وجهة نظر

الصورة النمطية لإفريقيا والأفارقة في الإعلام الغربي

يحتوي البحث على مايلي :           – أسئلة البحث- ملخص البحث
– مقدمة
– أقسام البحث
– خاتمة
– استنتاجات
– توصيات
– مراجع ومصادر

أسئلة البحث:1 ماهي الصورة التي نقلتها وسائل الإعلام الغربية عن إفريقيا وعن الإنسان الإفريقي وقدمتها للمتلقي الغربي ؟2 لماذا يصر الإعلام الغربي على الاستمرار في التعامل مع إفريقيا على أنها لوحة واحدة؟3 ما هي الأهداف يسعى الغرب لتحقيقها عبر توظيفه لوسائل الإعلام ؟4 لماذا أصبحت القارة الإفريقية ساحة معركة بين وسائل الإعلام العابرة للحدود؟5 كيف يمكن للأفارقة تغيير الصورة السلبية التي وضعهم فيها الإعلام الغربي؟

ملخص البحث:يظن معظم الغربيين أن القارة الإفريقية هي عيارة عن صحراء مترامية الأطراف، يقطنها شعب واحد يشترك بصفات سواد البشرة وبياض الأسنان، ربما العرب قد أسهموا في انتشار هذه الفكرة عبر تسمية كل المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأنها السودان.لقد ارتبطت صورة إفريقيا والإنسان الإفريقي في ذهنية الغربي بتراثهم القديم الممتلئ بثقافة التعالي والعنصرية والإيمان بتفوق العرق الأبيض على سواه من الأعراق، وقد ساهم بعض الكتاب الغربيين في ترسيخ هذه الصورة المتخيلة عن إفريقيا في عقل الغربي، ويمكن هنا أن نورد كتاب ” من قلب الظلمة ” للكاتب الروائي البولوني ” جوزف كونراد ” وكذلك الكاتب الألماني ” كاي ماي ” الذي كتب سلسلة من كتب المغامرات اعتمدت على الوصف الخيالي لإفريقيا، وذكر الكاتب فيها مغامرات حصلت في السودان ووصفها وصفاً دقيقاً وهو يقبع في السجن، دون أن تتاح له فرصة زيارة إفريقيا، واللافت أن هذه الكتب ما زالت تحقق مبيعات مرتفعة في الدول الغربية.بالرغم من عدم اهتمام الغرب بالإنسان الإفريقي، ولا كيف يبدو ويظهر في وسائل إعلامهم، إلا أن التنافس بين الدول الكبرى على المناطق الإستراتيجية والغنية، انتقل من مرحلة الصراع المسلح من قبل الاستعمار القديم إن كان فيما بين الدول الاستعمارية نفسها، أو الحروب والقتال الذي خاضه المستعمر مع الشعوب المستَعمرة، إلى صراع فكري وإستراتيجي حول بسط الهيمنة، وزيادة التبعية والنفوذ، وبأدوات العصر الحديث في توجيه الرأي العام الدولي والمحلي، ولذلك نجد كل وسيلة إعلامية ذات تمويل حكومي وتوجه دعائي لها اهتمام خاص بها وإستراتيجية إعلامية نحو القارة الأفريقية.نحن اليوم أمام غزو للقارة الأفريقية لا يقل في قوته وعنفوانه عن غزو الجيوش والاحتلال والسيطرة، إن الهيمنة الإعلامية على أفريقيا هي استمرار لتاريخ طويل من المشاريع الإعلامية، التي أطلقتها محطات إذاعية وتلفزيونية دولية، وحتى منصات إلكترونية لتوفير مواد إعلامية تستهدف المواطن الأفريقي والتأثير في جمهور وسلطات بلاده.

في هذا البحث سوف نجري مقاربة تحليلية للسياسة الإعلامية التي اعتمدتها – وما زالت – وسائل الإعلام الغربية في تغطية أخبار القارة الإفريقية، وكيف تقدم هذه الوسائل القارة السمراء للمواطن الغربي.

مقدمة:يتمثل الاعلام الغربي بمنظومة المحطات الفضائية التي تجعل من العنف، والجوع، والتخلف مادتها الإعلامية التي يتم نقلها عبر شبكة مراسليها في القارة الافريقية، إضافة الى إنتاج العديد من الأفلام التي يظهر فيها الإفريقي على أنه شخص تابع ومقلد للرجل الابيض، فشركات الإنتاج السينمائي الكبرى مثل هوليود وغيرها تعودت أن تقدم الرجل الإفريقي على أنه الطرف الضعيف والعاجز في أعمالها الفنية، فضلا عن الصحافة المقروءة الذي كانت وما زالت تتعاطى مع القارة الإفريقية من ذات المنطلق الذي تتعاطى معه شبكة الإعلام المرئي.إن إفريقيا تعتبر من أقدم قارات الأرض، تتوسط قارات العالم القديم، ثان قارة من حيث المساحة إذ تبلغ مساحة إفريقيا 30 مليون كم، يعبش فيهاحوالي 1,3 مليار نسمة، يتوزعون على 3315 إثنية في 54 دولة تختلف من حيث الطبيعة والمناخ والكثافة السكانية والمساحة والموارد الطبيعية،” نيجيريا ” هي أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان حوالي 120 مليون نسمة، في حين يوجد سبعة دول إفريقية لايتجاوز عدد سكان كل منها مليون نسمة، وتعتبر” سيشيل ” أصغر دولة إفريقية من حيث عدد السكان الذين يبلغون حوالي 100 ألف نسمة.يمثل الزنوج غالبية سكان القارة الإفريقية حوالي 75 في المائة، يليهم المغول الذين يتركزون في الجزر الواقعة شرق إفريقيا، ثم القوقاز في القرن الإفريقي، وشمال إفريقيا الذي يتقاسمه العرب والأمازيغ.تنتشر في القارة ستة مجموعات لغوية ويعيش حوالي 70 في المائة من الأفارقة على الزراعة، وتختلف مؤشرات التنمية البشرية بين الدول الإفريقية اختلافاً جوهرياً حسب مواردها، بعض الدول في الجنوب الإفريقي تتميز بوفرة الموارد، بينما دول مثل النيجر والصومال تعاني من ضعف الموارد.بالرغم من أن القارة الإفريقية كانت أول قارة يكتشفها المستعمر الغربي، إلا أنها من سوء حظها كانت آخر دولة يتم الالتفات لها، لاكتشاف الغرب الثروات الهائلة التي تمتلكها القارة، الأمر الذي جعل من الدول الكبرى تتنافس للسيطرة عليها، وبالرغم من ثرواتها فإن 34 دولة من الدول الإفريقية تقع ضمن 50 دولة الأكثر فقراً والأقل نمواً في العالم.أن إفريقيا الحقيقية أكثر تعقيداً بكثير من الصور التي نراها بانتظام في وسائل الإعلام الغربية، التي دائما ما تصور الجانب السلبي من القارة، ويحاول الإعلام الإفريقي الرد من خلال إظهار صور أكثر إيجابية وواقعية، على أمل أن يتعرف العالم على إفريقيا الحقيقة التي لا يعرفها الغرب أو يحاول تشويهها.لقد حان الوقت لوسائل الإعلام الغربية أن تغير معتقداتها البالية غير الصحيحة عن إفريقيا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نشرت قناة ” سي إن إن ” المشهورة خبراً عن زيارة الرئيس الأمريك السابق “أوباما” لكينيا، وقدمت وصفاً عن كينيا بأنها دولة تمثل معقل الإرهاب.لطالما تعودت وسائل الإعلام الغربية على النمطية في نقل أخبارها والحديث عن القارة، ومن هنا يمارس أصحابها مهنتهم على تلك الأسس، تبعا لأهداف قد تكون معلنة والعكس صحيح، إلا أنها – أي الأهداف- تتمحور حول إبراز صورة الغربي بأحسن حال من صورة الإفريقي، ففي بعض دول ومناطق أخرى، نرى في التقارير الإخبارية أن الرجل الأبيض هو الذي يقوم بتغذية الرجل الأسود ومساعدته وتقديم العلاج له، ولن ترى في التقارير أن الأفارقة يساعدون أنفسهم أو يساعد بعضهم البعض.إن الصومال تتألم من الحرب الأهلية ومن الإرهاب، وكذلك نيجيريا تستنزف مقدراتها في مواجهات عسكرية مع تنظيم بوكو حرام، ومرض إيبولا المميت يمزق سيراليون، كلها عناوين ينشرونها للعالم، لكن ما أسباب الحرب في الصومال ومن الذي أوقدها، من الذين وراء جماعة بوكو حرام ومن يمولهم، ما حقيقة إيبولا وكم من الدول مصابة به، فلن تسمع أي شيء من هذا القبيل، وذلك بسبب أن كل هذه الأحداث تجري في إفريقيا.

القسم الأول:إن السلوك البشري يتكون يتاثر من عناصر متعددة ومتشابكة، من أهمها وسائل الإعلام التي تنقل بالاتصال الكثير من الروافد المعرفية من خلال ما تقدمه وسائل الإعلام، من الكتاب إلى المسرح والتلفزيون والإذاعة، التي تشكل في النهاية شخصية وميول وهوية الإنسان، فوسائل الإتصال والإعلام تشكل الزاد الثقافي والروحي للمجتمعات الإنسانية، وهي بهذا تلعب دورها الخطير والهام في ثقيف المجتمع، ونقل ونشر القيم المتعددة التي سوف يبناها أفراد هذا المجتمع.إن التطور الهائل في وسائل الإتصال وفي وسائل الإعلام تفرض نوعاً من المشاركة الإيجابية بين المجتمعات البشرية، لأن الناس لا تعيش في عزلة، والتواصل الإعلامي والثقافي يؤدي إلى التبادل المعرفي، وتعاون الدول النامية بما فيها إفريقيا أصبحت ضرورة تفرضها التكتلات الإعلامية الضخمة الغربية التي نظمت نفسها مدعومة بتقنيات حديثة جداً حيث وصل البث الفضائي إلى غرف نوم الناس في كل بقاع الأرض، بهدف التأثير على وعي الناس بأسلوب الترغيب والتشويق.ولكن كيف يحقق الإعلام الغربي مبتغاه؟إن الماكينة الإعلامية الغربية تعتمد بصورة مباشرة وقوية على الإعلانات التجارية وبيع الصور والبرامج، ورسم الخطط الذكية لاستهداف الشريحة المؤثرة والغالبة في المجتمع والتي تنجذب بقوة إلى السرعة والإثارة والأداء المبهر.فقد تحول الإعلام الغربي من كونه وسيلة لنقل المعلومات والأخبار، إلى كونه ماكينة لصناعة المعلومات والأخبار، ويصل إلى درجة الاحتراف مع الوقت في التأثير على الناس وإعادة تشكيل المواقف والآراء.وما يثنيه عليه المعجبين به وما يضربونه من أمثلة حول قوته وحريته وإنسانيته في الواقع هو أساس بقاء الإعلام الغربي، فلولا مساحة الحرية التي يرفع شعارها لما كان له تأثير، إنها المساحة التي يتم التلاعب بها وفق سياسة ماكرة تظهر الحرية تارة وتقمعها أخرى حسب الحاجة التي تتطلبها اللحظة. ولا شك أن الحرية في الطرح والاحترافية في طرق صناعة الخبر وتقديمه للناس، والقالب التقني المتطور الذي يعرض فيه وسرعة الأداء توسع الشريحة المتأثرة بهذا الإعلام، وهذا ما عمد له الإعلام الغربي بقوة.إن كون الإعلام الغربي يؤمن مساحة للحرية وسقفا مرموقا لذكر الحقائق أو بعضها، ويضفي بعض الحيادية والموضوعية في طرح المواضيع لا يعني استقلاليته، فهذه الحرية تعدم تماما حين يتعلق الأمر بالتأثير على الرأي العام في نقاط ساخنة تتصل مباشرة بالسياسة الخارجية، خاصة التي تمس مصالح الدول الغربية في إفريقيا أو غيرها من القارات، ولهذا فشعوبهم تتمتع بتلك المصداقية في الشؤون الداخلية للغرب، بينما تنعكس الصورة تماماً في الشؤون الخارجية.فالحكومات الغربية تحرص على سياسة الانفتاح والفضفضة والنقد المفتوح في إعلامها الذي يتناول القضايا الداخلية والخاصة بشعوبها، ولكن حين يتعلق الأمر بإفريقيا والسياسات الخارجية فلابد من تحييد الخبر وتكميم الأفواه والحد من المواضيع وحجز المعلومات،  وكذلك فإن هذه الصحافة الغربية لا تتردد في استخدام الأسلوب الاستخباري للترويج لموقفها السياسي، وللابتزاز السياسي في آن، وقد تكرر هذا كثيرا أكثر من موضع في إفريقيا حيث جرى ابتزاز عدد من رجال السياسة إن كان في الدول الغربية نفسها، أو الضغط الذي تمارسه هذه الوسائل على صناع القرار خارج الغرب  لتأمين مصالحها ومصالح من تمثلهم .

