سياسة

تليدي: بنكيران وجد حزبا آخر بعد عودته من مكة وحكومة العثماني خلقت الأزمة

اعتبر بلال تليدي، المحلل السياسي وعضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن الأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران وجد حزبا آخر بعد عودته من مكة المكرمة التي أدى فيها العمرة بعد إعفائه من رئاسة الحكومة.

وأوضح تليدي في برنامج “وجها لوجه” على جريدة “العمق المغربي” تحت موضوع الحلقة: “المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية.. أي رهانات في ظل الاحتقان؟”، إلى جانب محمد جبرون، أستاذ باحث في التاريخ وقضايا الفكر السياسي، ينشر لاحقا، أن بنكيران ترك “وصية ذهبية” قبل مغادرته إلى مكة، دعا خلالها أعضاء حزبه إلى ترك النقاش حول تداعيات تشكيل حكومة العثماني جانبا والتوجه نحو المستقبل، على اعتبار أن النقاش فيها سيزيد الأمور تعقيدا.

وأضاف المحلل السياسي المختص في قضايا الحركة الإسلامية، أن قادة الحزب، وعلى رأسهم رباح والرميد وحامي الدين وآخرون، توغلوا في تفاصيل حدث تشكيل الحكومة وخالفوا جميعهم الوصية الذهبية لبنكيران، وهو ما جعل الأخير يجد حزبا آخر بعد عودته من مكة، حزبا انقسمت قياداته بسبب النقاش حول حكومة العثماني.

وأشار المتحدث إلى أن “بنكيران تعرض لأزمة كبيرة، وأي شخص في موقعه كان يمكن أن يغادر السياسة ولنا نموذج في عبد الرحمان اليوسفي ومحاضرته الشهيرة في بروكسيل التي كشفت عن وجود إحباط”، مضيفا أن زعيم حزب المصباح شعر بأزمة نفسية متعلقة بالثقة في البلد، وهو ما جعله يحتاج إلى راحة نفسية.

تليدي شدد على أن الأزمة داخل حزب العدالة والتنمية بدأت عمليا مع إعفاء بنكيران من مهمة رئاسة الحكومة، حيث تجلت إرهاصات هذه الأزمة في زمن “البلوكاج”، وهو ما خلق “حالة اصطفاف داخل الحزب وغياب أدبيات النقاش والحوار الهادئ، وهو لم يقع إلا بعدما أحس جزء من الحزب أن الجواب السياسي للحزب بدأ يتزحزح عن موقعه”.

وتابع قوله: “كل البلاغات الرسمية التي صدرت عن الأمانة العامة كانت تكشف وجود تطابق في وجهات النظر بخصوص طبيعة المرحلة، وحتى الجواب السياسي الذي أعدته قيادة البيجيدي للتفاعل مع المرحلة، حيث تم الاتفاق على أن سبب البلوكاج لا يعود إلى طريقة تدبير بنكيران للمفاوضات، بل إلى اشتراطات الأحزاب الأخرى، وبالتالي الحزب كان يتمتع بوحدة حينها، والأزمة لم تبتدئ إلا مع إعفاء بنكيران وبشكل خاص مع لحظة تشكيل حكومة العثماني وطريقة تدبيره للمفاوضات”.

واعتبر المتحدث أن الحزب منذ المؤتمر السادس الذي أنتج أطروحة “النضال الديمقراطي”، وهو يراكم الانتصارات النضالية والديمقراطية، والجواب الذي قدمه الحزب كان يتضمن 3 ثوابت هي الملكية والاستقرار والإصلاح، وقد مارسها بنكيران على قاعدة النضال الديمقراطية وقاعدة مواجهة استهداف استقلال القرار الحزبي، بحيث لم يحصل في تاريخ الحزب أن كان في هذا المستوى من التماسك والجاهزية إلا بين 2008 و2016، وهو ما يؤكد أن أزمة البيجيدي لم تكن إلا نتاج اليوم”.

عضو برلمان البيجيدي لفت إلى أن الذي وقع اليوم هو إشكال مرتبط بتمثل القيادات للمنهج الذي كان معتمدا، وهل تم استصحابه أم التخلي عنه، ومرتبط بطريقة التعامل مع إرث تركته الأمانة العامة وزكاه المجلس الوطني، وهو أن المشكل ليس في بنكيران بل اشتراطات الاحزاب الأخرى، حيث خرج جمهور البيجيدي بقاعدة فكرية مفاددها أن ما سيأتي لن يكون مختلفا عن أسلوب بنكيران، خصوصا فيما يخص الممانعة.

وأضاف في نفس السياق بالقول: “ما حصل أن تلك الاشتراطات تم قبولها، بل وقبول أكثر منها، وكأن المشكل هو مشكل شخصية بنكيران”، مشيرا إلى أن الأحزاب الإدارية التي رفضت طريقة تدبير بنكيران للمفاوضات، تعبر عن سلوك الدولة التي كانت تريد إزاحة بنكيران، متسائلا بالقول: “الدولة أزاحت بنكيران، فلماذا سيقدم الحزب تنازلات أكبر من تقديم بنكيران كقربان؟”.

الزلزال الذي حدث داخل الحزب، يقول تليدي، جاء بعدما كان الحزب يسير في اتجاه معين وغيَّر هذا الاتجاه، وبدأ الجميع يبحث عن الحجج لتفسير الاتجاهين، منها حجج في السياق الدولي والوطني والإرث التاريخي للحزب، وصلت إلى درجة ذهاب البعض للبحث عن جريدة الإصلاح والراية والاستناد على وضعية الحركات الإسلامية وتجربة أربكان بتركيا، وهذه معارك ليست هي الأصل، لأن الأصل هو عدم الوضوح والصراحة في أن النقاش كان هو أن الدولة لها رغبة في أن تدخل الأحزاب الإدارية للحكومة، وأن الحزب ليس له خيار إلا القبول بذلك أو الذهاب إلى المعارضة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *