مجتمع

أبروك: كنت أشبه بـ “الصخرة” في صغري .. والصحافة كانت حلما تحقق

نقرأ لهم دون أن نعرف تقاسيم وجوههم ولا ملامحهم، يكتبون لنا وعنا وقائع وملاحم، يخوضون “في عمق” المجتمع، في ثنايا الذات وفي قعر الذاكرة، يرسمون واقعنا ووعينا ولاوعينا بأقلامهم، بالألم حينًا وبالأمل حينا آخر. هم حملة الأقلام الذين امتهنوا المتاعب عن طواعية وقدر محتوم، هم الذين انصهروا في رحاب صاحبة الجلالة حد الذوبان.

التقيناهم بعيدا عن مكاتبهم .. قريبا من القارئ، حيث تم قلب الأدوار والوضعيات وتجريب مواجهة السؤال الذي هو زاد الصحافي. وفي خضم البحث عن الجواب تحدثنا عن الطفولة وتفاصيل الحياة الشخصية في بوح صريح.

ضيفة الحلقة الـ 22 ضمن هذه السلسة حليمة أبروك، صحافية في منصة «أصوات مغاربية» التابعة لشبكة الشرق الأوسط للإرسال الأميركية

ما الذي تتذكرينه من طفولتك؟

أتذكر أنني كنت طفلة هادئة جدا لدرجة أن معظم أفراد العائلة كانوا يشبهونني بالصخرة، أينما وُضعت أبقى دون حراك. لم أكن من النوع الذي يخرج كثيرا أو يلعب كثيرا خصوصا حين تعلمت القراءة في مرحلة الروض والسنتين الأولتين من مرحلة التعليم الابتدائي، فقد كنت معظم الوقت أقرأ، كنت أقرأ كل ما يقع بين يدي، قطع الأوراق والصحف التي كنا نقتني فيها التوابل من عند العطار، الكتابات على علب مسحوق الغسيل والجبن وغيرهما من المنتوجات، حتى الجنيريك المرافق للأفلام والمسلسلات كنت أتمرن على القراءة فيه. بعد ذلك تعرفت على القصص وقد كنت مولعة بذلك «الاكتشاف» الذي يسافر بالشخص إلى عوالم مختلفة ويخوض معه مغامرات شيقة دون أن يتحرك من مكانه.

كيف جاء التحاقك بالصحافة؟

الصحافة كانت حلما، حلم طفولة تحول بعد ذلك إلى قرار سعيت إلى تحقيقه بالتفوق في الدراسة. علاقتي الأولى بالصحافة كانت عبر قطع الجرائد التي كان يلف فيها البقال أو العطار بعض الأشياء التي نقتنيها منهما، بعد ذلك تعرفت عليها من خلال بعض مسلسلات الكرتون، والحقيقة أن تأثري ببعض الشخصيات الكرتونية في الطفولة كان له دور كبير في تبلور ذلك الحلم الطفولي الذي تحول في مرحلتي التعليم الإعدادي والثانوي إلى قرار ناضج كان له دور في تفوقي الدراسي.

هل كنت تتوقعين يوما أن تصيري صحافية؟

كما أسلفت، الصحافة كانت حلما وقرارا بالتالي لم أكن اتخيل نفسي أمارس مهنة غيرها، أتذكر جيدا يوم تقدمت بملف الالتحاق بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، أتذكر يوم الامتحان الكتابي ويوم الامتحان الشفوي، أتذكر جيدا اليوم الذي أعلن فيه عن النتائج ورأيت اسمي من بين الناجحين المقبولين، لقد كانت من أسعد اللحظات في حياتي، كنت أرى حلمي يتحقق وكنت أراني أقترب من الوصول إلى ما سعيت إليه.

بعيدا عن الصحافة، ماهي اهتماماتك في السياسة والثقافة والرياضة؟

أن تمتهن الصحافة يعني أن يكون لك اهتمام بجميع المجالات التي ذكرت وغيرها. ولكن إذا أردت أن أتحدث عن المجالات التي تشدني لذاتها وليس فقط لارتباطها بمجال اشتغالي سأقول إنني مولعة بالتاريخ، وأيضا بالفن، الموسيقى والسينما بالخصوص.

ألا تشعرين بالندم أنك لم تختاري طريقا آخر غير الصحافة؟

مطلقا، كما قلت الصحافة كانت حلما وقرارا، وأنا اليوم أمارسها عن حب وقناعة، ولا مكان للندم في علاقتي بهذا المجال الذي أعشقه.

هل أنت منتظمة في أوقات الكتابة؟

طبعا، حين تشتغل في إطار مؤسسة إعلامية فإن الانتظام والانضباط في أوقات الكتابة وتسليم المواد التي تشتغل عليها أمر ضروري.

هل هناك فرق بين الكاتب والصحافي؟

أكيد هناك فرق. الصحافة ممارسة لها ضوابط وقواعد محددة ومجموعة من الشروط الأخلاقية أهمها الموضوعية بحيث لا يكون مكان لعواطف الصحافي وآرائه في ما يكتبه، كما أن الصحافي ينهل من الواقع، بينما الكاتب لا يكون بالضرورة مرتبطا بقواعد محددة ولا بشرط الموضوعية إلى جانب أنه ينهل من الخيال وقد يخلط بينه وبين الواقع وتتحكم في صياغته له عواطفه وآرائه.

هل تفضلين أن يصفك الناس كاتبة أم صحافية؟

انطلاقا مما سبق أنا أعتبر نفسي صحافية أمارس هذه المهنة وفقا لضوابطها الأخلاقية وقواعدها التحريرية.

ما هي المدينة الأقرب إلى قلبك؟

مدينة مراكش، هي المدينة التي ينحدر منها والدي، كنت أقضي معظم العطل الصيفية فيها، لذلك فكثير من ذكريات الطفولة لدي ترتبط بتلك المدينة.

ماذا تمثل لك هذه الكلمات؟

الحب: شعور إنساني نولد به ونسعى طوال حياتنا للحفاظ عليه والسمو به بدل فقدانه أو تشويهه.

الوطن: فضاء روحي أكبر من المكان ولكن ساهم في تكوينه مكان محدد جغرافيا بتضاريسه وطقسه وسكانه وبأشياء أخرى كثيرة قد تبدو بسيطة ولكن لها أثر عميق في الروح.

الحرية: الأوكسجين الذي نتنفسه.

ما رأيك في هؤلاء؟

العربي المساري: رحمه الله، التقيته وأنا طالبة في المعهد العالي للإعلام والاتصال، كنت في السنة الثانية، وقررت رفقة زميلتين صديقتين أن نحضر برنامجا حواريا مصورا ندعم به عرضا في مادة التلفزيون. اتصلنا به وطلبنا منه أن يكون ضيف برنامجنا، وافق وحددنا موعدا وبالفعل أتى في الموعد المحدد. كان في منتهى اللطف والتواضع، لم يتعامل معنا كطالبات بل كإعلاميات، كان ينصت لأسئلتنا ويجيبنا بكل جدية.

عائشة الشنا: كنت أسمع عنها ولم أكن أعرفها إلى أن التقيت بها للمرة الأولى وأنا طالبة في إطار تمرين تطبيقي عبارة عن روبرتاج عن الأمهات العازبات. وجدتها امرأة قوية وجريئة، نذرت حياتها لتحمي أمهات متخلى عنهن من الضياع وأطفال أبرياء من التشرد.

فاطمة الإفريقي: إعلامية ومناضلة على مستوى عال من الثقافة.