وجهة نظر

افتتاح البرلمان … ما بعد الخطاب الملكي

يعتبر خطاب جلالة الملك محمد السادس لبنة أساسية لحث مختلف المتدخلين حكومة وبرلمانا ومنتخبين على الانخراط في بلورة مشروع نموذج تنموي جديد، قصد تحقيق العدالة الاجتماعية والحد من التفاوتات المجالية استجابة للمطالب المتزايدة للمواطنين. فالتحديات مختلفة ومتنوعة، وتتعلق أساسا بالتنفيذ السليم والفعال للمشاريع التنموية المبرمجة وعلى كل المستويات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية.

إن أبعاد الخطاب الملكي تتجاوز المجال التشريعي المتعلق بإفتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، لأن الأهم هو إعطاء دينامية جديدة للنموذج التنموي للبلاد. حيث تعتبر الترشيدات السامية للجالس على العرش بمثابة خارطة طريق ترتكز بالأساس على ثلاثة نقط جوهرية :

– أولا: المتابعة الدقيقة والمستمرة لإنجاز المشاريع التنموية المبرمجة، عبر خلق خلية للتتبع بكل من وزارتي الداخلية والمالية وحث المجلس الأعلى للحسابات على تقوية مهامه المتعلقة بالتقييم للمشاريع العمومية الجهوية.
– ثانيا : بلورة نموذج تنموي جديد عبر مقاربة تشاركية، بهدف إدماج الشباب في سوق الشغل والإستجابة لإنشغالات المواطنين الدائمة والمتعلقة بالقطاعات الإجتماعية الحيوية.
– ثالثا: تسريع تنزيل الجهوية المتقدمة عبر الحكامة الترابية العملية والإسهام الفعلي في تغيير العقليات والتحديث العميق لهياكل الدولة، قصد الرفع من نجاعة تدبير الشأن العام المحلي لتحفيز الإستثمار الجهوي ولخلق فرص شغل للشباب المغربي.

وبالتالي، فإن المشهد السياسي المغربي مقبل على مرحلة دقيقة وحاسمة لرفع مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى كل الأصعدة المركزية والجهوية والإقليمية والترابية. وذلك عبر مقاربة تشاركية ترتكز على نجاعة الحكامة الترابية والابتكار، لإيجاد الحلول الملموسة التي ستمكن مختلف المتدخلين من بلورة رؤية تنموية جديدة مندمجة وفعالة على المدى المتوسط والبعيد.
ولكسب رهان الظرفية الحالية، فإن ما يتعين القيام به هو كالاتي :

– مواصلة ورش تحديث الإدارة عبر الرفع من الأداء والمزيد من المجهودات التدبيرية والرقابية قصد تغيير العقليات التي تشكل عائقا أمام النمو.
– تفعيل أنجع لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال التقييم المستمر لأداء المسؤولين العموميين وحتى المنتخبين، وليس الاكتفاء بالتقييم البعدي لأن الهدف هو جبر الضرر ووقف النزيف في الوقت المناسب وبأقل الخسائر.
– التنسيق المستمر والفعال ومد جسور التواصل بين مختلف المتدخلين لمواكبة التنزيل السليم والمعقلن لمختلف المشاريع والأوراش. خصوصا، ورش الجهوية المتقدمة عبر برنامج زمني واقعي يهدف إلى تحسين تدبير الشأن العام المحلي ويشجع الخواص على الاستثمار الجهوي الخالق لفرص الشغل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • لينة
    منذ 7 سنوات

    تحليل دقيق وملخص. ممتاز