أدب وفنون، حوارات

إسلام أجمولة : الكتابة متنفس استنشق منه عبير الحياة

أدباء شباب أدباء شباب  هم مشاريع مبدعين وأدباء في بداية الطريق، لا يعرفهم الكثيرون، يحملون بين ضلوعهم همّ المتعبة والممتعة،  زادهم في الرحلة قلم وورقة أو لوحة مفاتيح وشاشة والكثير من الأحداث والتفاصيل المخزنة في الذاكرة يترجمونها إلى كلمات.

– من هي إسلام أجمولة في سطور ؟

– إسلام أجمولة من مواليد مدينة وجدة في الفاتح من غشت سنة أربع وتسعين وتسع مائة بعد الألف من الميلاد، أدرس حاليا بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير في سنتي الثالثة، من هواياتي القراءة والكتابة (خاصة الكتابة القصصية).
– ماهي العلاقة التي تربطك بالكتابة ؟

– لطالما كانت الكتابة بالنسبة لي شأنها شأن تلك الأم الحنون التي يلجأ إليها أطفالها في كل أوقاتهم، السعيدة منها والتعيسة، فتحتضنهم بكل حب وتمسح على رؤوسهم بكل حنان، فأنا كذلك ألجأ للكتابة في كل أوقاتي، فهي بمثابة المتنفس الذي استنشق منه عبير الحياة وأخرج فيه ما يكدّر صفوها علي ويعيقني على الاستمرار فيها.
– منذ متى اكتشفت أن لوثة تسويد بياض الأوراق تسكنك؟

– منذ دراستي الابتدائية عُرفت بأسلوب أدبي مميز عن باقي زملائي، ولا سيما في المواضيع الإنشائية التي كانت تحظى دائما بتقدير أساتذتي، لكني أنذاك لم أكن أعِر الكتابة همًّا ولم أكن أخصص وقتا لتطوير أسلوبي فيها، إضافة إلى ذلك، فمع تقدم مستواي الدراسي صرفني تخصصي العلمي حينها بعيدا عن الاهتمام بها، إلى حين أنهيت دراستي الثانوية، فالتفتّ إلى الجانب الكتابي والأدبي قليلا، فبدأت أكتب شيئا فشيئا.في بادئ الأمر، كنت أرى في الكتابة تلك الوسيلة الكاشفة للحقائق، تلك المرآة التي تعكس داخل الشخص على الورق، التي تفضح الأسرار وتكشف المستور وأن من يدخل عالمها عليه أن يتزوّد بالشجاعة والجرأة للمواجهة، وأنا حينها لم أكن على استعداد للدخول في غمارها، خاصة  وأني لم أكن لا بالجريئة ولا الشجاعة ولم أكن أيضا بالقارئة للكتب والعالمة بخبايا الأمور، مما عاقني أنذاك.فارتأيت أن أبدأ بتحسين مستواي القرائي، بدأت حينها بقراءة بعض الروايات، ففُتحت شهيتي للقراءة إثر ذاك، وبعدها بدأت بقراءة أصناف متنوعة من الكتب اليسيرة الفهم شيئا ما، حتى اعتدت على فعل القراءة فلم يعد هنالك عائق يعيقني عن التهام ما أجده أمامي من كتب، مما جعلني اكتشف بذلك عوالم جميلة حفزتني على الإمساك بالقلم وتسليمه رخصة الكتابة و كان ذلك قبل ثلاث سنوات من الآن.وقتها كنت أكتب عما يعترضني من أحداث يومية، في الدراسة، في الشارع أو في البيت، ولكن بطريقة سطحية لا مجال فيها للانغماس في أدق التفاصيل، فلقد كنت أخشى الكتابة صراحة كما ذكرت أعلاه، لكن شيئا فشيئا أصبح لقلمي مساحة من الحرية في التعبير تتزايد مع مرور الوقت واتساع دائرة المعارف و المكتسبات.

– ما هي طقوس وتوقيت الكتابة لديك ؟

– لم ترتبط الكتابة لدي بطقس محدد كما أنها لم ترتبط بزمن خاص، قد أكتب اليوم وأنا جد حزينة وقد أكتب غدا وأنا في قمة فرحي وقد أكتب مساء الغد وأنا في حالة عادية، كما قد أكتب أيضا بعد أسبوع أو أسبوعين أو شهر. – هل الالهام يأتي إليك، أم أنك تضربين معه موعدا في مكان أو أمكنة ما ترحلين إليها للقائه ؟- لست في حاجة للالتزام بمكان أو زمان معينين لأشرع في الكتابة، فكلّ ما أحتاج إليه هو أن أكون بمفردي، الوحدة هي فقط ما يدفعني للكتابة والتعبير بحرية عما يعتمل بداخلي، كما أن المسألة مسألة رغبة؛ فكلما أحسست برغبة في الكتابة أخذت الورقة والقلم، فيشرع هذا الأخير في تدوين ما جادت به تلك اللحظة، قد تأتي الكلمات مبعثرة فيعاد تنسيقها و قد تأتي لوحدها حصرية لا أحتاج معها لإعادة ترتيب أو هيكلة.

