وجهة نظر

المقعد صراع بين أعضاء جسدي…

المختصر العنيد،
في سابقة لم يشهد مثلها جسدي العزيز، وقع على حين غِرة صراع في بيتي المتواضع ” قصر النملة ” أو جنة المحروم أو عظمة القانع…

لقد استيقظت صباحا متوجها إلى بيت الراحة أو المرحاض كما تعارف عليه أغلبنا، و بينما أردت قضاء عادتي اليومية السيئة وقع جدال و صراع بين أعضاء جسدي كان سببه ذلك المغرور و قد نطق قائلا :

” أنا الحاكم الفعلي لك أيها الجسد، خد راحتك عني لحظة و اظفر بساعة التخلص، لكن وما إن سمعته باقي الأعضاء حثى أثار قوله حفيظتها و تحولت مرحاضي الكئيبة إلى برلمان اللمة على وزن الأمة، فتعالى الصراخ و ترامى الكلام الموجه و المرسل فتعالى السب و القدف هنا و هناك ” .

نطق مرة أخرى قائلا: صمتا أيها الإخوة لما ترفضون زعامتي ؟ و أنا حامل الدماغ أيقونة الفكر و الأوامر الذاتية ، أحوي عينين و لسان و شفتين هما القن السري لملذات الحياة، إذن أنا من له صلاحية الزاعمة أيها الجسد السمين .

لم تصبر اليدين فقالت له أدنو لتسمع مني، لا أكثرت فأنا من يمدك بالمدد و أمنع عنك المس من كل أحد…

و في خضم الصراع ضحكت البطن قائلة: على رسلكما أيها المسكينين، لا تعجبا بنفسيكما كثيرا !!! فأنا حاوية مادة الحياة و معمل الجسد و مضخة الدم و الأكسيجين فبدوني أنتم فانون لا محال لكما…

احتدم الصراع و لم تجد رجلي لحوارهم عزما، فصرخت بصوت عال اهـتزت على إثره أرضية المرحاض ثم قالت :

” يا قطعة من هذا الجسد العليل، أنا الزعيمة بلا جدال و لا منازع لأنني من يحملك و يبطش لك، أنقلك لما فيه خير لك و أهرب بك من كل شر وشيك سيداهمك” .

اشتد الصراع و أنا في عسرة من أمري ثم وقع ما لا يحمد عقباه، فقد صدر صوت حرك جدران المرحاض و اعترى المكان صمت رهيب فلا تجد أحد يتحدث إلا همسا و تكلمت مؤخرتي بصوت منخفض قائلة :

لا تُرهقوا أنفسكم، فأنا الزعيم الشرعي لهذا الجسد الحبيس مند وقت طويل لكن تواضعي لم يزدكم إلا غرورا…
انفجر باقي الجسد بالضحك و انقسم بين مستهزئ و مستنكر من هذا الكلام، فما كان للراغبة في الزعامة إلا أن قامت و منعت خروج المنبوذ المنتضر، فتحول المشهد إلى ولادة متعسرة بين الأمعاء في هذه اللحظة الأكثر من حرجة ثم اكتـفت قائلة سنرى لمن الزعامة اليوم .
و في توقيت لم يتراوح مدته ثوان معدودات، احتار العقل و قل النضر و عجز اللسان عن النطق و لم يبالي السمع و ارتفعت اليد اليمنى احتجاجا و اليسرى اكتفت بالضرب على الحائط من شدة الحرج و البطن أضاء كالضوء الأحمر كإشعار منه بانفجار وشيك و أصيبت الرجل ببطء في الحركة إن لم أقل تغيرت مشية الجسد و صمت الكل في وقت قالت المؤخرة كلمتها الخيرة :

” من يتزعمك أيها الجسد السمين ؟ “

أجابها الجسد التابع المسكين :

نعترف لك أيها الزعيم اللطيف أنك زعيمنا و لك منا السمع و الطاعة
و هكذا أُطلق سراح الجسد و تم التخلص من فضلات ليلة بأكملها، ثم ارتاح الجسد و بات الكل في صحة يتمايل فرحا في ضل نخبة المؤخرة…

هذا جسدي فرد من الجالية المغربية ، لا نصر الله المسترزقين

كلماتي ليست قرآنا منزل و لكنني أكتبها لا لأعود إليها و لكن ليعيد تصحيحا الآخرون…