سياسة

منع بوريطة والاعتداء عليه.. “العمق” تنشر تفاصيل “معركة” الموزمبيق (وثيقة)

لا تفوت جبهة البوليساريو الانفصالية، الفرصة للتشويش على المغرب عبر نهجها لمختلف الوسائل، ولعل خير دليل على ذلك ما جرى أول أمس الخميس بالعاصمة الموزمبيقية “مابوتو”، خلال القمة الإفريقية اليابانية إذ عملت الجبهة على خلق الفوضى قصد ولوجها للقاعة المخصصة لانعقاد القمة، بالرغم من عدم توفر أعضائها على اعتماد للدخول، مقابل توفر الوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية ناصر بوريطة عليه.

فوضى واعتداء على بوريطة

الفوضى، تسببت في تعرض الوفد الدبلوماسي المغربي الذي يقوده وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، لاعتداء جسدي ومحاولة لمنعه من حضور القمة.

ونشرت مجلة “تيل كيل” عبر موقعها الإلكتروني، فيديوهات تضمنت أبرز اللحظات التي تعرض فيها الوفد المغربي برئاسة بوريطة، للدفع من قبل عناصر الأمن الموزمبيقي الذين حالوا دون دخولهم إلى قاعة المؤتمرات.

وواجه الوفد المغربي صعوبات في ولوج القاعة بالرغم من توفره على اعتماد الدخول، واستمر التدافع بين الوفد المغربي والأمن الموزمبيقي أمام الباب، حيث عملوا على منعهم من الدخول.

وحسب قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء، فإن سبب التوتر الذي حصل يعود لكون البلد المضيف للقمة الإفريقية اليابانية، عمل على إشراك ممثلين عن جبهة البوليساريو الانفصالية.

وأفادت القصاصة، أن الوفود المدعوة بشكل رسمي للقمة تتوفر على اعتماد الدخول إلى قاعة الاجتماعات، وهو الأمر الذي لم تستسغه الجبهة ومنهم ما يسمى بوزير خارجية الجبهة محمد سالم ولد السالك الذي انهار بعد منعه من الوصول إلى القاعة، لتعمد السلطات الموزمبيقية بعد ساعات، على إصدار أوامر لقواتها بالاعتداء على الوفدين المغربي والياباني حيث منعوا من الوصول للقاعة.

وبعد ساعات، تضيف القصاصة، عقد الاجتماع بحضور ممثلين عن الجبهة الذين دخلوا من الباب الخلفي واحتلوا مقاعد مخصصة لوفد الموزمبيق، مشيرة إلى أنه وعقب الاجتماع صرح مسؤولون يابانيون بأن القمة المقصود منها هو مشاركة البلدان الإفريقية المعترف بها من قبل اليابان فقط.

رفض اليابان الاعتراف بـ”الجمهورية الوهمية” (وثيقة)

أظهرت وثيقة اطلعت جريدة “العمق” عليها، أن اليابان كانت قد راسلت الاتحاد الإفريقي في 30 ماي 2017، تذكره من خلالها على أنها لا تعترف بما يسمى “الجمهورية الصحراوية الوهمية”.

ولفتت اليابان في الوثيقة ذاتها، إلى أنه خلال اجتماع بنيويورك في 11 أبريل 2017، أشار أحد ممثلي الاتحاد الإفريقي إلى أن لائحة المدعوين للاجتماع الذي سيعقد بالموزمبيق خلال غشت غير مكتملة ولا تضم البلدان الـ55 للاتحاد الإفريقي منها جنوب الصحراء، مضيفة أنها تدخلت وذكّرت بكوْن عدد البلدان الإفريقية بالنسبة لها هي 54 دولة وليس 55.

وأكدت اليابان في الوثيقة ذاتها، أنها لا تعترف بـ”الجمهورية الصحراوية” الوهمية كدولة، ولم يسبق دعوتها لاجتماع تيكاد، سواء في اليابان أو إفريقيا.

اعتذار ياباني رسمي للمغرب

الحادث، دفع بدولة اليابان، إلى الاعتذار رسميا للمغرب أمس الجمعة، مشيرة إلى أن المؤتمر الدولي لطوكيو حول تنمية إفريقيا (طوكيو انترناشيونال كونفيرنس أون أفريكان ديفلوبمنت-تيكاد) لا يضم “الجمهورية الصحراوية” الوهمية.

وأكد وزير الشؤون الخارجية الياباني كونو طارو أن موقف بلاده بخصوص عدم دعوة الكيان الوهمي لحضور أشغال مسلسل تيكاد لم يتغير، مجددا موقف طوكيو الرافض للاعتراف “بالجمهورية الصحراوية” الوهمية.

وأعرب وزير الشؤون الخارجية الياباني، خلال مباحثات، أمس، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، على هامش الاجتماع الوزاري لمتابعة تيكاد بمابوتو، عن “أسفه الشديد بخصوص الأحداث والاضطراب الذي شهدته الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري لمتابعة تيكاد”.

وأوضح في هذا السياق أن اليابان ستعمل على تسوية هذا المشكل التنظيمي بصفة نهائية، معلنا أن المؤتمر الوزاري المقبل لتيكاد سينعقد باليابان وأن مثل هذه الأحداث لن تتكرر أبدا.

وأعرب المسؤول الياباني عن اندهاشه “لتحايل سلطات الموزمبيق على إجراءات الولوج من أجل إدخال أعضاء (البوليساريو) غير المدعوين عبر باب جانبي، ورفضها في الوقت ذاته ولوج وفود تتوفر على شارات وحصلت مسبقا على اعتماد رسمي”، مشيرا إلى أن أعضاء في السفارة اليابانية “تعرضوا بدورهم للتعنيف”.

وبحسب المسؤول الياباني، فإن ذلك يمثل مشكلا أمنيا خطيرا. وفي هذا الصدد، احتجت اليابان بشدة لدى البلد المضيف عن هذا السلوك غير المقبول.

بوريطة يكشف تفاصيل ما جرى

كشف ناصر بوريطة عن تفاصيل تعرض الوفد الدبلوماسي المغربي للمنع من الدخول إلى الاجتماع الوزاري، الذي انعقد، الخميس، على هامش المؤتمر الدولي لطوكيو حول تنمية إفريقيا (تيكاد)، والذي احتضنته مدينة “مابوتو” بالموزمبيق.

وقال بوريطة في تصريح لموقع القناة الثانية، إن كل شيء بدأ حين حاولت الموزمبيق، التي تدعم جبهة ما يسمى بالبوليساريو، إدخال وفد “الجمهورية الصحراوية الوهمية” للقاعة من أجل المشاركة في الاجتماع، بالرغم من أنهم لم تُوجه لهم دعوة المشاركة وبالرغم من أن اليابان لا تسمح بحضور الاجتماع الوزاري إلا للدول الإفريقية التي تعترف بها، واليابان لا تعترف بالجمهورية الوهمية.

بوريطة الذي كان يترأس الوفد الدبلوماسي المغربي، أوضح أن “المغرب واليابان رفضا مشاركة وفد البوليساريو، ما جعل الوفد الياباني يقرر الإشراف على عملية التحقق من هوية المشاركين عند أبواب القاعة قبل الدخول إليها، وطلب من الوفد المغربي أيضا مساعدته في العملية، وذلك لمنع أعضاء وفد البوليساريو من الدخول”.

وأضاف المتحدث ذاته، أن “هذه العملية أثارت غضب الموزمبيق، واضطر الوفد الموزمبيقي إلى التخلي عن بعض أعضائه ومنح أماكنهم لفائدة بعض أعضاء وفد البوليساريو، الذين ولجوا إلى الاجتماع باعتبارهم ممثلين لجمهورية الموزمبيق”.

وزاد أنه “وبمجرد دخول الوفد الموزمبيقي إلى القاعة، قام عناصر الأمن الخاص الموزمبيقي بإغلاق أبواب القاعة، ومنعوا الوفد المغربي من الدخول، قائلين إن الاجتماع قد بدأ وأنه من غير المسموح لأي شخص الدخول بعد بداية الاجتماع”.

وأردف بوريطة، أنه قال لمسؤول الأمن الخاص، إن الوفد المغربي مدعو من طرف اليابان، و”سيدخل رغما عنكم”، قبل أن يخرج الوفد الياباني ويفتح الأبواب لفائدة أعضاء الوفد المغربي من أجل الدخول، مضيفا أن مشاركة أعضاء البوليساريو لم تشكل أي مشكلة للوفد المغربي ما دام أنهم شاركوا باعتبارهم يمثلون الموزمبيق، وليس الجمهورية الوهمية.

وأشار وزير الخارجية والتعاون، إلى أن الصورة الرسمية كانت معبرة بهذا الخصوص، لأنها عكست الشكل الرسمي لتيكاد ، بحيث إن الصورة لم تضم سوى الوفود الرسمية المدعوة من طرف اليابان للمشاركة في هذا الاجتماع.

وتابع قائلا إن الوفد الياباني أدان محاولات الموزمبيق إدخال أعضاء دولة لا تعترف بها اليابان إلى الاجتماع، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الياباني عبر له شخصيا عن أسفه للأحداث التي عرفها الاجتماع.

ردود أفعال منددة

ما حصل للوفد المغربي برئاسة وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، خلف ردود أفعال استنكارية على صفحات موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حيث أعلن عشرات النشطاء عن تضامنهم مع الوفد المغربي مستنكرين الأسلوب الذي تعاملت به الموزمبيق مع المغرب، ومطالبين من الحكومة إصدار بيان توضيحي في الموضوع.

أحد النشطاء الذي يدعى رشيد عبد الرحمن، أشار إلى أن “السؤال المطروح هو “هل سيتخذ الاتحاد الإفريقي إجراء في حق الموزمبيق لإهانته لوفد دبلوماسي لدولة عضو، وهل سيتقدم المغرب بشكاية لهيئة التحكيم بالاتحاد”.

ومن جهته نشر الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال تدوينة جاء فيها، “ننتظر توضيحات رسمية بخصوص ما تعرض له وزير الخارجية السيد ناصر بوريطة من اعتداء في الموزمبيق على خلفية منع المغرب بالقوة من المشاركة في القمة الإفريقية اليابانية”.

سهيلة الريكي عضو حزب الأصالة والمعاصرة، اعتبرت أن “ما تعرض له وزير الخارجية ناصر بوريطة والوفد الدبلوماسي المغربي المرافق له من اعتداء فج في القمة الإفريقية اليابانية بالعاصمة الموزمبيقية، يتطلب تصريحا للناطق الرسمي باسم الحكومة وبلاغا رسميا شديد اللهجة باسم الحكومة المغربية”.

ناشط آخر يدعى عادل، كتب أنه “من المفروض في وزارة الخارجية إصدار بيان توضح فيه ملابسات حادثة الاعتداء على الوزير بوريطة ومرافقيه بقمة اليابان إفريقيا المنعقدة في دولة الموزمبيق”.

وأعلن أحد النشطاء الذي يدعى محمد، عن تضامنه “مع وزيرنا في الشؤون الخارجية والتعاون الشاب ناصر بوريطة ،الذي تعرض للتعنيف بالموزمبيق من قبل بعض الأفارقة الأعداء، على هامش الاجتماعات الوزارية لقمة الشراكة بين الاتحاد الإفريقي واليابان المنعقدة بالعاصمة الموزمبيقية ماباتو”.

فيما اعتبر ناشط يدعى عثمان، أن “ديبلوماسية المغرب تنتصر لقضيتنا الوطنية، بالرغم من الاعتداء على وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة بعد محاولة منعه من دخول قاعة المنتدى الإقتصادي بالعاصمة الموزمبيقية مابوتو لحضور مؤتمر طوكيو الدولي حول تنمية إفريقيا، إلا أن موقف اليابان يبقى ضربة موجعة في وجه شرذمة الجبهة الذي رفض السماح لوفد الجبهة الانفصالية البوليساريو في شخص سالم ولد السالك من الدخول للقاعة بصفته ضيف شرف للبلد المنظم”.

صمت الحكومة المغربية

في الوقت الذي عمد فيه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة إلى تقديم تفاصيل ما جرى بالموزمبيق في تصريح إعلامي، عمدت الحكومة المغربية إلى حدود الساعة على الإبقاء صامتة، دون أن تصدر أي بلاغ أو توضيح رسمي يكشف موقف المغرب مما جرى.