– كتاباتك خيال واقعي، أم ترجمة منك للواقع أم هما معا ؟

– جل كتاباتي البسيطة ترجمة للواقع المعاش، فهو ما يُسيل لعاب قلمي بكل تجلياته، وما يجري في مجتمعه من أحداث وقصص وسيناريوهات، لكن تبقى هنالك تلك المساحة التي أترك فيها العنان لقلمي بأن يبحر في بحور الخيال، لكن ليس لدرجة المبالغة، فكلما بالغنا في الخيال إلا واصدمنا بواقع يحمل من المآسي والآلام ما يفقدنا هويتنا. – أكيد أن هم الكتابة ثقيل، فكيف تواجهين السؤال اليومي الذي يتردد صداه في ذهنك الذي يقول ماذا سأكتب هذه المرة ؟- إن فعل الكتابة ليس باليسير كما يبدو للبعض ، فللكتابة حمل ثقيل يتطلب الجهد الكثير، خاصة إذا تعلق الأمر بنص معروض للقراءة ، وعندما يتحدد الأمر في مواضيع محددة، فيلزمك في هذه الحالة دائما مراعاة المتلقي وكيفية إيصال مضمون نصك ورسالتك كما يجب، وبطريقة ممتعة، وهذا يتطلب منك دراية بعوالم الكتابة وحمولة كفيلة لمواجهة القارئ.ولا شك في أن سؤالا مثل: “ماذا بوسعي الكتابة اليوم ؟” يطرح بشكل مستمر، والجواب عنه مرتبط بالرغبة في ذلك. فأحيانا قد أجد ما أكتبه وأعبر عنه، وأحايين أخرى قد يخونني القلم وقد تخونني الكلمة، فلا أجد ما أخطه من حروف، فتمسي ورقتي بيضاء.

– ما هو الصنف الأدبي الذي تجدين فيه نفسك ويمكنك الابداع فيه أكثر ولماذا؟

– إن عالم الأدب واسع وفضفاض، والداخل له فقير يبحث عن غناه والخارج منه قد تزود بحمولة أدبية تغنيه، والكتابة هي مصرف غناه، فمن خلالها يترجم مكتسباته لكتابات قد تشبع جوع أشخاص و تروي عطش آخرين.فمعظم ما يخطه قلمي عبارة عن مجموعة من الخواطر، تحمل بين ثناياها وقائع عشتها وأعيشها، و أخرى أحسستها أو مرت أمام ناظري، لأنني أجدها الأكثر واقعية بالنسبة لي، وأستطيع أن أعبر من خلالها بحرية أكثر.
– ما هو حلمك الأدبي الأبدي في مجال الكتابة والابداع بالكلمات ؟- أجد ضالتي في كتابة خواطر متنوعة وفي القصة القصيرة أيضا، فبواسطتها أستطيع الكتابة بحرية دون إطالة، لأنني لست من هواة الإطالة وكثرة الالتواءات والانعراجات في الكتابة، أحب السلاسة والبساطة في التعبير وإيصال الرسالة، ولطالما حلمت بكتابة مجموعة قصصية خاصة بي، وأنا في طريقي لتحقيق ذلك.

هل من كلمة حرة ؟

– الكتابة بحر عميق جدا، بقدر ما يستهوينا سكونه ويغرينا جماله إلا أن لهيجانه خطورة علينا، كذلك هو شأن الكتابة،  فهي عالم واسع مهما ادعينا علما بخباياه فإننا نبقى في تعطش للتوغل أكثر في ثناياه.إنها فن من الفنون، وإن لم تصنف كذلك، من خلالها ترى الألوان في الكلمات، وترى الزينة في الكلمات، وترى الجمال من خلال الكلمات، كما أنها تختلف من شخص لآخر تبعا للأسلوب المستعمل في التعبير من خلالها والفئة المستهدفة منها، فهي بمثابة ورق شفاف ننقل من خلاله الواقع بطرق مختلفة.