متى بدأ الصراع الإعلامي على القارة الإفريقية:في خمسينيات القرن الماضي، أثناء احتدام  الحرب الباردة، قامت موسكو وبكين بإطلاق محطتين إذاعيتين، باللغات الفرنسية والإنجليزية والبرتغالية، وهي لغات المستعمرين في ذلك الوقت، وكانت المحطتان موجهتين إلى القارة الأفريقية، وأضافت ذات الإذاعتين فيما بعد اللغة السواحلية المنشرة في الساحل والغرب الأفريقي للقارة، للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور.ثم في وقت لاحق عملت كل دولة استعمارية كفرنسا وبريطانيا، على إنشاء إذاعات موجهة للمجتمعات الأفريقية، فهيئة الإذاعية البريطانية ” بي بي سي ” أنشأت عام 1957 محطة باللغات الأفريقية، كالسواحلية والصومالية والهوسا، كما أضافت برامج باللغة الفرنسية مع استقلال عدد من الدول الأفريقية منذ فترة الستينيات من القرن الماضي.ودخلت دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والبرتغال كذلك على الملعب الإعلامي الإفريقي، وأبدت اهتماماً بشأن الإعلامي تجاه المجتمعات والحكومات الأفريقية بعد ذلك، وهو ما شكل صراعًا إعلاميا دوليا قائمًا إلى الحين بالقارة الأفريقية، وكان لفرنسا الاهتمام الأكبر في هذا الصراع الدولي عبر وسائل إعلام متعددة، كالجرائد والمجلات والإذاعات وبعدها قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية.ومع ظهور وكالات الأنباء العالمية مثل  “رويترز ” و “أسوشيتد برس ” و “فرانس برس “، أصبح لهذه الأخيرة موضع قدم في كل أماكن العالم ومن بينها نقل الصورة والحدث إلى العواصم الكبرى من القارة الأفريقية.ربما يظن العديدون أن الحديث عن الإعلام الغربي، يعني الحديث عن تلك الحرية والمصداقية والتفاني في الإتقان والتطوير وذروة السبق الصحفي، إلا أن التجارب في معترك الوقائع الهامة التي حصلت سابقاُ وتحصل في مختلف بقاع العالم تبدد هذه الصورة التي عنوانها الدقة في الحكم والنقد الثاقب للإعلام الغربي وتحل مكانها صورة تؤكد بكل وعي وإدراك أن الإعلام الغربي ليس إلا آلة حرب وسياسة في أيد أرباب الحرب والسياسة الغربية.كثيرة هي الأحداث المهمة التي تعامل معها الإعلام الغربي ليكشف عن سرعته في الإيقاع، وسطحيته في تناول الموضوعات، وتفاديه الغوص في الجوانب العميقة للقضايا، أو موضوعات المناقشة، خاصة حين لا يتعلق الأمر بالغرب، إذ يعتمد هذا القطاع الإعلامي على الشكل والصورة والأداء ليحدد المفاهيم التعريفية والسياسية والثقافية والاجتماعية المعقدة فتؤثر في خلق وتكوين الصور العامة المسيطرة في المجتمع فارضة التنميط العام للقضايا المتداولة.إن الإعلام الغربي يخاطب شعبه بلغة التميّز والذكاء والتحرر والسبق لكل الأمم، وينعت غيره من الشعوب وعلى رأسها الشعوب الإفريقية  بالأمية والتخلف والرجعية، ويستعين في ذلك بالمثقفين والمتعلمين لبث الأفكار المضللة بخلفية مخادعة، حين يجعل النقد حقا وواجبا، ونزع القيود والأغلال في بسط الرؤى المختلفة بين المتناظرين من سمات الحرية في الرأي والارتقاء في فكر الإنسانية والبشر. لكنه يوظفها في الأخير لإعادة صوغ العقليات والمفاهيم وطرق التحليل والنظر للأشياء بشكل يبتعد معها في نهاية المطاف عن العدالة والإنصاف وإن كان يلبس ثوبها.إن الصورة النمطية لإفريقيا في العقل الغربي لم تتغير كثيراً حتى الآن، فما زالت وسائل الإعلام الغربية تقدم إفريقيا في إطار لا يخرج عن ثوابتها المتوارثة وهي الفساد والتخلف والكوارث الطبيعية والفقر والجوع والأمراض، وكثير من المحطات التلفزيونية مازالت تقدم برامج بقصد الإثارة والربحية، عن عادات شرب الدم وأكل لحم البشر أو القرود لدى بعض الإثنيات الإفريقية، وإن أردا الإعلام الغربي التنوع في تناول الموضوع الإفريقي يتحدث عن انخفاض وكي ثدي القاصرات الإفريقيات، أو عن تعدد الزوجات.بظني أن ما يستحق النقد هو غياب الرؤية الموضوعية، وانعدام التحليل العلمي البحثي للكثير من الظواهر في القارة الإفريقية، وعدم تناولها في سياقها التاريخي والجدلي من قبل وسائل الإعلام الغربية، وليس الواقع الإفريقي بحد ذاته.إن العديد من وسائل الإعلام الغربية هدفها الأساسي ليس البحث عن الحقائق ونشرها، وإنما التجارة في المعلومات والمعطيات والخبر والصورة، لذلك هي تقوم بتقديم ما يطلبه المشاهد والقارئ، ولا تهتم كثيراً إن كانت السلعة جيدة ومفيدة، أو كانت فاسدة ومتعطنة.ليس هذا فحسب، بل أن وسائل الإعلام نفسها في الدول الغربية سلعة مثل غيرها من السلع، يتنافس على امتلاكها تجار كبار لفرض مصالهحم السياسية أو الاقتصادية.بل أن العديد من الديكتاتوريين في الدول النامية يشترون وسائل إعلامية في الدول الغربية، من أقنية تلفزيونية أو صحف ومجلات أو محطات إذاعية، ويقومون بتوظيف عدة مشاهير إعلاميين غربيين فيها، وذلك بهدف تلميع صورتهم الشخصية أو صورة بلادهم في أعين المشاهد والقارئ الغربي، وخلال السنوات الأخيرة أقدم عدد من تجار الدم والحروب ومن الأثرياء الجدد خاصة من دول أوروبا الشرقية، على شراء صحف ومحطات تلفزيونية عريقة، لأهداف متعددة مثل تبييض الأموال، ولحماية مصالحهم، وللتأثير على مجريات الحياة السياسية والاجتماعية.إن المجتمعات الغربية  بالرغم من أنها مجتمعات متحضرة متطورة، إلا أنها مجتمعات تسود فيها العزلة والفردية والاغتراب الاجتماعي والروحي، وبالتالي تشهد العلاقات الأسرية ضعفاً ثم تفككاً، وكثير من هذه المجتمعات تقتصر فيها العلاقات معظم أوقات العام على بعض الاتصالات الهاتفية، وبعض اللقاءات الموسمية، وحضور أعياد الميلاد، لذلك نجد من السهولة بمكان أن تلعب وسائل الإعلام بهذه المجتمعات دوراً بالغ الخطورة في التأثير المباشر على المتلقي، وبذلك يكون لهذه الوسائل الأدوات التي تحدد نوعية ومسار واتجاهات الوعي الجمعي لهذه الشعوب، وتعمل على إنتاج وإعادة إنتاج وعي الناس.لقد تشكلت في الغرب امبراطوريات إعلامية ضخمة عابرة للقارات، تستطيع تلميع صورة أي زعيم سياسي أو نقابي أو رجل أعمال، وأيضاً تستطيع تحطيم أي سياسي أو برلماني يخرج عن بيت طاعتها.لقد شنت امبراطورة الصحافة الألمانية “إشبرنقر” هجوما كاسحاً على وزير المالية اليساري لأنه اقترح فرض ضريبة على الشركات عابرة للقارات، هذا الهجوم أدى إلى تدميره سياسياً، وكذلك نفس الامبراطورية حطمت رئيس الجمهورية الألماني عندما وجه انتقاداً للبنوك، وطلب اعتبار الإسلام ديناً معترفاً به في ألمانيا إلى جانب المسيحية واليهودية، وتنشغل معظم الماكينات الإعلامية في الغرب في الحفاظ على المصالح المتعددة  لأصحاب هذه الوسائل، ومصالح الشرائح الاجتماعية التي يمثلها أصحاب وسائل الإعلام، لذلك فهي في نعظمها تنشر ثقافة الإسفاف والابتذال ولديها سياسة انتقائية في نشر الصور والأخبار، فهي تقوم بنشر أخبار وصور مشاهير الإعلام والسياسة والفن والمال، وتنشغل بتسريحة شعر فنانة أكثر مما تنشغل بأخبار ملايين الأفارقة الذين يموتون سنوياً بسبب الجوع والفقر والحروب والأمراض، ولا يعني لوسائل الإعلام الغربية شيئاً أن ينام كل ليلة ملايين الأفارقة بمعدات خاوية، ولا أن تموت كل يوم آلاف النساء الإفريقيات أثناء الولادة، ولا أن يحرم الملايين من الأفارقة من ماء الشرب النظيف، وأن لايجد عشرات ملايين الأطفال مقاعداً للدراسة، فهذه بالنسبة لوسائل الإعلام الغربية هي مجرد أخبار لا تستحق النشر لأنها تتعلق بإفريقيا.إن هذا النفوذ المتزايد في التأثير على الوعي السياسي والاجتماعي للمواطنين الغربيين من قبل وسائل الإعلام الغربية منحها قدراً كبيرا من النفوذ في التأثير والضغط على رؤساء أحزاب سياسية وحتى وزراء ورؤساء حكومات في الغرب، ويمكن ملاحظة أن قائمة الزوار لأصحاب هذه الامبراطوريات هم من المشاهير والسياسيين.في وسائل الإعلام هذه هي نفسها لا تجد مكاناً لنقل الواقع الموضوعي دون إثارة حين يتعلق الأمر بإفريقيا، لذلك لا يمكن توقع أن تقوم هذه الوسائل بتحليل هذا الواقع وتفكيكه بأمانة مهنية، وتقديمه للمتلقي الغربي بحيادية، لأن هذا الأمر يتعارض مع مصالح المستعمر الأبيض الغربي الذي ما زال لا يرى في إفريقيا إلا منجم من الالماس والذهب والفضة واليورانيوم وبقية المعادن، لايوفر وسيلة في نهب خيرات القارة السمراء، وترك أبناؤها يموتون جوعاُ.القسم الثاني:

1 صورة الوضع الاقتصادي الافريقي:ينظر الإعلام الغربي بمعظمه إلى القارة الإفريقية على أنها قارة ميؤوس منها، وهو بهذه الرؤية يساهم في ترسيخ صورة إفريقيا في الذهنية الغربية، وصورة اقتصادها الذي تعكسه صور الدمار البيئي والمجتمعي الذي عصف بالقارة عبر عشرات السنين، من خلال قيام وسائل الإعلام الغربية بعرض صور الأراضي المتشققة في عدة دول إفريقية على شاشات التلفزة الغربية، لإظهار الجفاف، وكذلك يتم عرض صور الحيوانات النافقة وهي مرمية هنا وهناك في أراضي إفريقيا الشاسعة، كذلك يتم عرض العجائز الأفارقة بشعرهم الأبيض المهمل، وصور الأطفال الجوعى ببطون منتفخة وذباب يحوم حول عيونهم، أيضاً يتم عرض صور الأسلحة المختلفة المتكدسة، وصور الاقتتال بين القبائل والإثنيات الإفريقية، وصور القتلى ملقاة في الشوارع، وصور شاحنات المساعدات الغذائية الدولية وهي تقوم بتوزيع وجبات الطعام على الشعب الجائع، وصور الأفارقة وهو يتراكضون خلف هذه الشاحنات، ويتزاحمون للحصول على حصة من المعونات.إلى جانب هذه الصور التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية، نجد أن نفس هذه الوسائل تجد في تقديم تغطية شاملة لكل تفاصيل أية رحلة تضامنية يقوم بها أحد المشاهير الغربيين البيض لإحدى الدول الإفريقية، وتعرض صورهم وهم يبدون التضامن مع الأفارقة، ويحملون صغارهم، ويناشدون المجتمع الدولي من أجل إيجاد حلول للقارة السمراء وشعوبها، وتظهر وسائل الإعلام الغربية هذه الزيارات على أنها التعبير الأسمى والأرقى للضمير الغربي الأبيض نحو الأشقاء في الإنسانية.لكن وسائل الإعلام الغربية لا يمكن لها باي حال من الأحوال أن تقوم بذكر الأسباب الحقيقية التي أدت إلى حدوث مثل هذه الكارثة البيئية في أفريقيا، التي يتحمل مسؤوليتها الدول الغربية بسبب الإشعاعات الغازية وثاني أكسيد الكربون التي تطلقها هذه الدول، فمن المهم أن نعلم أن جميع الدول الإفريقية الأربع وخمسين مجتمعة تطلق فقط مامجموعه “3,56  ” في المائة من هذه الغازات، وهذا يعادل تقريبا ما تطلقه دولة غربية واحدة مثل ألمانيا، إذن لا يحتاج الأمر كثير ذكاء كي نعلم أن الغرب هو المسؤول عن هذه الكارثة البيئية، وليس الأفارقة أنفسهم.ومن الملاحظ أنه في جميع قمم المناخ التي عقدت، تتعهد الدول الصناعية بالتزامات محددة نحو الخمسين دولة الأكثر فقراً في العالم، لتعويض هذه البلدان عن الخسائر التي تسببها الغازات التي تظلقها الدول الغربية، لكن سرعان ما يجري الانسجاب والتراجع عن هذه التعهدات نتيجة الضغوط التي تمارسها شركات النفط والسيارات على الدول بمساعدة وسائل الإعلام.

2 ماهي الصورة الحقيقية للوضع الاقتصادي الافريقي:بعيداً عن الصورة النمطية التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية عن إفريقيا، بالرغم من الكوارث البيئية ومن وجود عدد من الدول الإفريقية تحكمها ديكتاتوريات وطغاة، إلا أن هناك نهضة اقتصادية شاملة تسير ببطء وتعكس أن إفريقيا قد بدأت تتلمس طريق تحطيم قيود الاستعمار، وتبعات الحرب الباردة، وهي تسعى بكل مافيها من قوة للسير في طريق التنمية.بحسب بيانات صندوق النقد الدولي فإن بعض الدو الإفريقية تحقق نمواً سنوياً بمعدل يتراوح بين 3 إلى 5 في المائة وبعضها قد يصل إلى 7 في المائة، ويقول الخبير الاقتصادي في مركز التنمية العالمية ” مايكل كليمنز ” أن إفريقيا قد بدأت في الخروج من الحفرة، لكن هذه الرسالة لايراد لها أن تصل إلى الغرب، حيث لا يزال الكثير من الناس سجين الأساطير والأقاويل والخرافات حين يتعلق الأمر بإفريقيا، وكأنها أرض تسكنها اللعنات وتحتاج إلى الخلاص القادم من الغرب الأبيض، ونحن نظن أن مئات الملايين من الأفارقة سوف يخرجون من قمقم الفقر في السنوات القادمة نحو الاكتفاء والبناء، تماماً كما خرج مئات الملايين من الآسيويين خلال عشرات السنين الماضية، ونفضوا عن كاهلهم غبار الحروب، وبدأوا في مسيرة البناء والتطور الاقتصادي والعمراني التي ما زالت متواصلة لغاية الآن.

إن دولة مثل اثيوبيا مات فيها مليون إنسان خلال سنوات قليلة بسبب الجوع، أصبحت الآن من الدول المصدرة للثروات الحيوانية والبن، وفي غانا حقق الناتج المحلي في العام 2014 نمواً قدره 6,1 بفضل عائدات النفط، وباختصار يمكن ملاحظة أن القارة الإفريقية كحزمة واحدة استطاعت أن تحقق نمواً خلال العشر سنوات الأخيرة اسرع من بلدان شرق آسيا المشهورة في تطورها ونموها.3 أسباب الصحوة الإفريقية:يمكن الحديث عن عدة عوامل ساهمت في إحداث يقظة إفريقية خلال السنوات القليلة الماضية أهمها برأينا:- تحويلات الأفارقة الذين يقيمون خارج القارة الإفريقية وقد قدرت بعض المصادر أن هذه الأموال قد تصل إلى مايقارب 118 مليار دولار سنوياً.- قامت الكثير من الدول الغربية والمؤسسات النقدية العالمية بإلغاء الكثير من ديون أفريقيا الخارجية.- العديد من دول العالم والدول الإقليمية بدأت تظهر اهتمام متزايد للاستثمار في أفريقيا، ولعل أهمها إسرائيل وتركيا وإيران والصين وروسيا، إضافة للوجود التقليدي الفرنسي والأمريكي.- الانتشار السريع لوسائل الاتصال في إفريقيا بين شرائح واسعة من الدول الإفريقية.- العلاقات التجارية بين إفريقيا والعالم الخارجي بدأت تتطور بما يحقق مصالح الطرقين بعيداً عن القيم والمثاليات والشعارات التي رفعتها حركات التحرر الإفريقي خلال نصف قرن من الزمن.- توجه كثير من المبادرات الخيرية الفردية لرجال المال والأعمال نحو إفريقيا، وحتى بعض المؤسسات الشبه حكومية وجهت دعمها لسكان إفريقيا.- ظهور شريحة من الشباب الإفريقي الذي تلقى تعليم متوسط ورفيع ويمتلكون مهارات في استخدام التقنيات الحديثة، وبدأ ينخرط في سوق العمل وفي المؤسسات الرسمية والخاصة.- انتهاء مرحلة الاقتتال الداخلي والحروب الأهلية والإثنية والطائفية في القارة الإفريقية، مما ساهم في خلق نوع من الاستقرار والأمن ساهم في التحسن الاقتصادي والمعيشي.- دخول التقنيات الحديثة إلى هذه الدول حتى لو كان بشكل نسبي وبطيء ساهم في تحسن الحياة.بالطبع ما زال أمام القارة الإفريقية الكثير من المشاكل التي تنتظر حلولاً جذرية، ومازال هناك تفاوت مخيف في الدخل، ومازال العديد من الناس يموتون كل يوم بسبب الفقر والجوع والمرض وانعدام التجهيزات، لكن هذا التحسن الملموس في أوضاع القارة الإفريقية في اكثر من صعيد لا يريد الإعلام الغربي أن يلحظه، ولا يزال يستخدم مفرداته وتقنياته القديمة حين يتعلق الأمر بإفريقيا.4 شريحة إفريقية استقراطية والفساد الماليكما هو حال المجتمعات الأخرى، فإن إفريقيا فيها شريحة اجتماعية ثرية وتمتلك المليارات التي جناها أصحابها بفعل الفساد، من خلال قربهم من رجال الدولة، أو من خلال سيظرتهم على جزء من أجهزة الدولة التي تقوم بحماية مصالحهم، بل تشرع قوانين لحماية ثروات هؤلاء وتنميتها، وتقمع الأصوات التي تنادي بمعرفة مصادر هذه الثروات.وسائل الإعلام الغربية تتناول هذا الموضوع بإثارة لافتة، حيث نشرت صحيفة” بلدزيتنغ” الألمانية خبراً في صفحتها الأولى في العام 2014 جاء فيه ” من كان يصدق أن إفريقيا التي كنا نعتقد مخطئين أنها قارة الفقراء تضم اكثر من خمسين ملياردير تبلغ ثروتهم 143 مليار دولار”جميعنا يعلم أن مثل هذه الثروات الخرافية لا تأتي من عصامية، إنما تتكدس بفضل الأنشطة الإجرامية التي يقوم بها عدد من الناس، في كل زمان ومكان ولا علاقة لها بقارة ما أو دولة ما .

الإعلام الغربي لايكف عن العزف على وتر الفساد الإداري والمالي الذي ينهش إفريقيا، ويقدمها للمتلقي الغربي على أنها قارة تعوم فوق محيط هادر من الفساد، بينما تقارير البنك الدولي تشير بوضوح أن الفساد عمل يحصل في جميع أنحاء العالم، وأنه يتم دفع أكثر من تريليون دولار سنوياً كرشاوي، وبظننا أن هناك علاقة ثابتة بين ظاهرة الفساد ومستوى التعليم ومستوى الدخل وطبيعة النظام السياسي القائم، وهذا يؤكد أن ظاهر الفساد لها جذور في أي مجتمع، وليست قضية جينية يتوارثها الأفارقة.وبطبيعة الحال فإن التطورات التي تشهدها الكثير من دول القارة الإفريقية، وازدياد الوعي والتعليمسوف يؤدي إلى تراجع في مستوى الفساد في إفريقيا.لكن الإعلام الغربي يركز على الجوانب السلبية، وينسى أن الغرب الذي ينتمي اليه هذا الإعلام ليس قاضياُ لهذا الكون، وأن فيه الكثير من اللوبيات التي تمثل اخطبوط تمتد أذرعها إلى العديد من مفاصل الدولة وصنع القرار، هذذ اللوبيات تتسلل إلى مراكز البحوث وإلى الجامعات والكنائس ودور النشر وإلى وسائل الإعلام ذاتها، وذلك للتأثير على الراي العام، او للضغط على سياسي ما في موقع صنع القرار، وفي الولايات المتحدة فقط يوجد اكثر من 60 الف من اللوبيات، أهمها المرتبط بالصناعات التكنولوجية والدفاع وصناعة الأسلحة واللوبي الإسرائيلي ولوبي الأدوية والمال والذاقة والتعدين والزراعة وجمعية السلاح.وفي بروكسل في مقر الاتحاد الأوروبي يوجد حوالي ثلاثين ألفاً من اللوبيات تمارس ضغوطها لتمرير مصالحها، وكل هذا لا تظهره أجهزة الإعلام الغربية باعتباره جزء من اللعبة الديمقراطية.5 قضية مرض نقص المناعة المكتسبأكثر المواضيع المثيرة التي يتناولها الإعلام الغربي عن إفريقيا هو موضوع مرض نقص المناعة المكتسب “الإيدز” وبالرغم من أن هذا المرض قد تم اكتشافه في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1979 واحتدم في حينه الجدل بين الأطباء والعلماء حول أسباب ظهور هذا المرض العضال، وهل مصدره الإنسان أم الحيوان، ورجح بعض العلماء أن يكون مصدر الفيروس هو القارة الإفريقية، وهكذا سافر العلماء إلى إفريقيا للحصول على عينات من الدم من البشر ومن القردة، ولحقت بهم الماكينة الإعلامية الغربية التي وجدت في هذا الموضوع قمة الإثارة والتشويق التي تحقق أعلى نسب المشاهدة، مما يعني مزيد من الأرباح، فبدأت وسائل الإعلام الغربية في تناول مفردات “اللواط” و”الجنس” و”الموت” و”الزنجي” وبدأت الصحف تنشر الأرقام التقديرية لعدد المرضى الأفارقة الذين سوف يموتون كل عام، والحديث عن بناء مقابر جماعية لضحايا الايدز، وقد ساهم عدد من العلماء بدور خبيث في إطالة عمر هذه الإثارة الإعلامية، من خلال تقديم معلومات غير دقيقة حول انتشار المرض في أفريقيا،وحين كان بعض الأطباء الأفارقة يطالبون بتقديم الأدلة العلمية على المزاعم الغربية من أن أصل الداء هو إفريقيا، كان العلماء الغربيين يتهربون ويلقون باللوم على الصحافيين الغربيين الذين ينشرون ما لم يقله العلماء، ولاحقاً يقولون شيئاً مختلفاً تماماً في غياب الأطباء الأفارقة حيث يذكرون أن الأفارقة ينكرون الحقائق لأنهم يشعرون بالحرج أنهم تسببوا بكارثة للبشرية.وقد استغلت وسائل الإعلام الغربية موضوع الإيدز وشنت حملة عنصرية للتحريض على الأفارقة الموجودين في المجتمعات الغربية، فسوقت هذه الوسائل لشعارات” الإيدز من إفريقيا ” و ” أرجعوا الزنوج إلى أحراشهم ” وذلك بهدف نشر الرعب منهم ونشر الثقافة العنصرية التي تعتمد فكرة تفوق ونظافة العرق الأبيض في مواجهة عرق أدنى هو العرق الأسود.هذه الحملة التي ـأدارتها بخبث وسائل الإعلام الغربية ضد الأفارقة وصلت في حينها إلى بعض المؤسسات الرسمية التي أصدرت نشرات تحذر من ممارسة الجنس مع القادمين من القارة “الشريرة”.إن الحقائق التي تجاهلها عمداً الإعلام الغربي هي عدم وجود مسح شامل لمستويات انتشار مرض الإيدز في إفريقيا لضعف الإمكانيات المالية، وبذلك تكون الأرقام الإحصائية التي تتعلق بهذا المرض في القارة تقديرية، وأن معظم هذه الدراسات والأبحاث لهذا المرض في إفريقيا قام بها علماء غربيون، وحين تم نشر دراسة حول هذا المرض في العام 1984 ركزت عليها وسائل الإعلام الغربية كثيرا، وفيما بعد اتضح أن هذا البحث تشوبه أخطاء علمية كثيرة اعتذر عنها الباحث البلجيكي الذي أشرف على الدراسة، إلا أن وسائل الإعلام الغربية تجاهلت تماماً هذه المستجدات في القضية لأنها تستبعد فرضية أن أصل الداء من إفريقيا.
القسم الثالث:لماذا هذا التنافس على القارة الإفريقية؟ إن إفريقيا قارة واعدة وفرصها متنوعة ومتعددة من الناحية الديمغرافية فهي ذات مجتمعات فتية، إن نسبة 62 في المائة من سكانها دون 24 سنة و15 دون سن  15 سنةفي حدود 2030 ستكون نسبة التمدن في إفريقيا الأعلى عالميا، مما يعني ان إفريقيا ستكون سوقا عالمية بامتياز.تمتلك إفريقيا  30 في المائة من الاحتياطي العالمي من المعادن ( 40 في المائة  من احتياطي الذهب و60 في المائة من احتياطي الكوبالت و90 في المائة من احتياطي البلاتين عالميا.كما تمتلك حدود 10في المائة  من احتياطي الطاقة العالمية و21 في المائة من احتياطي اليورانيوم (النيجر رابع منتج على مستوى العالم) كما تمتلك ما يناهز 17 في المائة من الأراضي القابلة للزراعة عالميا.الحرص الغربي على التواجد الإعلامي في إفريقيا:وتقوم كثير من الدول الغربية ببذل جهود كبيرة ودفع أموال طائلة من أجل حضورها في إفريقيا وخاصة فرنسا التي تحرص دوماً أن لا تكون غائبة عن المشهد الإعلامي الإفريقي، فرنسا تقوم بتمويل الصحافة الناطقة بالفرنسية بتمويل ثابت منذ الاستقلال، كما تقدم كافة التسهيلات لهده الصحف من أجل التوزيع في الأراضي الفرنسية، وتستمر الكثير من الجرائد ذات الحرف الفرنسي في التوزيع والنشر والاستفادة من الإعلانات، رغم ضعف الإقبال عليها في مجتمعات الشمال الأفريقي مقارنة بالعربية.ولأسباب إستراتيجية، تعتمد الحكومة الفرنسية على مجموعة من الوسائل الإعلامية الموجهة إلى المجتمعات الأفريقية، ولعل أبرزها الإذاعة الفرنسية الدولية، وإذاعة مونتي كارلو الدولية، وكذلك المجلة الناطقة بالفرنسية المشهورة «جون أفريك»، بالإضافة إلى وكالة الأنباء الفرنسية المتواجدة في كل شبر بأفريقيا تقريبا.

وتولي الحكومة الفرنسية اهتماما بالغ الأهمية بالمجال الفرانكفوني والاستمرار في السيطرة على التشكيل اللغوي والثقافي في مستعمراتها القديمة، حيث قامت في عام 2006 بدعم مجموعتها التلفزيونية بفرانس 24، المشروع الذي أطلقه جاك شيراك وأثار في حينه الكثير من الجدل بسبب الميزانية الضخمة المخصصة له من قبل وزارة الخارجية الفرنسية.كما اهتمت جرائد كبرى وعريقة مثل لوموند ولوفيغارو، وأطلقت كل منهما نسخا موجهة إلى أفريقيا، وقامت بتوجيه مجموعة من الصحافيين للاهتمام بالقارة ودعم خبرتهم في التحقيق على هذا النحو، كما أطلقت «كنال بلاس» المعروفة بأنها قناة متخصصة في الشأن الأفريقي .كذلك الأمر بالنسبة إلى القناة الأوروبية متعددة اللغات،” أورو نيوز”، ذات الاهتمام الدولي والشأن الأوروبي الخارجي، والتي أطلقت بداية هذا العام 2016 النسخة الأفريقية بالمدينة الفرنسية ليون، قناة “أفريك نيوز”، وهي إشارات لاستمرار الزحف والحشد الإعلامي نحو أفريقيا، التي تعتبر فيها فرنسا أحد القوى المؤثرة والنافذة، خاصة مع وجودها عسكريا في أكثر من دولة وحضورها الثقافي في كل إفريقيا تقريباً.

الإعلام الإفريقي في المواجهة:لقد وجدت جميع الإذاعات الدولية التي افتتحتها المؤسسات الإعلامية الغربية في إفريقيا، صدى واسع لدى المستمعين الأفارقة حيث يجدون فيها أصواتا غير الصوت الرسمي الأحادي الذي يتبناه الإعلامي المحليأ، وبالتالي صار الإعلام الغربي جزءا من البيئة الإعلامية الإفريقيةشكلت هذه الإذاعات مصدرا للمعلومات يعكس توجه دول المصدر لكنه يعطي انطباعا بالاستقلالية والمهنية للأخبار المحلية الإفريقية. من التعددية السياسية التي عرفتها القارة الإفريقية بداية تسعينيات القرن الماضي فقد سمحت الأنظمة السياسية بانفتاح إعلامي مستقل نسبيا كلما اتسعت دائرة حريته كلما صار الناس يتابعونه.مع نهاية ثمانيات القرن الماضي تطورت وسائل الاتصال وبالتالي تأثر الإعلام نظرا للتطور الهائل الذي عرفه عالم الاتصال الفضائي مع توظيف الأقمار الصناعية التي تغطي قارة أفريقيا، وتم ذلك بالتزامن مع سقوط الأنظمة في الشرق وموجة من الديمقراطية عرفتها دول القارة.ظهرت فضائيات لا حصر لها مع مجموعة من المبادرات العمومية والخصوصية في مجال الأخبار التلفزيونية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وقد حرصت كبريات وسائل الإعلام الغربية على توسيع شبكات البرامج، وخاصة الأخبار التلفزيونية، الموجهة لأفريقيا. كما وضعت هذه المؤسسات العديد من برامجها الوثائقية بين يدي المشاهد الإفريقي. لقد تعددت المبادرات وتنوعت، تلك التي قام بهاأفارقة في أكثر من بلد إفريقي، بهدف إحداث نوع من التنوع في تغطية الحدث الإفريقي، في عام 1999 أسس السنغالي أمادو مختار با، مع طموح لتقديم  ” كل إفريقيا ” شعار “صوت من وعن وحول إفريقيا” وبمحتوى فرنسي وإنجليزي من أكثر من 130 وكالة  أنباء إفريقية.إن ظهور شبكة الإنترنت واتساعها منذ 2000 أتاح الفرصة للعديد من اللاعبين الغربيين وغيرهم لاستثمار الفضاء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من خلال مواقع تضاعف جهود الوصول إلى الأفارقى من خلال وسائل الإعلام الجديدة، ولكن ما تزال المنافسة غير متكافئة بين الإعلاميين الأجانب والإعلاميين المحليين، فلإذاعة فرنسا الدولية موقع له اثنتي عشرة واجهة بلغات إفريقية، وبالنسبة لإفريقيا الناطقة باللغتين الانجليزية والبرتغالية منصات إعلامية على الشبكة، حتى إن بعض التقارير تتحدث عن أن الشعبية التي تتمتع بها المواقع البرتغالية الإخبارية موزامبيق أو تلك التي تحظى بها مواقع من” بي بي سي أون لاين” و”الغارديان” في زامبيا وفي زيمبابوي تؤكد أننا أمام استمرار تدفق استعماري جديد.لقد كان لجنوب إفريقيا دور هام في تغطية المجال الإفريقي الأنجلوفوني حيث أنشأت في عام 2008 أول قناة إخبارية دولية “اس ايه بي سي نيوز انترناشيونال” وبعد تعثرها في بناء جمهورها أغلقت في عام 2010، لتبدأ من جديد في عام 2013 تحت مسمى “أس أي بي سي الأخبار” التي تطمح إلى أن تكون “حامل لواء أخبار إفريقيا” بالإنجليزية ولغات جنوب افريقيا البرامج. وهي تواجه منافسة من سلسلة ومينز إي نيوز قناة أفريقيا، وتجد هذه القناة القوية منافسة صعبة من ” قناة إفريقيا الإخبارية” التجارية التي بدأت بثها بالإنجليزية منذ 2008، وهي أكثر تخصصا، ولهذه القناة ارتباطات قوية مع سي ان بي سي الأمريكية.وفي العام 2004 أسس رجال الأعمال المالي إسماعيل سيدبي ” أفريكا بلي “، في باماكو، كما أسس الكامروني كونسان نمال” ثابت نيمال” و ” أفريقيا 24 سنة ” 2008 ومقرها سان كلو بباريس، ويملك نمال 80 في المائة من المؤسسة والباقي بين غينيا الاستوائية والكاميرون وهي متاحة من منصات الأقمار الصناعية المختلفة، للمشاهدين في إفريقيا وفي الشتات الأفريقي في مختلف البلدان الأوروبية.وفي الوقت نفسه ظهرت في الشبكة مشاريع إفريقية ترغب في تقديم منظور جديد في مجال المعلومات مقارنة بما كان عليه قدمته وسائل الإعلام الغربية. وقد أسس الكيني سليم  أمين نجل المصور الشهير محمد أمين “مو” عام 2008 ” ميديا 24 ”  أول وكالة أفريقيا على شبكة الإنترنت للصور وأشرطة الفيديو.كلمة أخيرة حول إفريقيا:إن هناك دولا أفريقية قد حققت تقدما اقتصادياً وحضارياً يمكن أن تشكل مفارقة شاسعة بين النظرة الغربية والصورة النمطية المأخوذة عن أفريقيا، ومظاهر التقدم والتطور التي تشهدها بعض دول القارة الأفريقية على أرض الواقع، إن مثالا واحدا من أفريقيا  لا يعكس بالضرورة حضارة قارة متعددة الأعراق ومتنوعة الثقافات والثروات، ولا يعكس تطلعات ومشاكل شعوبها على حد سواء، ولكن الصورة في أفريقيا اليوم تبقى مختلفة تماما عن تلك التي في أذهان الأوروبيين بشكل عام، لأن أفريقيا تشهد صورة مشرقة متمثلة في التطوير الذي يبعث على الدهشة والتعجب، بل إنها صورة تختلف تماما عن الصورة النمطية المأخوذة عن أفريقيا في أذهان الغرب، وخاصة تلك الصورة النمطية السوداوية التشاؤمية التي تقدمها بعض وسائل الإعلام الغربية عن القارة السمراء.يجب الإقرار أن ثمة أفريقيا جديدة ناشئة بدأت في الظهور، وهي أفريقيا متسلحة بالرأسمالية ومتوجهة للعولمة، وبدأت تهز وتكسر أغلال الاستعمار وأغلال الحرب الباردة، بل وأغلال كل العوامل التي حدت من تطورها وتنميتها في وقت مضى، وبطبيعة الحال لا أحد ينكر أن ما زال هناك بعض مظاهر الفقر والبؤس في أفريقيا، ولكنها آخذة في التضاؤل والانخفاض، وذلك في الاقتصادات الأفريقية الناشئة.نحن نظن إن القارة الإفريقية على وشك الإقلاع الاقتصادي الذي يشبه ما شهدته الصين و الهند ودول جنوب شرق آسيا على حد كبير، وأن الوقت قد حان ليعترف الغرب ووسائل الإعلام الغربية والعالم بأن هناك أفريقيا جديدة بدأت تنهض وتظهر على الساحة العالمية. خاتمة:إن أهم الوكالات الإعلامية الغربية ” رويتر، الصحافة الغرنسية، يونيتد برس، اسوشيتد برس” مازالت تخصص أكثر من 70 في المائة من أخبارها للأحداث التي تحصل في شمال العالم، بينما تخصص فقط 1,8 في المائة من الأنباء للأحداث الجارية في إفريقيا، وأن الإعلام الإفريقي مازال يعيد منتجات برامج المدرسة الغربية وأن أكثر من 80 في المائة من المعلومات والأخبار الواردة لأفريقيا تأتي من الوكالات العالمية الكبرى وترتكز تلك الأخبار على الكوارث والحروب والاضطرابات الاجتماعية والفوضى والانقلابات والمجاعة وكل أنواع التهميش.ويلاحظ كذلك إن وسائل الإعلام الإفريقية رغم استفادتها من فرص التطوير التكنولوجي في السنوات الأخيرة، لم تساهم بقوة في تحسين صورة إفريقيا وتشكيل مضمون إيجابي لها، بقدرما عمق نفس الصورة النمطية المصنوعة حول القارة باعتبارها ساحة للانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية والحروب الأهلية والاقتتال الأعمى والمجاعات القاتلة والأمراض الفتاكة والجهل والأمية .أكثر من ذلك، أن الإعلام الإفريقي فشل في إطلاع العالم على مقدرات هذه القارة، و مصادر فخر شعوبها باعتبارها ذات تاريخ عريق و ثقافات غنية وممارسات إنسانية ثرية من الناحية القيمية ، بل إن الكثير من معالجاته للقضايا الإفريقية، عمقت الصورة التي رسختها وسائل الإعلام الغربية حول هذه القارة، مشكلة بذلك عائقا أمام تشجيع الاستثمار الدولي على التفاعل مع الفرص التي تتيحها مؤهلات البلدان الإفرقية .العوائق التي تحول دون أداء جيد للإعلام الإفريقي على مستوى مساهمته في تغيير الصورة النمطية التي كرست حول إفريقيا تعود، بظننا الى العوامل المتحكمة في تحديد المحتوى الذي تنتجه وسائل الإعلام الإفريقية، وترتبط هذه العوامل بالدرجة الأولى بعدم استقلالية الإعلام الإفريقي إزاء المؤسسات الإعلامية الغربية، فأغلب المواد التي تنشر وتبث في وسائل الإعلام الإفريقية حول إفريقيا، هي مواد أنتجتها المؤسسات الإعلامية الغربية الكبرى، وبهذا فإن الإعلام الإفريقي يعيد نقل وبث أخبار الأفارقة عن بعضهم البعض من خلال رؤية الغرب لهم، بمعنى أنه يمثل من حيث لا يدري، امتدادا للنظرة الغربية.لقد دخلت خلال العقد الأخير وسائل إعلام كثيرة جديدة إلى إفريقيا، حكومية وخاصة، وهذا يؤكد أهمية القارة لوسائل الإعلام، وأهم اللاعبون الجدد وسائل الإعلام الصينية التي دخلت بقوة تنافسية إلى القارة الإفريقية بدعم من الحكومة الصينية، بهدف إدخل ما يسمى بصحافة التنمية لهذه القارة، وذلك بالتعاون مع صحفيين أفارقة محليين، وقد تميزت الصحافة الصينية عن الغربية بأنها تسعى لرسم ملامح صورة إيجابية عن إفريقيا.ولا شك أن الصين تبحث عن موطئ قدم لها في إفريقيا من خلال هذا التواجد الإعلامي الذي يعمل بمستوى عال من الجودة والتنافسية مع وسائل الإعلام الغربية، وبذلك تكون وسائل الإعلام الصينية تقدم معلومات وافية للمستثمر الصيني المهتم بالقارة الإفريقية من خلال سلسلة من التقارير تنجزها، ومن الملاحظ أن الحكومة الصينية مولت وسائل إعلامها المتواجدة في إفريقيا بميالف تقدر قيمتها بحوالي ثلاثة مليارات من الدولارات، وهو يعكس بطبيعة الحال أن الإعلام قد أصبح جزءا مهماً من الاستراتيجيات التي تضعها الدول للحفاظ على مصالحها في العالم .أخيراً، يواجه قطاع الإعلام في إفريقيا تحديات مزمنة لعل من أبرزها الضغوط الاقتصادية والسياسية، قلة رأس المال وضعف المشاريع الصحفية، مستويات الكفاءة المنخفضة وعدم التقيد بالمهنية والأخلاق والتغير السريع في المشهد التكنولوجي الذي تشهده وسائل الإعلام في العالم.

استنتاجات:1 بالرغم من الإنجازات المهمة نسبياً التي استطاعت القارة الإفريقية والأفارقة تحقيقها خلال العقدين الأخيرين وعلى مستويات وأصعدة متعددة، إلا أن هذا ما زال لغااية اللحظة لم ينعكس بشكل موضوعي في وسائل الإعلام المختلفة، المقروءة منها والمسموعة والمرئية، وما زالت هذه الوسائل تعتمد سياسة القوالب والصور الجاهزة مسبقاً حين يتعلق الأمر بإفريقيا.2 لا زالت معظم وسائل الإعلام الإفريقية قاصرة وعاجزة عن قيامها بتشكيل بديل حقيقي يأخذ على عاتقه مهمة تغيير الصورة النمطية لإفريقيا وللإنسان الإفريقي التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية للمشاهد الغربي، وقسم من وسائل إعلام إفريقية يقوم بإعادة بث برامج وتقارير أعدتها وسائل إعلام غربية تتضمن صورة مشوهة لاإفريقيا.3 الغياب العربي السياسي عن إفريقيا خلال السنين الأخيرة أدى إلى فتور كبير في العلاقات العربية الإفريقية، وغياب وسائل الإعلام العربية عن إفريقيا لأسباب متعددة، مكن وسائل الإعلام الغربية من استمرار سيطرتها الإعلامية على القارة دون أن تشعر بتنافسية كبيرة.4 جملة المشاكل التي عانت وتعاني منها القارة الإفريقية، واستنزاف مقدرات الكثير من الدول الإفريقية خلال السنوات الماضية في الحروب والإقتتال وشراء الأسلحة والفساد المالي، دفع السلطات السياسية الإفريقية إلى اعتماد سياسة القمع نحو شعوبها، وتم تقييد دور وسائل الإعلام المحلية، وتكميم أفواه الصحفيين، مما جعل من دورهم في تصحيح صورة بلدانهم وشعوبهم في وعي الإنسان الغربي دوراً مازال غير مرئي.5 عدم وجود مراكز تخصصية في إفريقيا للبحث الإعلامي، أو على الأقل قلة هذه المراكز ومحدوديتها، وصعف الإمكانيات مقارنة بما تمتلكه امبراطوريات وسائل الإعلام الغربية، جعل من فكرة المنافسة أو فكرة تقديم إعلام بديل فكرة أفلاطونية.

التوصيات:1 ضرورة وأهمية أن يتم إنشاء مراكز بحث علمي متخصصة بقضايا الصحافة والإعلام في عدد من الدول الإفريقية، تقوم بنشر أبحاث ودراسات علمية تعتمد المناهج التحليلية الموضوعية في إجراء مقاربات للواقع الإفريقي كما هو دون تحامل، وتعمل على دحض التقارير الغربية والصورة التي تقدم فيها إفريقيا من خلالها لمتلقي الغربي .2 العمل على تأهيل جيل من الصحفيين الأفارقة الشباب وتمكينهم من التحصيل العملي العالي، وتزويدهم بالتقنيات الإعلامية الحديثة، من أجل أن يستطيعون تنافس وسائل الإعلام الغربية فيما يتعلق بالوضع في إفريقيا، وتناط بهم مهمة إنصاف القارة من العبث الإعلامي الغربي.3 أهمية عودة وسائل الإعلام العربية إلى القارة الإفريقية، مما يساعد في توسيع ساحة التنافس مع وسائل الإعلام الغربية، التي ستجد نفسها أمام ضرورة اعتماد سياسة مغايرة عما اعتمدته خلال السنين السابقة، أو أنها سوف تكون في موضع التشكيك والكذب على المتابع الغربي الذي سوف يكون أمامه فرصة للمقاربة بين ما تقدمه وسائل إعلامه، وما تقدمه وسائل إعلام مغايرة.4 تنشيط التبادل الثقافي والإعلامي بين دول القارة الإفريقية نفسها والاستفادة من التجارب الإعلامية لبعض الدول في شمال إفريقية، التي باتت تمتلك تجربة إعلامية وتقنيات واكبت التطور مكنتها من الوصول للمشاهد الغربي.5 العمل على إدماج البعد التكنولوجي في جهود المؤسسات الإعلامية الإفريقية من خلال تشجيع أعضائها على الانخراط في التعليم عن بعد مثلا.6 الانفتاح على المجتمع الرقمي الشبابي التفاعلي، وتأسيس منصات رقمية لنشر المحتوى المرئي القابل للمشاركة والتفاعل.7 التعامل بإيجابية مع تغير وتطور عادات تلقي الأخبار بشكل دائم، والسعي إلى إيجاد مشاهدة ومشاركة عالية.8 العمل على أن المواطن أصبح صحفيا، وعلى المنصات الإعلامية أن ترعي هذا التوجه الإعلامي الشبابي، وبالتالي بذل جهود من أجل تحقيق تغطيات للأحداث المستجدة بأسلوب مختلف، وإطلاق نقاشات حوارية بين الشباب الإفريقي.9 على الجاليات الإفريقية المقيمة في الغرب أن لا تعيش في عزلة، وعليها الانفتاح على المجتمعات التي تعيش فيها، والاندماج الإيجابي والانحراط في سوق العمل، وتقديم نموذج إيجابي فعال مخالف للصورة التي رسمها الإعلام الغربي عنهم.

المراجع والمصادر:1 أحمد الأمير، إفريقيا والتنافس الدولي، نواكشوط 20062 تقارير وكالة فرانس برس3 تقارير إذاعة مونت كارلو الدولية4 صالح عطية، الحضور الإفريقي في استراتيجيات الدول العربية، تونس 20165 تاريخ افريقيا العام، جين افريك واخرين، ترجمة السويسي و الحمزاوي6 مجلة دراسات إفريقية7 منشورات معهد البحوث والدراسات الإفريقية في الرباط