبالأمل حينا آخر. هم حملة الأقلام الذين امتهنوا المتاعب عن طواعية وقدر محتوم، هم الذين انصهروا في رحاب صاحبة الجلالة حد الذوبان.

التقيناهم بعيدا عن مكاتبهم .. قريبا من القارئ، حيث تم قلب الأدوار والوضعيات وتجريب مواجهة السؤال الذي هو زاد الصحافي. وفي خضم البحث عن الجواب تحدثنا عن الطفولة وتفاصيل الحياة الشخصية في بوح صريح.

ضيف الحلقة السابعة مع ابنة مدينة العرائش الصحفية بأسبوعية “الأيام” هاجر الريسوني.

ما الذي تتذكرينه عن طفولتك؟

أتذكر كل شيء عن طفولتي؛ لكن ما يحضرني الآن هو هوسي بلعب كرة القدم؛ كنت أعشق كرة القدم لعبا ومتابعة؛ عند حلول كل مساء كنا نصعد إلى سطح المنزل الذي كان معدا سابقا على شكل ملعب كرة قدم فننقسم إلى فريقين أنا وأخي الأصغر مني نشكل فريق وأخي الأكبر مع أخي صغير كانا يشكلان الفريق الخصم. وفي أغلب الأحيان كنا نحن الفريق الخاسر في اللعبة نظرا للمهارات التي كان يتمتع بها أخي الأكبر محمد الطيب. والطريف في القصة أنه بعد كل خسارة كان محمد الأمين أخي وزميلي في الفريق يطارد إخوتي الآخرين وينكل بهما لأنهما لم يتركاننا نفوز في المباراة.

كيف جاء التحاقك بالصحافة؟

يمكنني القول إن التحاقي بالصحافة، كان صدفة محضر لها من قبل، الصحافة بالنسبة لي كانت حلما، لكن لم أكن أعتقد أنني سأمتهنها يوما، أكثر مما كنت أسعى إليه هو نشر كتاباتي وأن أصبح روائية، فالأدب كان غوايتي منذ الطفولة.

بالموازاة مع ذلك كنت أعشق الرياضيات، بعد تفكير طويل وصراع بين ميولي الأدبي والعلمي قررت التخصص في الرياضيات وأترك الأدب كمتنفس وهواية، حصلت على البكالوريا في علوم الرياضيات، بعدها تابعت دراستي في كلية العلوم بالرباط تخصص علوم الرياضيات والمعلوميات التطبيقية، وانغمست في عالم الرياضيات والعلوم ونسيت الصحافة والكتابة، إلى غاية العام الأخير في الإجازة، عادت كل تلك الأحلام والهواجس والشغف، خصوصا بعد انخراطي في العمل الطلابي والسياسي في حزب الاستقلال (سابقا).

أحسست فجأة أن كل الذي عشته لم يكن هو ما كنت أطمح إليه وأن سعادتي في الكتابة والأدب وفي الصحافة. وهكذا في سنة 2013 بدأت تدريبات في عدة مؤسسات صحفية والعمل بجد والتعلم والتطور إلى أن وجدت نفسي صحافية وبالموازاة مع ذلك درست العلوم السياسية في كلية الحقوق بالرباط.

هل كنت تتوقعي يوما أن تكوني صحافية؟

كما قلت سابقا، نظرا لاختياراتي وميولاتي العلمية كنت أتوقع أن أكون مهندسة أو أستاذة للرياضيات، أما صحافية فكانت من سابع المستحيلات. حتى الأشخاص المقربين مني تفاجأوا حين صادفوا اسمي على الجريدة. لكن ما استفدته من تجربتي وتنقلي بين النقيضين أنني كلما حلمت وصدقت حلمي أصل إليه. والصحافة كانت كذلك.

بعيدا عن الصحافة، ما هي اهتماماتك الأخرى؟

اهتماماتي متنوعة، أولا المطالعة والكتابة، أكتب كل شيء ولا شيء، وأدون تفاصيلي وانطباعاتي عن كل ما يجري حولي، أضع خطواتي الأولى في كتابة القصة ومشروع رواية، بالنسبة للمطالعة أقرأ الأدب بالدرجة الأولى ثم تأتي الكتب الفكرية في العلوم السياسية والاجتماعية والفلسفة في المرتبة الثانية.

لازلت أتابع دراستي في المعهد الموسيقي، ومهووسة بالموسيقى الكلاسيكية عزفا واستماعا، لدي اهتمام خاص بقضايا المرأة وأسعى إلى أن أكون صوتا لكل امرأة مقهورة ومظلومة في هذا العالم.

لا أنتمي لأي هيئة سياسية أو مدنية، لكن السياسة تجري في دمي “البلية ما عندي ما نعمل” أتابع الأحداث وأتفاعل معها حتى في حياتي المهنية أحاول أن تكون السياسة رقم واحد في كتاباتي.

ما هي المدينة الأقرب إلى قلبك؟

أنا من الأشخاص المهووسون بالأماكن ولي علاقة حميمية معهم خصوصا المدن الساحلية، لكن المدينة الأقرب إلى قلبي والتي أشعر أنها تشبهني هي مدينتي العرائش، ربما لأنها تشاركني ذاكرتي وأحلامي، وهي المدينة التي يحملني شوقي إليها كلما سرقتني الرباط منها، وفيها فقط أشعر بالانتماء وبدفء الوطن.

ألا تشعرين بالندم أنك لم تختاري طريقا آخر غير الصحافة؟

لو كنت سألتني هذا السؤال وأنا مهندسة كنت سأقول إني نادمة لاختياري ذلك الطريق، لكن الصحافة اخترتها عن سابق إصرار وترصد، هي الهواء الذي استنشقه، والتحدي الذي أخوضه بيني وبين نفسي، كلما مارست الصحافة أشعر بنشوة وسعادة وعطش.

ألا تظنين أن دور الصحفي ليس هو دور الكاتب؟

في اعتقادي الصحافي هو الذي ينقل الخبر ويبحث عن الحقيقة، ويمد الرأي العام بكل الحقائق والوقائع، وهو ذاته من يصنع الحدث وينقل معاناة الآخرين بكل مهنية ومصداقية. أما الكاتب فهو الذي يناقش الأفكار والقضايا، كما أنه يحمل فكرا معينا يريد إيصاله للعالم، وهذا ما لا يتوفر في الصحافي الذي ما إن يبدأ في تحرير مادته الصحفية حتى ينزع عنه قبعة الذاتية والعاطفة ليحرر بمهنية وحياد.

هل تفضلي أن يصفك الناس صحافية أم كاتبة؟

مهنتي الصحافة والكتابة هوايتي..

هل أنت منتظمة في أوقات الكتابة؟

الكتابة أصبحت جزءً من روتيني اليومي، وبالتالي شئت أم أبيت فأنا منتظمة في الكتابة وهذا الانتظام انعكس إيجابيا حتى على كتاباتى الأخرى..

كيف عشت أجواء رمضان خلال الطفولة وبعدها؟

كل ما تذكره عن أجواء رمضان في طفولتي هو النساء في المطبخ والرجال في المسجد أو في المقاهي..كأن الشريعة وضعت نظامين لشهر رمضان واحد خاص بالنساء وآخر خاص بالرجال..

ماذا تعني لك هذه الكلمات:

الحرية:
تعني لي المعرفة والعلم. كلما تعلمت أكثر وتعرفت على علوم ومعارف جديدة أشعر أنني في طريقي نحو التحرر من قيود النفس، وأتأكد من أن هروبي إلى المعرفة كان هروبا للحرية.

الحب:
ديني وإيماني

الوطن:
هو الهم الذي أحمله معي منذ الصغر

رأيك في هذه الأسماء:

العروي:
لست مؤهلة لأقدم رأيي في قامة مثل سي عبد الله العروي. لكن ما يمكن أن أقوله عنه أنه قامة فكرية يجب على المغاربة الافتخار بانتمائه لهذا الوطن. وللإشارة فمن بين الكتب الفكرية الأولى التي اطلعت عليها في فترة المراهقة هو كتاب “مفهوم الحرية” للعروي وكان إهداء من عمي.

عبد الرحمان منيف:
منيف. صعب التحدث عن ما يسكنك. منيف عشق لا ينتهي معه تعلمت أن للأماكن روح وللحروف لغة غير التي نقرأها بها. وأن الكاتب يعيش الحيوات بمقدار عدد الحروف التي يغازلها ويطوعها.

الزفزافي:
هو فكرة أكثر من كونه شخص، وهو صرخة وصل صداها إلى قلوب المسؤولين فزرع فيهم الخوف والرعب.