وجهة نظر

أعداء الشعب‎

إدراكا بخطورة الفساد، فقد ثم في الصين عرض مسؤولين جدد صحبة أزواجهم وأبنائهم على مسؤولين سابقين يقبعون في السجون الصينية بسبب الفساد، مع ترك الفرصة لهم للتحدث مع هؤلاء السجناء بهدف أخذ العبرة.

إن النزاهة في تحمل المسؤولية والإخلاص في العمل واجب وطني بالنسبة لجميع الأمم التي بلغت من التقدم عتيا، وبالنسبة للمجتمعات الإسلامية فإن النزاهة والإخلاص في العمل هوبالدرجة الأولى واجب ديني وأخلاقي، لكن مع الأسف فإن معظم المجتمعات الإسلامية لم يعد لمسؤوليها أي صلة مع هذه المبادئ، وأضحى “العمل” لديهم وسيلة للإغتناء القذر والإسترزاق، مما تسبب في تقهقر هذه المجتمعات، ومنح الفرصة للمتحاملين على الإسلام لإتهامه بالرجعية والظلامية، في حين أن السبب يكمن في ابتعاد هذه المجتمعات المتخلفة عن العدل الذي هو من أهم ركائز التعامل في الإسلام.

فحينما يفقد المسؤولون الوازع الأخلاقي والإنساني ويصبحوا “روبوطات” لنهب المال العام، و استغلال مناصبهم و صلاحياتهم للإستغناء على حساب مصالح البلاد والعباد، فإن الوسيلة الوحيدة لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الآوان، هو ريط المسؤولية بالمحاسبة والمتابعة القضائية، وتفعيل مبدأ “من أين لك هذا “بدل” سياسة عفا الله عما سلف” التي تبناها رئيس الحكومة السابق السيد عبد الإله بنكيران بدون تفويض من الله، والله سبحانه وتعالى منزه عما يصفون.

أما ما يتعلق بالسياسة والأحزاب “السياسية” فإن مسؤولي 99% منها يعيثون فسادا إقليميا وجهويا و وطنيا، بتبنيهم للريع السياسي وتزكية “الأعيان” و أصحاب النفوذ المالي والعائلي والحثالى والكراكيز الذين يرقصون بأردافهم على شرفهم، وذلك على حساب الكفاءات لتأطير المجتمع المدني وتوعيته، وعدم استغلال فقره وجهله في الفساد الانتخابي، وفي إطار الإنتخابات لا أدري كيف يشعر ذلك الصنف من “البرلمانيين” الذين يعرفون جيدا بأنهم وصلوا إلى قبة البرلمان عبر الزور والتزوير أو شراء الذمم ورمي العار ويتقاضون الآن تقاعدا من المال العام بغير وجه حق؟

يجب الحد من أطماع “مستثمري” الإنتخابات، بتقليص عدد البرلمانيين والمستشارين إلى أقل من النصف، من أجل الإستغناء عن “أصحاب الشكارة” وقناصي الأجر، وإسقاط تقاعد البرلمانيين بدون استثناء، باعتبار أن صفة البرلماني هي انتداب وليست بوظيفة عمومية تخضع لقوانين التوظيف والتقاعد.

إن بارونات ومسؤولي الفساد من محترفي “تخراج العينين” بدون حياء، هم أقل دناءة من ممتهني القوادة و العهارة، وأشد فتكا بالمجتمع من بأئعي الخمور ومروجي المخدرات، لأن هذه الظواهر الذنيئة لن يبق لها أثر مع تطهير المجتمع من الفساد، يجب تصنيف المفسدين كأعداء للشعب ومتابعتهم ومحاكمتهم قانونيا، حتى يسترجع المواطن ثقته في المؤسسات الإدارية والهيئات السياسية.