خارج الحدود

الهوس بالعملات الرقمية يدفع السعودية والإمارات لدراسة إصدارها

حالة من الهوس أصابت العالم مع تزايد انتشار العملات الرقمية، وتحقيقها مكاسب قياسية في فترات زمنية وجيزة، تخطت الثلاثة آلاف دولار في غضون شهر واحد.

الهوس بتلك العملات، امتد إلى دول الخليج وهو ما دفع السعودية والإمارات، أصحاب أكبر اقتصادات في المنطقة، على العمل سويا لدراسة إصدار عملة رقمية ستكون مقبولة في المعاملات عبر الحدود بين البلدين.

ويبدو أن الخطوات السعودية الإماراتية، ستتبعها باقي دول الخليج خصوصا في ظل تزايد الاهتمام بالعملات الرقمية وتوجه الكثيرين نحو الاستثمار فيها، رغم المخاطر الجمة التي قد يتعرضون لها.

وتنتشر حول العالم آلاف العملات الرقمية الافتراضية، لكن جميعها باستثناء بعض العملات غير معترف بها، وتحاربها البنوك المركزية حول العالم.

مشروع مشترك

محافظ المصرف المركزي الإماراتي، مبارك راشد المنصوري، كشف الأسبوع الماضي عن إجراء دراسة بهدف إصدار عملة رقمية مع السعودية، تستخدم في التعاملات والمدفوعات.

“المنصوري”، الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الإماراتية (أبوظبي) قال، إن هناك مشروع مشترك مع مؤسسة النقد السعودي (البنك المركزي) لاستخدام تكنولوجيا بلوك تشين في معاملات الدفع عبر الحدود بين البلدين يتضمن إصدار عمله للتداول بين البلدين.

وبلوك تشين، أطلقت اصطلاحا لعملية إنتاج الكتل المتتالية في عملة بتكوين الافتراضية التي يتم تعدينها بطريقة تسلسلية، كما أنها بمثابة السجل الذي يتم الاحتفاظ فيه بجميع الحركات المالية والأصول والمصاريف وما شابه.

دراسات إصدار العملات الرقمية في الإمارات والسعودية، ما تزال في بدايتها – بحسب المنصوري – ومن الصعب تحديد مدة زمنية لانتهائها أو تحديد موعد محدد لإطلاق العملة الرقمية.

وهذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي تشهد تعاون سلطات نقدية من بلدين مختلفين لاستخدام مثل هذه الآليات، وفق ما ذكره المنصوري.

تحذيرات سابقة

تصريحات “المنصوري” أثارت حالة واسعة من الجدل خصوصا وأن المركزي الإماراتي حظر سابقاً استخدام العملات الرقمية الإمارات بما فيها الـ “بيتكوين” بهدف حماية المتعاملين من عمليات الاحتيال.

لكن هذه التصريحات جاءت متسقة مع خطوات أعلنتها السعودية قبل نحو شهرين، إذ قالت المملكة إنها تدرس إصدار عملة رقمية لمواكبة التطور التقني الذي يشهده العالم لكنها ستقصر تداولاتها بين البنوك فقط وليس بين الأفراد والشركات.

محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما”، أحمد الخليفي، قال حينها، إن المؤسسة ليس لديها نية لإصدار عملة رقمية يتم تداولها بين الافراد والشركات، فيما ستبدأ بمشروع تجريبي لإصدار واحدة يكون تداولها محصورا بين البنوك فقط.

قطاع جاذب

الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية العربية لأسواق المال، أحمد يونس قال إن العملات الرقمية برزت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ مع استمرار صعودها إلى مستويات غير مسبوقة لتصبح قطاعا جاذبا للمستثمرين رغم مخاطرها الكبيرة.

وأضاف يونس: أن تلك العملات أصبحت أكثر انتشارا لكنها ما تزال تواجه موجة انتقادات واسعة وتحذيرات رسمية، وتتهم دائما بأنها وسيلة التداول لتجار المخدرات والمتهربين من الضرائب.

ويرى يونس أن تحركات السعودية والإمارات نحو إصدار عملة رقمية، يعد بمثابة خطوة إيجابية تسهم في تقنين أوضاع هذه العملات وتحمي المتداولين بها من أي مخاطر قد يتعرضوا لها.

تطوير أنظمة

وكيل وزارة المالية الإماراتية، يونس خوري، أكد في تصريحات الأسبوع الماضي، إن الوزارة تدرس حالياً بالتعاون مع مصرف الإمارات المركزي إمكانية تطوير تشريع أو نظام للاستفادة من التطورات التي تشهدها اسواق العملات الرقمية.

“الخوري” توقع أن تتمكن الإمارات في العام المقبل من تشكيل منظومة متكاملة تحكم آلية التعامل مع هذه العملات الافتراضية.

و”العملات الافتراضية”، ومنها عملة “بيتكوين-Bitcoin” ظهرت في اليابان، بنهاية عام 2008، ولم تحصل على تغطية قيمتها من الذهب أوالعملات الأجنبية، وليست لها علاقة بالمصارف المركزية.

و”بيتكوين” هي عملة رقمية تعتمد على التشفير، حيث تتميز تلك العملة بأنها “عملة لا مركزية”، أي لا يتحكم بها غير مستخدميها، ولا تخضع إلى رقيب مثل “حكومة أو مصرف مركزي” مثل بقية العملات الموجودة في العالم.

وعالمياً، تعترف الولايات المتحدة وألمانيا فقط بالبيتكوين كعملة، في حين تحظر استخدامها دول أخرى وأبرزها الصين وروسيا، كما أن هناك متاجر إلكترونية تتيح لعملائها التعامل بها مثل متجر مايكروسوفت، وجوجل، وباي بال، وأمازون.

كما تعمل أسواق العملات الرقمية في كوريا الجنوبية حاليًا دون أطر أو سياسات تنظيمية، وتملك البورصات الحرية الكاملة في السوق.

لكن حكومة البلاد تشعر بقلق متزايد من تحول هذه العملات لمخططات هرمية للاحتيال، لا سيما بعد سقوط عشرات الآلاف من المستثمرين ضحية حيل مختلفة مرتبطة بالعملات الرقمية خلال العام الماضي، حتى أن مشغل أحد المشروعات جمع 200 مليون دولار عبر الاحتيال على أصحابها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *