منتدى العمق

“مغرب الاستثناء”

ولدت “كذبة” بعد الأحداث المؤلمة التي عاشتها جل بلدان الوطن العربي، التي تألمت وفقدت كل شيء جميل من أطفال ونساء وشيوخ وبنايات ومنشآت، كان آخر المفقودين فيها هو “الوطن”

في ظل هذه الأحداث ولدت “كذبة” من أم اسمها “الدولة”
كان حفل عقيقة “كذبة” خاصا ومتميزا، لم تقدم فيه أضحية واحدة ، إنهما قدمت فيه أضحيات كثيرة لا تشبه أضحياتنا نحن؛ حتى أن دمها مختلف، هذا لمن استطاع رؤية ذاك الدم…فقد كانت أوامر صارمة من “دولة” أن لا يرى أحد دم الأضحيات حفاظا على القلوب والعقول، لكن ليست الضعيفة هذه المرة، إنما حفاظا على تلك القلوب والعقول الحية التي لا يخيفها شيء…

المهم أن حفل العقيقة شارك فيه كل من له سلطة ومسؤولية ومنصب وكرسي، “فكذبة” ليست فتاة عادية، هي ابنة أم اسمها “دولة” لا يكسر لها خاطر ولا يرفض لها طلب، لا تظهر لك سوى الوجه الجميل ولا تروج إلا لما هو حسن ولبق؛ تحب المصطلحات الغامضة والمفاهيم الغير الواضحة،فتفكيرها بعيد المدى تفسر المفاهيم والكلمات على هواها وبما يتناسب مع مصالحها…

“دولة” لن تسمح أن تنادى ابنتها ب “كذبة” على الرغم من أنها كذلك، فكان من البديهي أن تختار لها اسما جميلا، مطمئنا، لا يبعث الخوف عند سماعه من أحد، فاختارت أن تسمي مولودتها ” استثناء”.

استثناء” يا إخوة حين ولدت تبجحت بها “دولة” أمام الملأ لتقول لباقي النساء في الوطنالعربي “انا لست عاقر “مع كل ازمة الد مولودا يطفئ الغضب”
دولة” تقول لكم أن الأمر بيدي، إن أردت أمرا كان وإن لم أرده لن يكون، متحدية بذلك القانون الإلهي الذي يمتلك لوحده هذه الصلاحية…

تبجحت “دولة” ب”استثناء” وسخرت كل الوسائل لتظهرها للعالم، أصدرت أوامرها لجميع وسائل الإعلام الرسمي: السمعي والبصري والمكتوب للصدح بخبر ولادة “استثناء”
فأصبحت لا تسمع سوى استثناء استثناء استثناء.

بدأت “كذبة” عفوا “استثناء” تكبر شيئا فشيئا، والكل يناديها باسمها المزيف حتى تطبعوا معوالكل سعيد وراض بالوضع…الامر

بمرور الوقت أصبحت “استثناء” شابة يافعة في سن الزواج، إلا أنها لن تختار حبيبها بنفسها ف “دولة” هي من ستتكلف بذلك فشرعت في البحث عن الزوج المناسب الذي سينفعها…

“دولة” وصلتها أصداء شاب يحبه الجميع: الصغير والكبير، الغني والفقير، المريض والمعافى…الكل مغرم به، تحرت “دولة” عن اسم هذا الشاب، فعلمت أن اسمه “المغرب” فباشرت في الإعداد لترتيبات الزواج، وعقدت بذلك قران “استثناء” بالغالي “المغرب””

طبعا لم يكن هناك حب ولا انسجام بينهما، ف”المغرب” وسيم كريم، يحب الجميع خصوصا البسطاء الواقعيين، يحس معهم بحلاوة الحياة، عكس “استثناء” فهي متعجرفة كأمها، لا تحب إلا نفسها، أنانية لدرجة أن تفرط بحبيبها “المغرب” مقابل مصلحتها
كنا نسمع أخبارا عن عدم توافقهما،وأحيانا كثيرة كانت مشاكلهما تصل لوسائل الإعلام لحدة الأمر…

مشاكلهما كثيرة لأحصيها، لكن أبرزها، مشكل تشكيل الحكومة الذي لم نفهم فيه شيئا، ما عدا ما بلغنا من أن “المغرب” المسكين لم يتمكن من التغلب على “استثناء” و “دولة” فشكلت الحكومة وفق شروطهما وتم تجاوز المشكل ظاهريا فقط…
المغرب” كان له صديق حميم وغالي على قلبه، يحبه حبا جما كان بائعا للسمك يأكل من عرق جبينه حلالا طيبا، اسمه “محسن فكري” تم طحنه بأبشع الطرق، وكانت ل”دولة” و”استثناء” يد في ذلك، مما سبب أزمة نفسية “للمغرب” بدأ معها كرهه لزوجته وأمها،دون أن يتسبب ذلك في انفصال الزوجين ف”دولة” ذكية وماكرة استطاعت أن توقف ثورة “المغرب” ضدها وابنتها، لكن ما استعصى عليها هو إيقاف الكره الذي بداخله.
من بين المشاكل التي كانت بينهما أيضاأن “المغرب” يحب المعلمين و الأساتذة، فهو يدرك أنهم أساس الرقي والتقدم، إلا أن “استثناء” و “دولة” تكرهان هذه الفئة كرها فظيعا لحبهما للكرامة والعيش الكريم، فمنعتهم بذلك من التكوين ثم من التوظيف وحتى من الأجرة وزادت على ذلك بتعنيفهم…

استثناء” و “دولة” تحبان مجالس اللهو والإلهاء كثيرا، فكانتا تحرصان على تنظيم المهرجانات ومن بينها مهرجان “موازين” تنفقان عليه ميزانية أستحي من ذكرها وتمنعها على مستحقيها الحقيقيين، “المغرب” خلوق جدا، يمقت هذا المهرجان لأنه لا يتماشى لا مع دينه ولا مع أخلاقه ولا مع قيمه…

ما يستهوي “المغرب” هو الصحافة النزيهة والموضوعية، فهي تفضح “استثناء” و “دولة” وهو يجد لذة واستمتاعا في ذلك خصوصا حين يرى الاستياء واضحا عليهما…
ولعل أقرب صحافة ل”المغرب” هما جريدة ” العمق المغربي” و ” لكم” وهو جد مفتخر بصدقهما وموضوعيتهما مع ما يتعرضان له من عنف وقمع من طرف “استثناء” و “دولة” ، كان آخرها ما تعرض له الصحفي “أحمد الراشد” مصور موقع “لكم” من تعنيف ومصادرة لكاميرته، أثناء قيامه بعمله في توثيق الوقفة التي نظمتها فعاليات حقوقية، تضامنا مع الناشطة والمعتقلة “سليمة الزياني” وباقي المعتقلين على خلفية حراك الريف
ويذكر كذلك أن الصحفي “محمد عادل التاطو” صحفي جريدة “العمق المغربي”،كان قد تعرض هو الآخر للتعنيف أثناء توثيقه للمسيرة المشبوهة والفاشلة في البيضاء، والتي دعت لها “دولة” و “استثناء” ضد أحد الرموز الذي فضح فسادهما…

كل هذا جعل “المغرب” يبحث في أصل “استثناء” ليكتشف أن اسمها الحقيقي هو: “كذبة” وليس “استثناء”، وهو الآن في انتظار أن يستيقظ الكل من سباته وأن يعي كل محبل”المغرب” أن “استثناء” هي “كذبة” وصاحبتها هي “دولة”.