وجهة نظر

المصالحة الخيار الاصعب و الأصوب

من يتابع التفاعلات مع لقاءات المصالحة التي احتضنتها القاهرة يلحظ جدية اكبر مقارنة مع سابقاتها في تعاطي حماس و فتح مع ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية ، حتى التصريحات كانت حذرة حينا في شق التطمينات للخارج و قوية في اتجاه تتبيث اتفاقات لحد الساعة تظل هشة ما لم يواكبها إسناد في الميدان .

قيادة حماس لم تعتبر التوجه الى القاهرة نصرا او هزيمة بل تركت للمتابعين حرية تقييم هذا المسار سلبا و ايجابا و هذا من الذكاء في تدبير ملف فشل في الخروج الى الوجود بعد مروره على مجموعة من العواصم .

اكثر المتفائلين لم يكن يعتقد ان تقدم حماس كل هذه ” التنازلات ” و لكن الذي يتابع مسار الحركة يدرك ان توالي سنوات الانقسام و مواجهة الاحتلال لم يزد الحركة الى قوة في مواجهة الاحتلال و نضجا على مستوى تدبير الملفات الداخلية و هو ما تمثل في الوثيقة التاريخية التي اصدرتها حماس في منتصف العام الحالي و التي اصطلح عليها اعلاميا ب #وثيقة_حماس .

نقطة القوة التي تحسب لحماس هو حجم التعبئة الذي قامت به و الذي توج بتفاعل إيجابي لثلاث مستويات :
– #الحركة_الأسيرة : يحسب للحركة الأسيرة انها اخرجت مهندسي المصالحة ( صالح العاروري ، روحي مشتهى و يحيى السنوار ) و الذي يرجع لسيرة هذا الثلاثي يدرك انهم ليسوا من النوع الذي يتنازل و يفرط في التوابث بل لا يوجد ممن يتابع مسيرة العمل المقاوم من لم ” يصدم ” بمقاربتهم للموضوع .
– #الحاضنة_الشعبية : شيء من العرفان لأهل غزة الذين احتضنوا المقاومة على امتداد سنوات الحصار و الحروب ان يتم تقديم مصلحة الحاضنة الشعبية على المصلحة التنظيمية الضيقة ، واقع الحال في القطاع بعد سنوات الحصار و خاصة مع انخراط السلطة في إجراءات عقابية للموظفين و أزمة الكهرباء المتكررة جعل قيادة الحركة تنظر بمنظار المصلحة الشعبية و التي سيحرك ملف المصالحة مياهها الراكدة
– #فلسطينيو_الخارج : اول ما خرجت الأخبار الاولى لتحرك ملف المصالحة أصدرت مؤسستان قويتان و هما “فلسطينيو أوروبا ” و “فلسطينيو الخارج” بيانا يحيي الاتجاه نحو المصالحة بل و يعبر عن انخراط المؤسستين في الالتزام و إسناد مخرجات الاتفاق .

في غزة تمت صناعة رأي عام مساند لحوارات القاهرة و ذلك عبر لقاءين عقدهما يحيى السنوار مسؤول حماس في غزة مع فئتين لهما حضورهما الميداني و هما ” الشباب و المثقفون ” الذين خرجوا من هذا اللقاء انضموا الى لائحة المثمنين بالمصالحة و بضرورة تجميع القوى الفلسطينية تحت لواء مشروع وطني فلسطيني موحد.

صعوبة المصالحة تكمن في غياب ضمانات حقيقية لنجاحها خاصة من جهة حركة فتح التي راكمت سنوات من العلاقة مع الاحتلال و التنسيق الأمني .

الصعوبة الثانية في حسم خيار المقاومة من خيار محصور في غزة تنظيميا و في الضفة شعبيا الى خيار وطني تجتمع تحت مظلته كل فصائل العمل الوطني .

المصالحة تبقى الخيار الاصعب و الأصوب و على من يجلس الى طرفي الطاولة ان يدرك الى ان نجاح المصالحة سيعمق من توحيد اطياف الأمة على مشروع وطني فلسطيني يطوي صفحات الانقسام و ما عليها و يتطلع لأفق مشروع التحرير الكبير و مدخله الأساسي تحرير المسجد الاقصى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *