منتدى العمق

الجمعة والباعة المتجولين

بعد كل صلاة جمعة وأمام كل مسجد تصطف عربات بعض الباعة بشكل عشوائي عارضة بضاعتها المختلفة على المصلين، الذين يجدون في بعض هذه البضاعة غاية لهم. سنوات مضت والحال على ما هو عليه دون أن تجد لها فكرة تنظمها أو تستثمرها. يوم الجمعة هو عيد للمسلمين يجتمعون فيه لأداء الصلاة وهم في أجمل حلة، أن يجتمع المسلمون في كل أسبوع ويتقابلوا هي تربية إسلامية مميزة فلماذا لم تستغل المجالس البلدية هذا المشهد الجميل وتجعله سوقاً أسبوعياً ينظم في الأحياء والمناطق تحت إشرافها؟

الأسواق الشعبية الوقتية المرتبطة بالأيام هي طابع مميز في كثير من المدن المتحضرة ومطلب شعبي لكل بلد. لكننا لا نزال نفتقره في مدننا. وحتى وإن كان موجوداً فهو قائم على تنظيم عشوائي من بعض الباعة في أغلب المدن ولكن دون هوية رسمية تنظمه وتحمي حقوق من فيه.

مدينة كبيرة مثل الدار البيضاء لا يوجد بها مثل هذه الأسواق تعكس هويتها وطابعها التراثي وتكون ملتقى لأبنائها الراغبين في تبضع أشياء خاصة بهم وتناول أطعمتهم المحلية في أجواء شعبية. ما الذي يمنعها من أن تحدد أماكن معينة في الأحياء لتكون أسواق جمعة يجتمع فيها أبناء الحي والوطن ليبيعوا منتجاتهم التي يتميزون بها في كل أسبوع سوق متاح للصغار والكبار للرجال والنساء. تبيع الأسر المنتجة فيه منتجاتها والمزارعون خصرواتهم وفواكههم الموسمية. والنساء البارعات أكلاتهن الشعبية.

هذا المشهد الثري هو غائب في ثقافتنا كمجتمع وليس له وجود يذكر بالرغم من تعطش المجتمع له.
البلديات قد تسعى لتطور مدنها با الجمالية وبعض الحدائق العامة، لكنها عاجزه عن فهم احتياجات مدنها الحقيقية. ما تحتاجه المدن هو أن تستعيد هويتها السابقة والتي يكاد أن يطمسها الزمن. أن يكون لأبنائها مكان مريح يعكس هويتهم التي يعتزون بها فيكون متنفساً لكبارهم وآمناً لصغارهم مجهز بوسائل السلامة والراحة. بدورات المياه النظيفة وأماكن الجلوس البسيطة والمنظمة.

ومن المحزن فعلاً أن تكون شوارع المدن غاصة بالباعة المتجولين ولا يكون بها نشاط شعبي لأبنائها ليبيعوا فيه ويقضوا يوم الجمعة وهم يستحضرون مكانة هذا اليوم في ثقافتهم المحلية.

إحياء أسواق الجمعة وإعادة الروح والهوية الوطنية لها هي حاجة ملحة لأنها ستعيد للمدن عبقها الذي يضفيه عليها أبناؤها بما يبيعونه فيها. كما انها باب رزق لهم. المجتمع المغربي الآن أصبح أكثر توازناً وتقبلاً لعمل أبنائه في المشروعات الصغرى. وهو مهيأ لأن تكون هذه الأسواق معرضاً أسبوعياً لمنتجاتهم التي يتميزون بها بعيداً عن العشوائية ومظاهر الفوضى.