مجتمع

السجون تكشف تفاصيل برنامج “مصالحة” لفائدة معتقلي الإرهاب

كشفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، عن تفاصيل برنامج “مصالحة” لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية المدانين في إطار قضايا التطرف والإرهاب.

وأشارت المندوبية في بلاغ توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن برنامج “مصالحة” يرتكز “حول ثلاث محاور أساسية تتمثل في المصالحة مع الذات، والمصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع المجتمع، وقد تمت بلورة هذه المحاور من منطلق إدراك المندوبية العامة العميق لأهمية تأمين شروط إعادة إدماج شريحة المدانين في قضايا الإرهاب والتطرف بالمؤسسات السجنية، والتي تحتاج إلى مقاربة علمية مبدعة تتكامل مع الجهود المتعددة الأبعاد والمبذولة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرّف وحماية المجتمع المغربي من آفاته المبنية على الاستباقية الأمنية والتحصين الروحي ومحاربة الهشاشة”.

وأوضحت المندوبية، أن “البرنامج يستمد “فلسفته من التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تعزيز قيم المواطنة والتسامح و الاعتدال، وإذكاء الإحساس بالمسؤولية المواطنة بين مختلف شرائح و فعاليات المجتمع المغربي، وكذا من حرص الملك على ضرورة إصلاح العدالة الجنائية بالمغرب، على أسس المواطنة والمحاسبة والمسؤولية و المساواة في الحقوق و الواجبات و الفرص، و كدا ضرورة العمل و الحرص على صون الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية”، هذا فضلا عن كونها مبادرة، تضيف المندوبية، “تكرس المبدأ الذي قامت عليه تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في صيغة جديدة تتفرد بكون المصالحة فيها صادرة عن السجناء المعنيين، مع المجتمع الذي تحمل أضرارا مادية ومعنوية بسبب أفكارهم المتطرفة أو أعمالهم الإرهابية”.

وأبرز البلاغ ذاته، أن ذلك “يندرج في إطار الاستراتجية  الجديدة للمندوبية العامة المبنية على مبدأ تفريد العقوبة وإعمال البرامج الرامية الى أنسنة و تحسين ظروف الاعتقال، وتاهيل السجناء لتهييئهم للادماج حيث ياتي في سياق  خطة المندوبية العامة التي سبق اعلانها في  شهر مارس 2016 والمتعلقة بنشر ثقافة التسامح و محاربة التطرف العنيف داخل السجون بتنفيذ برنامج خاص للتثقيف بالنظير، إضافة إلى تنظيمها لبرنامج الجامعة في السجون لفائدة النزلاء الجامعيين حول مواضيع تعنى بالقضايا المجتمعية المتصلة بالادماج”.

و قد أسندت المندوبية العامة، يقول البلاغ، “للجنة علمية وطنية من مستوى رفيع إعداد منهجية تنفيذ  البرنامج، و تنزيله وفق مرجعية علمية تتسم  بالتكامل والشمولية، مما يجعله يتمايز عن برامج المراجعات والحوارات الفكرية التي تم اعتمادها وطنيا وإقليميا في مراحل سابقة، على اعتبار الهدف المركزي لبرنامج المصالحة هو التأطير الشمولي للسجناء و تأهيلهم نفسيا وفكريا وسلوكيا  للتعامل بطريقة سليمة مع نظم المجتمع و فعالياته المؤسسية و البشرية بما يسمح لهم الاندماج الكامل والفعال”.

وأوردت المندوببة، أنه “تم استكمال برنامج مصالحة في نسخته الأولى بنجاح خلال الفترة الممتدة ما بين 29 ماي و 25 يوليو من العام 2017، وذلك بسجن العرجات 1، واستفاد منه سجناء مدانين في ملفات الإرهاب و التطرف، يمثلون عينات من مختلف الاتجاهات الجهادية، والمحكوم عليهم بعقوبات سجنية متفاوتة، وقد عبروا عن رغبة أكيدة في المشاركة في هذا البرنامج بشكل اختياري وعن طواعية”.

وذكر البلاغ، أنه “تم تنفيذ البرنامج  في محاوره الثلاثة وفق البعد المتعلق بالتاهيل الديني وما يتصل به على مستوى فهم واستيعاب النص الديني بالشكل الصحيح والمكرس لقيم التسامح والاعتدال بارتباط بالرؤى والقناعات ذي صلة بتمثلات السجناء الجهاديين للمجتمع و للدولة و للعالم، والبعد الحقوقي والقانوني، حيث تم تاهيل السجناء على مستوى فهم واستيعاب وقبول الإطار القانوني المنظم لعلاقة الأفراد بالمجتمع وبالدولة وبضوابط  النص القانوني، انطلاقا من جدلية الحقوق والواجبات،ثم البعد الخاص بالـتأهيل و المصاحبة النفسيتين باعتبار ان الفئة المعنية من السجناء تعيش تحولات على مستوى تمثل الذات خلال مراحل متوالية  تبدأ بمرحلة ما قبل الاعتقال مرورا بمرحلة المحاكمة ثم مرحلة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية  بالمؤسسة السجنية، والبعد المتعلق بالـتأهيل السيوسيو اقتصادي، من خلال تأهيل السجين للعودة للمجتمع بمؤهلات ذاتية تمكنه من الاندماج الاقتصادي والاجتماعي”.

ولفتت المندوبية، إلى أنه  “تم تخصيص حصص لعرض تسجيلات سمعية بصرية لشهادات بعض عائلات ضحايا الإرهاب، بهدف تحسيس السجناء المدانين في اطار قضايا  التطرف و الإرهاب، بحجم الأذى الذي يخلفه التطرف العنيف على استقرار المجتمع، و أمنه، علاوة على الضرر المباشر الذي يصيب الضحايا”.

كما تم الحرص خلال هذه المرحلة، تضيف المندوبية، على “تأمين المصاحبة النفسية، حتى لا يتم رفع حدة الشعور بالذنب إلى  درجات مرضية قد تفسد عملية التعافي وتعديل السلوك  كما توج البرنامج بعقد مناظرة في شكل تمرين تجريبي يختبر مدى تملك السجناء  تقنيات هدم و تفكيك الخطاب المتطرف”.

وأشارت المندوبية إلى أنه “تأكد لدى اللجنة العلمية، من خلال تقييم تم اعماله على أساس مؤشرات علمية دقيقة، تجاوبا إيجابيا لدى السجناء المستفيدين وتطورا ملحوظا على مستوى تمثل الذات وفهم واستيعاب النص الديني ومقاربة القيم المجتمعية الصحيحة”، مؤكدة “على أهمية و خصوصية هذه المبادرة و عدم ارتباطها بأي تأثيرات ظرفية”.

كما أعلنت المندوبية، “عزمها دراسة إمكانية تأمين استمراريتها مع الانفتاح على شركاء آخرين معنيين، من أجل إطلاق نسخة ثانية لفائدة المرشحين الجدد من النزلاء الذين أبدوا رغبتهم في الانخراط في  هذا البرنامج الـتأهيلي”.