تقرير: أزمات إسرائيل الداخلية تدفع الآلاف لطلب جواز السفر المغربي

كشف تقرير مفصل نشرته مجلة “جون أفريك” الفرنسية أن عددا متزايدا من الإسرائيليين من أصل مغربي يسعون للحصول على جواز السفر المغربي، في ظاهرة تعكس مزيجا من الحنين إلى الجذور والقلق المتصاعد من الأزمات الداخلية التي تعصف بإسرائيل.
وأوضح التقرير أن فكرة مغادرة إسرائيل لم تعد أمرا محظورا، بل تحولت إلى موجة متنامية، حيث غادر البلاد أكثر من 82 ألف شخص في عام 2024، مقابل حوالي 55 ألفا في 2023، مشيرا إلى أن ما يقارب 60 ألفا منهم رحلوا دون نية للعودة، وفقا لما نقلته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في مايو الماضي.
وأكد المصدر أن هذا التحول الكبير تغذى على خلفية أزمات متعددة، أبرزها ارتفاع تكلفة المعيشة، والأزمة المؤسسية العميقة التي أثارتها خطة الإصلاح القضائي، بالإضافة إلى صعود حكومة الائتلاف اليميني المتطرف إلى السلطة في نهاية عام 2022.
وتابع التقرير أن أحداث السابع من أكتوبر 2023 وما تلاها من حرب في غزة، فاقمت من حدة الانقسامات السياسية والإرهاق المعنوي، ودفعت آلاف العائلات إلى التفكير جديا في بناء حياة جديدة في الخارج، حيث برز المغرب كإحدى الوجهات الرئيسية التي ينظر إليها هذا الجزء من الإسرائيليين.
وسلطت المجلة الضوء على أن هذا الحراك لا يمثل هجرة جماعية منظمة، بل هو عبارة عن مبادرات فردية وعائلية متفرقة وغير معلنة، مضيفا أن ممثلي الجالية اليهودية في المغرب ومواطنين مزدوجي الجنسية يؤكدون عدم وجود “ظاهرة” استقرار جماعي، لكنهم يقرون بوجود طلبات متزايدة على جوازات السفر المغربية، خاصة من أبناء وأحفاد المهاجرين السابقين، كما أوضح المصدر ذاته أن السعي للحصول على “جواز سفر ثان” لا يقتصر على المغرب، بل يشمل أيضا دولا أوروبية كالبرتغال، والولايات المتحدة، وذلك تبعا لأصول كل عائلة.
وروى التقرير قصصا شخصية تعكس دوافع هذا التوجه، كنِتا حزان (39 عاما) التي استقرت في الرباط مدفوعة بالرغبة في استعادة لغة عائلتها وعاداتها وشعورها بالانتماء، وشين المليح (41 عاما) التي رأت في عودتها “إعادة تأهيل لجزء تم محوه” من هويتها اليهودية المغربية التي ظلت مهمشة في “مدن التطوير” بإسرائيل.
ونقل عن آخرين مثل الممثل يائير بورتال الذي افتتح مطعما في مراكش، والفنان الكوميدي بيني بيرتس الذي واجه ضغوطا بعد 7 أكتوبر، وكوبي يفراح الذي يخطط لعودة نهائية إلى المغرب حين تتوقف الحرب. ولفت المصدر ذاته إلى أن العلاقة بالمغرب تتجاوز مجرد الحصول على وثيقة، حيث تشهد إسرائيل اهتماما متجددا بالثقافة المغربية.
وأشار إلى أن هذا الاهتمام يتجلى في إقبال المئات على دورات تعلم الدارجة المغربية عبر الإنترنت، وفي ازدهار الموسيقى الأندلسية التي تمزج بين النصوص العربية والعبرية، والتي أصبحت لها مهرجاناتها وأوركستراتها الخاصة في إسرائيل مثل “أوركسترا أشدود الأندلسية”، مضيفا أن المطبخ المغربي، الذي أدخله المجندون من أصل مغربي إلى الجيش، تحول تدريجيا ليصبح جزءا أساسيا من المائدة الإسرائيلية الوطنية.
وخلص التقرير إلى أنه على الرغم من تباطؤ مسار التطبيع الرسمي وتوقف الرحلات الجوية المباشرة بعد الحرب، إلا أن الروابط الثقافية والاقتصادية والسياحية لم تنقطع، مؤكدا، نقلا عن المؤرخ يغال بن نون، أن ما يحدث ليس مجرد “عودة”، بقدر ما هو “فضول جديد” لدى الأجيال الشابة لاكتشاف جذورها، مما يعزز مكانة المغرب كجسر فريد بين اليهود والمسلمين في الوجدان الإسرائيلي، وكملاذ آمن في نظر الكثيرين.
اترك تعليقاً