وجهة نظر

حراك الريف.. بين طحن السلف والخلف

كشف حراك الريف الشعبي وبعض المدن المغربية، الوجه الحقيقي للسياسات الداخلية للنظام المغربي بواقحة قل نظيرها. فكيف بدأت الحكاية؟ مع التقدير لروح الشهيد محسن فكري فلقد كانت واقعة طحنه هي النقطة التي افاضت الكأس، نعم لقد دأب النظام الحاكم على طحن المغاربة منذ زمن بعيد، وسأسمح لنفسي بالقول إنه بدأ قبل “خروج الاستعمار الفرنسي الإسباني من المغرب”، انطلاقا من خيانة ثوار الريف الذين أريد لهم ان تفشل ثورتهم ضد المستعمر، مرورا بالانتفاضات التي قمعت وطحنت بشكل وحشي ابان حكم الحسن الثاني بحيث استعملت فيها كل أنواع القمع الوحشي والترهيب التي وصلت إلى حدود الجرائم الكبرى.

وإلى حدود هذه الساعة تفنن ويتفنن وارث “العرش المغربي” في اتمام مهام سلفه في طحن من لم يبايع ويركع ويردد مقولة “لْعَامْ زِينْ”. ولذلك لا يجب أن يغتر المواطن المغربي الحر بالشعارات الفضفاضة التي ترفع في وسائل الإعلام الرسمي، أو الإعلام المرتزق الذي لا يؤمن لا بالأخلاق ولا بالمهنية همه الوحيد هو “الدرهم” ومن يدفع أكثر، وكذا المثقفون ذو السياق المعوج للأحداث. وليتذكر الجميع بأن الطحن كان عادة للسلف قبل الخلف.

إن علو كعب الدولة وفرض هيبتها يكون بشيئين اثنين: باحترام إرادة الشعب والتوزيع العادل للثروات وخيرات البلد. ولكن يبدو لي بأن دكتاتوريات العالم وعلى رأسها شمال افريقيا لم تتعود على هذه المبادئ الاساسية للديمقراطية لأنها لم تأتي بشكل ديمقراطي، بل الأهم طرح السؤال الأتي: هل هذه الأنظمة يوجد في قواميسها السياسية شيء اسمه إرادة الشعب؟ بالنسبة لبلدي المغرب أجزم بشكل قاطع أنه لا يوجد في أدمغة من يحكم هذا البلد لسببين: إن الشعب المغربي لم يستفتى ولو مرة واحدة في القضايا الكبرى التى تهم وعلى رأسها مسألة “الصحراء”، والثغور التي ترزح تحت الاحتلال الاسباني منذ زمن طويل.

والسبب الثاني هو أن هذا المفهوم مستلب تستعمله الفئة الحاكمة فقط لقضاء مآربها كالتصويت على دستور 2011، بحيث جيشت الدولة جحافل من المواطنين من أجل التصويت لصالح الدستور الذي يمثل “إرادتهم”، وسخرت كل الأبواق الإعلامية والمثقف المرتزق، وفتح الصراع أنذاك بين أصحاب مشروع “الفتنة” حركة 20 فبراير وبين من يريد الحفاظ على ما يسمى “التوابث الوطنية”، لكن بالله عليكم دلوني على فصل واحد من فصول هذا الدستور تم احترامه، هل احترمت حقوق الإنسان؟ هل تم انصاف المرأة؟ هل ضمن التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية؟ هل احترمت السلامة الجسدية؟ هل مارستم حقكم في التظاهر والتعبير عن الرأي؟ هل،هل… دلوني من فضلكم قد أكون مخطئا.

ولذلك هم قمعوا الحراك في الريف وبعض المدن المغربية عذبوا، اعتقلوا… كبرياءهم لا يسمح لهم بالدفاع عن ما احتلته اسبانيا من جزر ومدن”لا بالطرق السلمية ولا بفتح جبهة للمقاومة الشعبية”، ولا يسمح لهم بأن يقدموا اعتذار للشعب المغربي عن عبثية دبلوماسيتهم في مسألة الصحراء، تلك القوات التي تعتبرونها “أمنا” يا من يعطي أوامره بقمع الحركات الاحتجاجية السلمية في بلدي وكسر عظام المحتجين ليل نهار- مع العلم أنهم لا يريدون لا انفصالا ولا تغيير النظام السياسي ولا فتنة و لا دمارا بل هم أحرص الناس على أمن وطننا من الحسمية إلى الناضور ومكناس وأسفي والرباط والعيون ودمنات… كل شبر من جغرافية هذا الوطن الحبيب- أدعوك إلى إرسال تلك القوات المدججة بكل أنواع وسائل القمع الحديثة، إلى للدفاع عن حبات ترابنا الحبيب الذي استباحته البوليساريو في جنوب جغرافيتنا، أو وفروا تلك القوات لتقديم المساعدة لإخوتنا في أعلى جبالنا الشاهقة خلال فصل الشتاء…

إن الحل الحقيقي الذي يجب أن تعتمده دولتنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولإعادة المياه إلى مجاريها هو إطلاق سراح كل المعتقلين بدون قيد أو شرط وإعادتهم الى أسرهم سالمين، احترام إرادة الشعب واعتماد انتخابات حقيقية ونزيهة لا تكون لوزارة الداخلية اليد الطول فيها، اعتماد آلية معقولة لتوزع ثروات وخيرات هذا البلد. فتح حوار جدي وصريح بين المحتجين في كل جهات وطننا، تقديم المصلحة العامة على الخاصة التي تعد سمة “السياسي الانتهازي” وما الأموال الطائل التي تنفق على مؤسسات الدولة بشكل عشوائي، لخير دليل على استهتار مسؤولي هذه الدولة بمستقبل وطننا.