وجهة نظر

باطما: لو بقي بوجميع حيا ما كان لناس الغيوان أن تستمر

ما كنت لأكتب بعض من تفاصيل حوار جمعني بالصديق عبد الرحيم باطما، الكاتب والزجال المغربي الحائز على عدة جوائز في الزجل والكتابة والفن صاحب ديوان “شحطة” و “شجرة البطما” و”الدهشة فضول” وديوان مشترك مع سبعة زجالين حول تيمة موحدة “تاكناويت”، إلا أنني تأخرت كثيرا عن الوعد الذي قطعته على نفسي بإخراج كتاب عنونته أوليا بـ”ناس الغيوان… من فحوى الملحون الصوفي إلى عبارات الاحتجاج السياسي”، ولأن الكتابة هاهنا تأمل وحوارات وتدقيق في المعطيات، لم يتسنى لي التقدم بالشكل المطلوب في هذا الإسهام المعرفي في مجال الفن، من أجل إخراجه في صيغة تروق المتلقي و تحترم ذكائه.

لقاء صادم.. وبوجميع زعيم نقابي

خرج من لقاء مع إحدى الإذعات الخاصة ليستقبلني، بالحي المحمدي المعقل الأسطوري للمجموعة ناس الغيوان، لم أتملك نفسي حتى وجهت له أسئلة ظلت تطاردني وتقض مضجعي في كل وقت وحين،

السؤال: كم اشتغل بوجميع رفقة ناس الغيوان؟

يُجيب باطما، ثلاثة سنوات فقط، في تلك السنوات عملت المجموعة على إعداد ألبوم غنائي يتضمن أربعة عشر قصيدة تتضمن أربعة لـبوجميع و أربعة لمولاي عبد العزيز الطاهيري وستة قصائد للعربي، لما توفي بوجميع، فضل العربي وعمر أن يتنازلوا له عن “الربيرطوار” الذي يتضمن أربعة عشر قصيدة.

كان جاوب عبد الرحيم باطما الذي يصغر العربي بأربع سنوات صادما، ما كنت أنتظر هذه الإجابة ولم أتوقع أن سؤالي سيتلقى جوابا بدا لي أنه غاية في “القسوة” على كل المحبين للمجموعة ولأفرادها اعتقادا مني أن بوجميع قضى وقتا طويلا ولأن الكثير من أغاني ناس الغيوان ارتبطت باسم بوجميع، وحينها لم أقتنع بالإجابة إطلاقا ولم أتردد في تقديم السؤال التالي، هل تعرف أن هذا الكلام صادم بالنسبة لعشاق ناس الغيوان؟

يجيب عبد الرحيم باطما، طبعا أعرف أنه صادم..هذه حقيقة وستكون أنت يا إدريس أول من يعلم بهذه الحقيقة و أقولها أمام صديق العربي “السي باري أحمد” حيث يجلس معنا في ذات المكان، ومن خلال هذا التنازل يظهر لنا حجم التآخي الذي كان بين الناس وبالتالي فناس الغيوان عنوان بارز للصداقة والتضحية.

يضيف عبد الرحيم قائلا نقلا عن لقاء بين العربي و بوجميع أنه في اللحظات الأولى من التأسيس فكروا معا أن المواطن البسيط لما يفتح مذياعه لا يجد أغاني تمثله، وكذلك الشأن بالنسبة للطفل رغم أن أغاني الطفل لم تقدم فيها المجموعة سوى أغنية “قطتي” فقط.

فبوجميع كان رجل سياسة مباشر، عكس العربي الذي له وعي اجتماعي ويستعمل الرمزية أكثر، وبوجميع كان ينتمي إلى أطروحة يسارية ولو بقي حيا لم يكون للمجموعة أن تستمر نظرا لراديكاليته الكبيرة، وهو يصل إلى مرحلة الزعيم النقابي.

عن العربي والسياسة..

أرخى الليل سدوله ولقائي بعبد الرحيم أوشك على النهاية لكن هي بداية لتساؤلات أخرى حارقة قد تعصف بكل التساؤلات السابقة وتحل محلها خصوصا بعد كشف حقائق جديدة أعادت ترتيب المشاهد والمعارف من جديد، أحسست أن صديقي عبد الرحيم تنتظره التزامات وقد يكون حل به التعب، لكن تمت سؤال يفترض المواجهة، هل كان العربي رجل سياسة؟

الجواب: ليس بمفهومها الراديكالي، ولكن كان له وعي بما يروج رغم أنه يمثل الطبقة البسيطة كان يعرف ماذا يحدث، وبالتالي وعيه فرض عليه أغاني من قبيل” الرغاية، و “ياجمال شد جمالك علينا”، و “السمطة” ، لكن الجانب الاجتماعي كان له منذ صغره و أظهره منذ البداية، نمودج أغنية “ربي لمريرة ياناس” وهو نص غنائي أنتجه في بداية المجموعة لما كانت تغني ما هو صوفي، فالعربي كان له وعي غير أنني لا أسميه سياسي، لأنه لا يؤمن بالسياسة وكان يعتبر السياسة شغب وإيديولوجيا، ويعتبر السياسة القدرة على الدفاع عن أطروحة ولو خاطئة، و كان صادق لذلك كان يتقاطع مع السياسة.

السؤال: هل كان حضور السياسي في أغاني ناس الغيوان مقصود أم هي تفاعلات عفوية؟

الجواب: أظن أن المجموعة أخدت تجربة من خلال السفر إلى العالم العربي والعالم الغربي وبالتالي لا أظن أن هناك شيء عفوي، كل شيء محسوب، و أضاف عبد الرحيم شهادة نقلا عن الطيب الصديقي، حيث قال “العربي إذا كتب يكتب بصدق، و إذا غنى يغني بصدق و إذا مثل يمثل بصدق كل أعمال و أفعال العربي يعتريها الصدق”.

مقتطف من حوار مع الزجال عبد الرحيم باطما في انتظار حلقات أخرى من أجل كتابة بعض من تفاصيل تاريخ مجموعة نذرت نفسها للحديث باسم الناس وتكلمت عن آهاتهم ومعاناتهم عن الوطن وفلسطين…

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *