منتدى العمق

حسن استثمار وسائل التواصل الاجتماعي .. مجموعة أبناء “إداوسملال أنمودجا”

إذا كانت مرحلة الشباب تشكل منعطفا جد حاسم في حياة الإنسان ، باعتبار ما يرافقها من طيش ناتج عن قلة التجارب والخبرات مع ما يصاحبه من قوة بدنية وتسرع في اتخاذ القرارات مع غياب الحكنة والحكمة في الغالب وهو ما يجمعه لاروشفوكو في قوله ” الشباب سكر متواصل ، إنه حمى الصحة وجنون العقل”.

وإذا كان معظم الشباب اليوم يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي في سفاسف الأمور ، لتهوي بهم إلى المحظورات والمحرمات في الغالب ، فإن هنالك طائفة أخرى من المتنورين المتبصرين ،الذين يجمعون بين همة الشباب وحكمة الشيوخ ، على حد قول طه حسين، وإن من هؤلاء طائفة من أبناء قبيلة إداوسملال الذين اختاروا أول أمرهم تأسيس مجموعة على الفضاء الأخضر للتواصل الإجتماعي ، حيث كان هدفهم في بداية الأمر تحقيق التعارف بين أبناء القبيلة ، وهو ما شجع كثيرا من السملاليين على الانخراط الجاد في هذه المجموعة ، مما حفز المشرفين على تطوير أهدافهم لتكون في مرحلة ثانية تنحو نحو التعريف بالقبيلة وأعلامها و صلحائها و وجهائها قديما وحديثا ، وتطور الأمر إلى مناقشة القضايا التي تواجهها القبيلة ، فأسهم كثير من الضيوف في تخصصات مختلفة في إغناء المجموعة على المستوى الجمعوي والحقوقي ….ولما لم تكمل المجموعة شهرها الأول حتى ظهرت همتها العالية في النزول إلى الميدان والعمل على تحقيق ما تيسر من أعمال تطوعية في المجتمع السملالي ، ولما كانت بحاجة ماسة إلى إطار جمعوي لضبط أعمالها ، ولطمأنة المحسنين، ارتأت أن تتبنى عدة جمعيات أعمالها التطوعية ، حيث توجهت في بداية الأمر إلى طلبة العلم ، وليس جزافا ولا اعتباطا أن كانت جمعية دار الطالب أول المستفيدين ،ليتحقق في لحظة جد وجيزة بفضل هؤلاء الشباب ما تعذر تحقيقه في أشهر وسنوات – وإننا في هذا المقام ننوه بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها القيمون على دار الطالب – ثم جاء دور المدارس العتيقة خاصة مدرسة تزموت ومدرسة توغزيفت العتيقتين ، ثم تلا ذلك دعم مبادرة محاربة الأمية التي تبنتها جمعية دعم التمدرس ، وأشرفت عليها لجنة المرأة السملالية ، التي نوجه لها خالص الشكر والتقدير الكبير على تضحياتها ، حتى افتتحت عدة مراكز لمحاربة الأمية بين نساء القبيلة.

وليس اعتباطا أن توجهت جميع المبادرات في أول الأمر إلى العلم والتعلم ، ذلك أن هذه القبيلة قبيلة علم وصلاح ، قبيلة سيدي عبد الرحمن بن عفان الجزولي التوغزيفتي ، سيدي نعمان بن فطاسين التوغزيفتي ، وسيدي عبد الله بن يعقوب التزموتي وسيدي سعيد أكرامو التزموتي ، وسيدي الحسن الگوسالي ، وسيدي علي الگوسالي ، وسيدي إبراهيم العباسي ، ولالة تعزة ، و سيدي أحمد بن موسى ، وغير هؤلاء كثير.

وبعد هذا وغيره من المبادرات ، رأى هؤلاء الشباب أن يؤسسوا جمعية تحمل إسم “جمعية أبناء إداوسملال” التي جعلت من أهدافها خدمة هذه المنطقة على جميع الأصعدة والمستويات ، بما تسمح به الإمكانيات وحسب الأولويات ، ولا أدل على ذلك من اعتناء هذه الجمعية بالإنسان في المقام الأول ، وهاهي اليوم تستعد لتنظيم قافلة طبية لاستكمال مسيرة البناء ، بناء الإنسان علميا ، وصحيا ، ثم ما قد يتلو ذلك في مرحلة قادمة من ترميم البنيان.

إن هؤلاء الشباب يعملون بحكمة بالغا، ويعملون قول الحق سبحانه “إقرأ”، وإن هذه العادات الجيدة المكتسبة في سن هؤلاء الشباب ستصنع الفارق حتما ، فارتقبوا.

* رئيس جمعية شباب توغزيفت، وباحث في قضايا التربية والتكوين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *