سياسة

رغم أخطائهم .. لماذا يرفض المسؤولون المغاربة تقديم استقالتهم؟

“..إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”، هكذا تساءل ملك البلاد، خلال خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش في ذكراه الـ 18، ما جعله واحدا من أكثر الخطابات انتقادا للفاعلين السياسيين والحزبيين بالمغرب.

ووجه الملك محمد السادس سهام انتقادات لاذعة لممارسات بعض المسؤولين المنتخبين والمعَيَّنين، والتي تدفع “عددا من المواطنين وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات، لأنهم لا يثقون في الطبقة السياسية”، يقول الجالس على العرش.

ومنذ أن خاطب الملك المسؤولين السياسيين والحزبيين مطالبا إياهم بالانسحاب في حال الإخفاق في أداء المهام، انبرى ظرفاء مواقع التواصل الاجتماعي بالتَّندُّر على السياسيين والتساؤل عن المبادرين الأوائل إلى تقديم استقالاتهم والانسحاب من الحياة السياسية على غرار سياسيي ومسؤولي كبريات الديمقراطية في العالم.

ارتقاء اجتماعي

أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، محمد زين الدين، يرى أن حالات معزولة من المسؤولين المغاربة من أقدَموا على تقديم استقالاتهم، طيلة عقود، موضحا أن “المسؤول المغربي يستأنس بالكرسي وبحب السلطة والامتيازات المرافقة لها سواء كان صاحب هذا الكرسي منتخبا أو معينا”.

وأبرز زين الدين ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن الارتقاء الاجتماعي الذي تضمنه المناصب تدفع المسؤولين المغاربة يبتعدون عن اللجوء لتقديم استقالاتهم، مُقارنا بالدول الديمقراطية التي تجعل من وقوع مسؤول في خَلل في مهامه أو فشله في إحدى مهامه خطوة عادية نحو تقديم استقالته.

ويرى الأستاذ الجامعي، أن إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ثقافة سياسية غير متواجدة لدى المسؤول السياسي المغربي، موضحا أن المشكل يكمُن في عقلية المسؤولين السياسية، إذ غالبا ما يُجبَر السياسي على تقديم استقالته أو تتم إقالته.

ثقافة سياسية 

من جهته، يرى المحلل السياسي أمين السعيد، أن المشهد السياسي لمغرب ما بعد 2011 يمكن تحليله من خلال زاويتين مترابطتين؛ زاوية دستورية ومرجعية قانونية متقدمة وخطب ملكية إصلاحية، وزاوية واقعية تُحيل على إشكالية الثقافة السياسية للفاعلين السياسيين في المغرب، حيث أظهرت الممارسة السياسية بأن النخب الحزبية غير قادرة على مسايرة الطلب المجتمعي والانتظارات الشبابية.

وأبرز المتحدث، ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن القيادات السياسية مازالت سجينة إرث ثقافي لا يقبل بالاعتراف بالخطأ أو القبول بتقديم الاستقالة، كل ذلك يجعل القيادات والنخب السياسية تبذل جهدا كبيرا لعدم التموقع في التقاعد السلس حتى ولو كلفها ذلك خسارة قواعدها وتنظيماتها. 

في المقابل، اعتبر المتحدث أن الحراك المجتمعي والعتاب الملكي الذي ورد خلال خطاب عيد العرش لسنة 2017 يمكنه أن يشكل فرصة سياسية للحركات التصحيحية داخل الأحزاب السياسية لإزاحة القيادات التقليدية التي استعصت على التغيير ما بعد دستور 2011، ويشكل أيضا محطة مفصلية لقيام الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية والنقابات المهنية بتقييم ذاتي بروح نقدية.