وجهة نظر

أو لم نخلق إلا للزواج؟

كغيرها من بنات جيلها أرادت كريمة أن تحيي ليلة عرس مغربية بطقوسها البهيجة، وتركب “العمارية” و تلبس ثوب زفافها الأبيض… وان تحلق كفراشة وراء أحلامها الوردية بمستقبل مشرق تبنيه الى جانب زوجها المستقبلي وإنجاب ذرية صالحة…. فنسجت خيوط مستقبلها وبقيت تنتظر بفارغ الصبر، تمني النفس بغد أفضل رفقة عريس شهم …

لكن الأمد طال، فظلت كريمة تعد سنين عمرها متى ستدخل القفص الذهبي…..وهكذا حتى بلغت سن الأربعين و بانت تجاعيد وجهها وكسى اللون الأبيض بعض خصلات شعرها، ولم تعرف لماذا لم يطرق بابها خطيب، رغم ما تتمتع به من وسامة ورغم مستواها الاجتماعي الجيد….

شاهدت بنات جيلها كل منهن تزوجت وأنجبت، وكذلك حال أختها التي تصغرها بسنوات…. و التي تزوجت بسن صغيرة ولها من الأبناء ثلاثة، وقد جسدت عفوا الحياة التي تمنتها كريمة : الزوج المحب والأبناء… .

استسلمت كريمة لقدرها ،وتحملت بجلد نظرات اتهام المجتمع لها و-كأنها تحمل وصمة عار ترافقها أينما وجدت – حتى رمت أحلامها وأدارت ظهرها لها، مؤمنة أنه لن يكون إلا ما أراده الله أن يكون، وأنها مادامت قد فوضت الأمر لله فأكيد أن ما فيه هي الآن هو الخير … فاتجهت لوظيفتها المتميزة وللعمل الخيري ،لا تفتأ ترد على من يفاتحها في الموضوع المذكور:

أو لم نخلق كإناث إلا لنتزوج و ننجب؟ أو هذه هي الحياة فإن لم تكن ننتهي؟؟؟ إرحمونا بالله عليكم.

حتى شاء القدر أن ترغب أختها السفر رفقة زوجها إلى إحدى الدول من اجل الاستجمام بعيدا عن الأبناء، ووضعتهم أمانة بين يدي كريمة لحين عودتها من السفر.
وفعلا سافرت شقيقتها وزوجها ،ومضت الأيام وكان هم كريمة أن تعتني جيدا بأبناء أختها الثلاثة ، لاسيما أصغرهم “أمين” الذي لم يتجاوز ربيعه الثاني ….والذي لطالما رجت أختها تركه لها لتربيه بدلا عنها ،لاسيما وقد كان مصابا بمرض “الربو”.

قلت، كان همها الاعتناء بهم ومصاحبتهم بشيء من الدلال وغير قليل من السخاء وكثير من الحنان لحين عودة والدتهم …..,وهكذا ،حتى وصلها خبر وفاة شقيقتها وزوجها في حادث سيارة ، فكان الخبر أكثر إيلاما لها لأنها شقيقتها الوحيدة كما أنها ترى أبناء آختها الثلاثة أصبحوا أيتاما فجأة …

عرفت كريمة أخيرا أن عنوستها كانت لسبب قدره الله لها، وهو أن تتكفل بتربية أبناء أختها الأيتام بعد أن تملص الأقارب من العناية بهم.

فهل يحق لنا – بعد هذا- أن نسخط على أقدار الله عز وجل وهو سبحانه لا يقدر لعباده إلا الخير؟ ؟ أو ليس الأصل فينا كمسلمين، أن يكون منهجنا هو سمعنا و أطعنا؟؟؟؟

ألم يحن الوقت لكي يحتضن مجتمعنا إناثه كما ذكوره بدون نظرات ازدراء للأنثى العانس ؟؟؟

ما ذنب الأنثى إن تعثر حظها في الزواج؟؟؟

أسئلة وأخرى سأترك لأهل الاختصاص من علماء الشريعة وعلماء الاجتماع صياغة أجوبتها…..ولعلماء النفس فرصة مداواة مجتمعنا الذي يتقبل الذكر بكامل عاهاته التي هو مسؤول عنها(سكر _ عربدة_ قمار….) في حين ينعت الأنثى بوشم الدونية والنقص والبضاعة البور …لا لشيء سوى لأن قدرها لم يحالفها لتكون زوجة رجل بغض الطرف عن امتلاكه حقا صفات الرجولة أم لا,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *