وجهة نظر

فلسطين الجريحة.. ظلم التاريخ والجغرافيا والإنسان

كل الأجساد التأمت جراحها، إلا الجسد الفلسطيني؛ مازال مثخنا بالجراح، ومضرجا بدماء الأبرياء والنساء والأطفال.. جسد موشوم بأخاديد وشقوق أزلية وخالدة في الزمان والمكان.. جسد منفصل عن صاحبه، ومفرغ من كل الحمولات التاريخية والثقافية والإنسانية. هي ذي فلسطين الأرض والقضية؛ الوطن الغائب حينما تنوب عنه جراحه، والحاضر عندما تحرسه الذئاب التي ترعاه. هي ذي فلسطين هوية الأمة وقضيتها المركزية؛ التي ما فتئت تئن تحت وطأة الغدر والخيانة والتواطؤ، والتي مازالت ضحية اهتراء العروبة؛ بتراكم الهزائم والنكبات، وبتعدد الخصومات والخلافات.

لقد أضحى اسم فلسطين مقترنا باسم العروبة.. العروبة التي تشبه تلك الأنثى العاشقة للقراصنة في الخفاء؛ علامة القوة والفحولة، وتلك التي تنجذب إلى العضلات القوية؛ سمة الرجولة والذكورة، وتلك التي تفتدي بالروح والدم لمغتصبيها؛ رمز السادية والمازوشية. فلسطين العروبة التي تتأبط اسمها كما لو تتأبط كفنها، والتي تحمل قصتها كما لو تحمل نعشها.

وظل تاريخ فلسطين مقترنا بالوعود الكاذبة، بدءا من وعد بلفور، ثم أوهام القمم العربية، وانتهاء إلى شراك التسوية في المؤتمرات الدولية. أصبحت الوعود الكاذبة بضاعة معلبة؛ تصدرها الدول الراعية للسلام لأرض العروبة، والعلب تحمل دليلا مبسطا؛ للاستعمال والاستهلاك، دليلا لنحت الأصنام والسجود لها، وصناعة الطغاة والهتاف بحياتها، واستغباء الشعوب والتنكيل بها.

قضية كشفت عن عورة الدول الغربية، وعرت سوأة أنظمتنا العربية، فتلك تدعي حقوق الإنسان والشرعية الدولية والديمقراطية، ولكنها تدعم كل أساليب الفتك والإجرام والعنصرية. أما هاته، أنظمتنا، ليست إلا ظواهر صوتية لشجب الجرائم، أو قفازات لتنفيذ المجازر، كما لم تعد تستحيي لتقبل التهاني على ذلها وهوانها وتسترها على الجرائم؛ فالدول الإمبريالية لم تعد في حاجة أن تقيم بيننا لتبسط سيطرتها على أرضنا وشعوبنا وثرواتنا وثقافتنا ونخوتنا، يكفي أن تبسطها على وكلائها من بني جلدتنا، فهؤلاء يخافون على مصالحها؛ بقدر حرصهم على مصالحهم وأبنائهم وثرائهم. وبين هاته وتلك، بات تاريخنا متخصصا في محو الذاكرة، ولم يعد يكتب شيئا إلا عن النكبات والانتصارات الوهمية وعن الأحلام المؤجلة.

أما جنسية فلسطين فقد أمست مقترنة بالتهجير والغربة المزمنة، وذلك حينما أصبح سكانها الأصليون؛ لا يزورنها إلا خلسة، أو قفزا من الأسوار. وعندما أصبحوا عاجزين، لم يعد أمامهم إلا المناداة بمطلب حق العودة؛ رفضا لتكريس ثقافة النسيان، نسيان الوطن، ورفضا لمبدأ التطهير العرقي، وحملا للهموم والأحلام معا؛ أملا في العودة إلى الوطن الأم، وأملا في كسر الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة.

وهكذا، أصبحت فلسطين بمثابة مرآة مكسرة، فكل فرد يمر أمامها إلا ويأخذ منها قطعة، كبر حجمها أو صغر، وكلما نظر في القطعة التي استلها؛ إلا واعتبرها ذلك الجزء الذي يضمر الحقيقة كلها. ففلسطين إذن، تبدو كتلك المرآة المهشمة؛ حطمتها أيادي الاحتلال المغتصبة، وحولت شعبها، أيادي الغدر من بني جلدتنا، إلى كائنات تعيش على هامش وضواحي الإنسانية.

إن إعادة كتابة التاريخ، ليس لمجرد الكتابة والسرد فحسب، بل إن استحضار الأحداث التاريخية يفيد في الفهم والاستيعاب والعبرة أيضا. التاريخ لا يعيد نفسه إلا للأقوياء فقط، أما الضعفاء والمهزومون فمثلهم مثل الموتى؛ لا يقومون من القبور، ولا يصنعون مجدهم ومجد القضايا التي آمنوا بها وماتوا من أجلها.

ولأن تاريخ أمتنا يبدأ مثل الأحلام الجميلة، فسرعان ما يتحول إلى كوابيس مزعجة ومرعبة، فالخوف والفراغ يملأ ذاكرتها؛ بعدما توقفت الملاحم والانتصارات، وانتهى معها الزمن العربي الجميل، ولم يعد العرب يعيشون ويحيون إلا خارج هذا الزمن، ولم نعد نشاهد إلا عروبة تعيش سباتا، بل غيبوبة كاملة؛ تتشابه فيها الليالي والأيام، وتتساوى فيها الرؤى والأحلام والكوابيس، عروبة تعيش شيخوخة تشكل عبئا وحملا ثقيلا على الشعوب.

تاريخ الأمة فقد مصداقيته؛ مثل الأشياء والأماكن والقضايا التي تفقد قدسيتها منذ اللمسة الأولى. والقدس والأمة برمتها، فقدت عذريتها منذ سقوط الأندلس، بل منذ أشعلت ناقة البسوس حربا بين أبناء العمومة، في مقام الإخوة، أربعين عاما؛ حينما شربت من ماء غير مائها، وأكلت عشبا من غير مرعاها.

يحكي التاريخ القديم لفلسطين، أيقونة الأمة، أنها كانت أرض الأنبياء وأرض الملوك. قدم إليها النبي إبراهيم الخليل لنشر رسالة التوحيد، ومر منها النبي يوشع؛ فزادها مكوثه فيها نورا وبركة، وحقق فيها النبي داود مرحلة جديدة من التوحيد، ثم خلفه ابنه النبي سليمان؛ فجعل منها، في عصره الذهبي، أرض الإيمان والتوحيد.

فلسطين أرض دمجت كل الأجناس في نسيج واحد، فقد سكنها العرب والكنعانيون والآشوريون والبابليون والرومان والبطالمة والسلوقيون، وارتبط اسمها فيما بعد بالإسلام وفتوحات المسلمين. غير أن التاريخ الحديث لفلسطين، بدأ عندما تواطأت الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا، على مساعدة الكيان الصهيوني من الهجرة إلى أرض الميعاد وإقامة مشروعهم الاستيطاني؛ ابتداء من الربع الأخير من القرن 19 الميلادي.

ولإقناع العالم الغربي لاحتلال فلسطين واغتصاب المقدسات، استند الصهاينة على الأساطير والخرافات والأباطيل؛ واستنبطوا منها حججهم وذرائعهم وأسانيدهم التاريخية والدينية والقانونية والإنسانية، وقد اختاروا وقتا مناسبا لاغتصاب أرض فلسطين؛ التي كانت حينئذ ترزح تحت الانتداب البريطاني، بعد الحكم العثماني؛ الرجل المريض؛ فتوافد سكان إسرائيل من كل فج عميق من أرجاء العالم؛ بما فيها الأقطار العربية، حيث تضم كل القوميات وكل الأعراق وكل الأجناس، وتضم كل اللغات وكل الإثنيات وكل الثقافات؛ يجمع بينها الانتماء للصهيونية ليس إلا.

ففي الوقت الذي اعتقد الغرب أنه وضع نهاية سعيدة للكيان الصهيوني، في هذا الوقت خلق مشكلة إنسانية أشد مأساة وتعقيدا؛ ضحيتها الشعب الفلسطيني الذي تحول، شيئا فشيئا، إلى كائنات متشردة ومجموعات من اللاجئين؛ تعيش في الشتات وتبحث عن المأوى والأمن وكسرة خبز.

هكذا تتوالى وقائع التاريخ العربي عبر القرون الطويلة من الصمت المريب والتفرقة؛ محملة بالمآسي والحروب، وحبلى بالمجازفات والنزوات والبطولات الزائفة. ولعل تاريخ فلسطين، القديم والحديث، يختزل كل هذه النكبات والانتكاسات والكوابيس. وكل أماكنها لا تعرف إلا آثار الدمار والأنقاض التي تملأ كل أحيائها وأزقتها وشوارعها، وأعراض الخوف والذعر والصراخ تملأ كل القلوب.. كل الأماكن إذن مليئة برائحة العراء والبارود والجثث والنزيف وبكاء الأطفال وعويل النساء.. أماكن تمنحك إحساسا بأن الانتماء للعربية، ليس انتماء لعرق ولا لجنس ولا للغة، ولكن إلى قدر قاس لا مفر منه.

ولم تكن سنة 1948، سنة قيام دولة إسرائيل، إلا تتويجا لخطة محكمة ومدعومة بالأساطير والأكاذيب، وظفها الصهاينة وروجوا لها في العواصم الأوربية؛ مستعينين بالمكر والدهاء وبوعد بلفور المشؤوم أيضا. لم يفت الصهاينة أن يذكّروا العالم بأن اليهود شعب الله المختار، وبالوعد الإلهي لإبراهيم عليه السلام بملكية أرض كنعان إلى الأبد، وبأسطورة المسيح المنتظر الذي سيظهر بعد إقامة اليهود لدولتهم في فلسطين. لم يفتهم كذلك أن يلعبوا دور الضحية، ليضفوا الطابع الإنساني للمسألة اليهودية المتمثل فيما يسمى بالهولوكوست. ومن ثم يحق لهم تبرير افتراءهم؛ أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.

إن خطة الكيان الصهيوني هاته، ليست فقط تحقيقا لحلم للعودة، باحتلال أرض فلسطين واغتصابها عسكريا، وتغيير ملامحها جغرافيا وحضاريا، وإنما كان الهدف الأكبر هو احتواء المنطقة العربية تحت هيمنته وسيطرته؛ ضمن منظومة سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية على نمط الصهيونية.

والصهيونية فكرة قديمة مبنية على العنصرية وعلى أسطورة التفوق الحضاري لدى اليهود، تاريخها ملئ بالدسائس والمؤامرات وتزييف الحقائق وتزويرها. تحولت الصهيونية من فكرة وحلم إلى مشروع لمّ شتات اليهود التائهين في مختلف بقاع الأرض؛ ولم يكن إنشاء الجمعيات وعقد المؤتمرات إلا مقدمات لتحقيق حلم العودة ذاك إلى أرض الميعاد.

وفي سنة 1894، كان مؤتمر “بازل” بسويسرا أول اجتماع تاريخي في العصر الحديث؛ عقده الصهاينة لتحديد معالم إنشاء الوكالة اليهودية وفروعها ثم المنظمة الصهيونية العالمية الأم بعد ذلك؛ حيث انتخب “ثيودور هيرتزل” رئيسا للمنظمة الصهيونية آنذاك. وتتلخص أعمال الوكالة اليهودية عموما، بتوجيه من المنظمة الصهيونية العالمية بدعم بريطاني، في تيسير حياة المهاجرين العائدين وتوطينهم، وتكوين فرق العمال والمزارعين المهاجرين، وعسكرة العصابات والمليشيات، وتأسيس تنظيمات عسكرية…

لجأ اليهود إلى كل هذه المقدمات؛ تمهيدا لقيام دولة إسرائيل فوق أرض، ظلت جزءا من تاريخ وجغرافية بلاد الشام، أرض كانت التحديدات والجنسيات الإقليمية بعيدة تماما عن حس الفلسطينيين والدول المجاورة في الشام؛ حيث كان يطلق على أرض فلسطين اسم “سوريا الجنوبية”، وبقيت على ذلك الاسم حتى سقطت سوريا تحت الاحتلال الفرنسي وسقوط الحكم العربي. ولم تنبت بذور رسم الحدود والتفرقة بين الجنسيات إلا في عهد الاستعمار الغربي. وفي ظل الاحتلال البريطاني رسمت الحدود الفلسطينية واللبنانية والسورية والأردنية؛ بموجب الاتفاق الفرنسي البريطاني في بداية القرن العشرين.

هذا هو القدر الجغرافي، وهذه هي الحتمية الجغرافية لفلسطين. وهكذا بدأت تتغير فوقها هندسة وأسماء الأماكن؛ بعدما بيعت، بالصمت والتواطؤ، تضاريس فلسطين بأكملها وبثمن بخس. بيعت الجبال والسهول والهضاب والمياه، وبيعت معها الهوية والقيم والرموز والمقدسات. وهكذا تغيرت جغرافية فلسطين منذ الاغتصاب، وأصبحت ملامحها متعبة ومثقلة بالعياء والخوف. الوطن الفلسطيني لم يعد ينام قط ولم يخلد للراحة يوما. جغرافية فلسطين، بكل أماكنها، تنظر صورتها، خلسة، في المرآة كل صباح، فتكتشف أنها لا تشبه نفسها. مرآة تضفي ضبابية وعتمة في الرؤية التي تأبى الانقشاع. فلسطين لم تعد وطنا مألوفا بتضاريسها وأشجارها ومياهها.

ولا يملك الانسان الفلسطيني اليوم، وهو يرى كل يوم أرضه تصرخ وسط الصمت الجبلي الموحش الذي يحاصرها من كل الجهات، وترى أنهارها، عندما ينحسر ماؤها، تبرز جثث الموتى الذين يقتلون كل يوم برصاص الغدر؛ بلا ذنب وبلا ثمن، لا يملك إلا الوقوف عند الديار، والبكاء على الأطلال، ويتذكر أنه كان يدمن الجلوس على عتبات فضاءاتها؛ في الجوامع والبيوت والمقاهي والقدس أيضا.

فلسطين العصية، أصبحت مساحتها تتقلص شيئا فشيئا، وجسدها بات أصغر حجما من ذي قبل، أشجار الزيتون تبكي بعدما كانت منتصبة القامة تمشي. والشوارع أمست أكثر من ذي قبل فضاءات لعرض المآسي والأحزان لرضع يولدون قبل الأوان؛ يتامى ومنفيين قبل صرخة المخاض. شوارع اعتادت كما البيوت، على ارتداء ثياب الحداد، بل تحولت إلى توابيت يرقد فيها الشهداء، وأخرى ينام فيها الضمير العالمي.

وهكذا بات الفلسطيني ضحية العلاقة الملتبسة بين الضحية والجلاد؛ في زمن عربي استثنائي؛ لم تعد فيه العروبة قادرة على تجاوز الأوضاع وصنع المصير. عروبة تعلمنا دروس البراعة في الخلاف والغموض ونقض المواثيق وقطع الأواصر. عروبة رسبت في كل الاختبارات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية وحتى الفنية. أجل الفن، الذي لم يعد له، مع توالي مؤتمرات السلام وبزوغ مخدر التقسيم، معنى ولا اعتبار. كان الفن من قبل ضمادا للجراح التي تنزف في أرجاء فلسطين، وكان اللجوء إليه للتعبير والصراخ؛ حتى لا يعم الصمت والصمم، فهو الذي يحمل الآلام والآهات وينقلها إلى كل بيت وقرية ومدينة. كان الغناء الثائر، والشعر الصادح، والريشة الساخرة، فنا حاملا للقيم الإنسانية والأخلاقية ومتنفسا للإنسان الفلسطيني والعربي على السواء.

تاريخ فلسطين لا يحكي إلا أرقاما بعينها، ولا يروي إلا عن مناسبات بذاتها. ومن فرط التكرار، ترسخت في الأذهان كل هذه الأرقام وكل هذه المناسبات؛ نستحضر تواريخ النكبات، ومؤتمرات دعم هذه النكبات؛ التي لم تعد إلا ذكريات في ظل التشتت الجغرافي للشعب الفلسطيني، وفي وقت بلغت فيه إسرائيل إلى مرحلة المجاهرة بسياستها الاستيطانية وقوانينها العنصرية، ومحاولة إفراغ القدس من سكانها وتغيير ملامحها وهويتها، وضم المقدسات والمعالم الأثرية الفلسطينية إلى التراث اليهودي، وتحويل القرى المدمرة والمهجرة إلى مناطق طبيعية ومواقع سياحية؛ في محاولة للتطهير العرقي، واجتثاث للهوية والشخصية العربية. هذا كله أمام إعلان الدول العربية الإذعان للأمر الواقع وللضغط والتواطؤ الغربي؛ تحت ذريعة السلام، وشعار الدولتين، وحق العودة…

إن العيش في فلسطين إذن، كالعيش في المنفى. إنسانية الإنسان تطالها الجرائم كل يوم. إنسانية تحتضر وترثي نفسها قبل انقضاء الأجل؛ أطفال متناثرون في أرض منسية تواجه الموت كل يوم، يتدربون على لعبة القط والفأر؛ لعبة الفرار، ويتمرنون على هواية التنفس. تضاعفت لديهم حركات الشهيق والزفير، بل تحولت الحركات إلى مبدأ لدى كل الفلسطينيين. تعلموا رياضة الركض تحسبا للرصاص وللكلاب المروضة على اصطيادهم، وتدربوا على التنفس تحسبا للغازات المسيلة للدموع.

وآخرون، وهم كثر، يعيشون في غياهب المعتقلات أو في الملاجئ والمخيمات، مخيمات نصبت على حافات دول الطوق. والفلسطينيون لا يدرون أيندرج الشتات ضمن المبادرات الإنسانية أم ضمن تواطؤ محبوك سلفا لاحتوائهم وتحنيطهم إلى أجل غير مسمى. والملاجئ حتما، ليست إلا أوكارا لإنتاج الخلود في الفقر والأمراض والأمية.

هكذا اعتاد الفلسطينيون على إيقاع الرصاص، وعلى الترانيم الجنائزية إيذانا بالموت والفناء. اعتادوا على التهجير من موطن سكناهم أو الاقتياد قسرا إلى السجون؛ منفى الوطن، إلى عتمة الأماكن واستلاب الكرامة والحرية، واستلاب معاني الحياة؛ الحياة التي لم تعد تعني سوى خيط رفيع من أشعة الضوء التي تنفذ بالتقسيط إلى الزنازين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *