وجهة نظر

وا المغرب وجد راسك!

أعلن مسئولون إماراتيون أن انتهاء مهلة العشرة أيام الممنوحة لقطر لقبول طلبات دول الحصار دون قيد أو شرط ستتلوه قرارات أشد و أقسى. صقور المقاطعين صرحوا أنه من بين الإجراءات المتخذة سيكون تخيير الشركاء الاستراتيجيين للرباعي المقاطع بين التعاون مع قطر أو الشراكة معهم (السعودية، الإمارات، مصر و البحرين). أحد الكتاب الإماراتيين علق على الخطوة قائلا: سنخاطب الشركاء و الشركات بلغة يفهمها الجميع: المصالح.

المغرب وجد نفسه في حرج كبير بعد أن غضب عليه أقوياء البترول عقب إرساله ثلاث طائرات غذائية للمحاصرة قطر. تلقت الرباط عقب خطوة التضامن الإنساني ” تجبيدة أذنين” من أكبر حلفائها الإمارات و العربية السعودية: الأولى أبرزت خارطة المغرب مبتورة الصحراء في تقرير لا مناسبة له، و الثانية أوعزت لقناتها العربية بث تقرير (لا مناسبة له كذلك) عن الصحراء، سمت فيه المناطق الجنوبية لأول مرة الصحراء الغربية، و البوليساريو ” الجمهورية الصحراوية الديمقراطية” الطامحة لتقرير المصير.

على المسئولين المغاربة الماسكين لزمام أمور الخارجية (و هم جهات عليا) أن يجهزوا الردود و السيناريوهات المناسبة لطلبات حلفاء صقور، تبنوا في استئسادهم على دولة قطر الصغيرة منطق بوش الصغير: إما معنا أو ضدنا!

قد يجد السيد ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي، يوم الاثنين الثالث و من يوليو، على مكتبه طلبا صريحا من صقور أبو ظبي و الرياض يؤكد على المملكة ضرورة تخفيض تمثيلها الدبلوماسي في الدوحة، إن لم يكن سحب السفير بصفة نهائية. مناقشة الطلب أو عدم الامتثال له سيقابله تحرك الشركاء في جبهات قد تزعج المغرب، أبرزها ملف الصحراء، حيث من غير المستبعد أن نسمع بعد أيام أو أسابيع بزيارة لمسئول إماراتي للجزائر يشيد فيها أو يذكر بخير جماعة البوليساريو.

الخطير في الأمر ليس ردود فعل “الرباعي القوي” على المدى القريب. الأخطر في أزمة الخليج أن تحالف المغرب مع ملكيات الخليج الذي ظنه شديدا قويا كالجبال لا تهزه رياح، ظهر كبيت عنكبوت انفرطت خيوطه مع أول أزمة داخل البيت الخليجي. من فرط بميثاق دعم وحدتك الترابية بعد أول تحد لا يجب الاعتماد عليه على المدى البعيد!
الملك محمد السادس في أول قمة مغربية خليجية أقيمت أبريل 2016 تلقى وعودا بالوقوف مع المملكة في مسألة وحدتها الترابية، و قدم التزاما في المقابل بأن أمن الخليج من أمن المغرب، واعدا بتمتين أواصر التعاون الدفاعي و الاستراتيجي مع دول مجلس التعاون.

غير أن الأزمة القطرية الأخيرة أظهرت صبيانية في سلوك أكبر دول الخليج. سلوك يتميز بالمزاجية، متقلب حسب أهواء من يدير دفة الحكم.

من شروط الشراكة الإستراتيجية بعيدة المدى نضج الشريك، و اعتماد دولته على مؤسسات و مصالحه على خطط بعيدة المدى لا تتغير بين ليلة وضحاها بمجرد تخلي الشيخ عن السلطة و منحها للشاب.

دول الخليج بسلوكها مع الرباط بادئ الأزمة، و ردة فعلها المتوقعة إن رفض المغرب مطالبها بمقاطعة قطر،أظهرت و ستظهر أن شركاء المملكة المغربية و داعميها الأساسيين ليسوا دول مؤسسات، بل قبائل تتناحر على الحكم و الهيمنة و السلطة. دول تتغير سياستها، بين ليلة و ضحاها، من مهادنة تتحرك خلف الكواليس، إلى وحش كاسر يهدد من لا يمتثل لأوامره بالمقاطعة و الحصار.

المغرب، إلى جانب الأردن، ظل لسنوات يرى نفسه المخزون البشري و الامتداد الطبيعي لملكيات الخليج خارج منظمة مجلس التعاون. غير أن إمارات النفط أظهرت، و لعدة مرات، استعدادها مقايضة دعم المغرب بدعم السيسي و جيشه و خزان دولته (مصر) الذي يفوق التسعين مليونا. سياسة أظهرها الملك عبد الله و بعده الملك سلمان. كلما بردت علاقة الحب مع المحروسة إلا و ازداد دفئ العلاقة مع الرباط، و العكس.

الحصيلة أن دول صبيانية تتعامل مع الدول كما يتعامل الأفراد بينهم لا يجب أن يعتمد عليها أو يؤمن لجانبها، سواء تعلق الأمر بدعم في مواقف السياسة، أو استثمارات الاقتصاد.

زمن السعودية الأم و إمارات الخير ولى بلا رجعة! وجبت إذن مراجعة المواقف والتحالفات، وإعداد البدائل قبل أن تدق ساعة الحسم.

يالله أسي “بوريطة” وجد راسك، الإثنين ما بقا ليه والو!